الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة الروسي سافرونوف.. جاسوس لدولة في الناتو أم بطل شعبي؟

صدى البلد

قصص الجاسوسية لا تنتهي، وما تكاد تختفي؛ حتى تعود مجددًا وتلفت الأنظار، ونادرًا ما يكون الدب الروسي بعيدًا عن سطور تلك الحكايات.

وقصتنا اليوم في روسيا، فالجاسوس روسي، إيفان سافرونوف، مستشار رئيس شركة الفضاء الروسية "روسكوسموس" المتهم بالخيانة العظمى والتجسس لصالح دولة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والذي تضعنا قصته في مفارقة تبدو عجيبة، فهو إن لم يكن جاسوسًا، فإنه سيكون بمثابة بطل شعبي في روسيا، ومثالا على مواجهة الاستبداد- بحسب تعبيرات المعارضين- وربما نفاجأ بما هو أكثر، أن نسمع عنه الأمرين معا.

الشرطة السرية الروسية، ألقت القبض- أمس الثلاثاء- على المراسل السابق الذي عمل في الأشهر الأخيرة كمستشار لرئيس وكالة الفضاء الروسية، متهمة إياه بالخيانة؛ لتمرير أسرار إلى دولة عضو في الناتو.

ونشر موقع "Life News" المقرب من جهاز الأمن، مقطع فيديو، أظهر عملية إلقاء القبض على "سافرونوف" من أحد شوارع موسكو المورقة، في سيارة رمادية، من قبل ضباط يرتدون ملابس مدنية، في خدمة الأمن الفيدرالية، أو FSB، الذراع المحلية لجهاز المخابرات الذي كان يُعرف في العصر السوفييتي باسم KGB.

وقالت الشرطة السرية إن سافرونوف يشتبه في أنه يعمل في خدمة المخابرات في دولة غير محددة في الناتو، ومرر معلومات سرية عن التعاون العسكري الفني والدفاع وأمن الاتحاد الروسي.

لكن هناك تساؤلات بشأن المعلومات التي يمكن أن يكون سافرونوف قد نقلها، فقد بدأ العمل فقط في "روسكوزموس" في مايو الماضي، وقبل ذلك عمل صحفيا لأكثر من عقد من الزمان، وكان يحظى باحترام كبير في وكالة "كوميرسانت" الروسية من ثم "فيدوموستي" وكلاهما صحف مملوكة للقطاع الخاص دون أي إمكانية لوصول واضح إلى أسرار الدولة.

وقالت "روسكوسموس" الثلاثاء، إن مستشار رئيس الشركة المتهم بالخيانة العظمى، لم يكن لديه إمكانية الوصول إلى البيانات السرية، وأن الاتهامات الموجهة إلى سافرونوف لا تشمل عمله بها.

وجاء في بيانها: "يفيد المكتب الصحفي لشركة روسكوسموس الحكومية بأن السلطات الأمنية، احتجزت اليوم مستشار المدير العام لشركة "روسكوسموس" الحكومية، إي. إي. سافرونوف، المتهم بموجب المادة 275 من القانون الجنائي لروسيا الاتحادية (خيانة الدولة العظمى)".

ويمكن أن تصل العقوبة إلى 20 سنة في السجن. وتم فتح قضية جنائية. في الوقت نفسه، كما أوضحت السكرتيرة الصحفية لمحكمة ليفورتوفو كسينيا بيرفوفلاسينكو، لا يزال سافرونوف يتعامل معه كمشتبه به. وفي المستقبل القريب سوف ينظرون في مسألة اعتقاله.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن هناك غضبًا واسعا من قبل الصحفيين الذين اعتبروا أن قضية سافرونوف مثالا جديدا على تجاوز الأجهزة الأمنية في حق الصحفيين، الذين تجمعوا والسكان العاديون في مجموعات صغيرة خارج مقر القوات الفيدرالية للاحتجاج على الاعتقال. واحتُجز عدد منهم لحملهم لافتات دعمًا لسافرونوف.

ويقول المحتجون على اعتقال سافرونوف إنه جاء انتقاما منه، بسبب مقالات كتبها في السابق، حيث كانت كتاباته "محرجة" للجيش الروسي" حيث تكشف عن صفقات تسليحية غير معلنة، وعلى سبيل المثال، حذفت صحيفة "كوميرسنت" في 2019، مقالا له بعد اتهامات بالكشف عن أسرار دولة، وبعد دفعه للاستقالة من الصحيفة، أصبح مستشارًا لمدير "روسكوسموس"، ديمتري روجوزين.

وحتى الصحفيون المعروفون بولائهم، المتحمسين للسلطات، عبروا عن قلقهم. وغردت مارجريتا سيمونيان، رئيسة تحرير شبكة تلفزيون "روسيا اليوم" الممولة من الكرملين، قائلة:"سيكون من الجيد الحصول على شرح لما يُتهم به سافرونوف بالضبط - عمل صحفي للأجانب أو عمل مباشر لخدمات خاصة أجنبية. هناك فرق كبير".

ونشر فريق تحرير صحيفة "كوميرسانت" أيضًا رسالة دعم له منددا باتهامات "عبثية" بحقه. وأشاد بـ"أحد أفضل الصحافيين في البلاد" واصفًا إياه بأنه "مهني" و"وطني فعلًا".

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه "يشتبه بأن يكون سافرونوف نقل معطيات سرية إلى أجهزة استخبارات أجنبية". مؤكدا أن توقيفه، لا علاقة له بنشاطه الصحفي.

وحتى الآن، لم تتضح الصورة كاملة، لكن بالطبع ستكون هناك الكثير من التطورات خلال الأيام المقبلة، خاصة وأن الأمر إن لم يكن انتقاما من صحفي مزعج، فإنه يتعلق بدولة في حلف الناتو.