الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: المرأة والمجتمع المدني

صدى البلد

معظم منظمات المجتمع المدني في منطقتنا يغلب عليها الطابع الذكوري ومعظمها يتم إدارته من قبل الرجال مع بعض الاستثناءات القليلة التي يتم فيها توكيل المرأة لإدارة منظمة ما وبالأغلب يكون وراء الستار رجل يتحكم بالمنظمة، وهنا المرأة ليست سوى واجهة شكلية للمنظمة يتم فيها استغلالها بشكل أو بآخر. القضية الكبيرة التي نعاني منها هي أنه إلى الآن لم نستطع نحن النسوة إقناع أنفسنا بأننا قادرات على إدارة أية منظمة كانت أو مؤسسة وهذا يرجع إلى النمطية التي تربينا عليها وهي أن المرأة ليست كاملة وكثيرة النسيان وبأفضل حالاتها قليلة عقل وناقصة دين.


صورة تم رسمها لنا من قبل المجتمع الذكوري ولكن بصبغة دينية كي يتم تشريعها وكأنها منزلة من السماء ولا دخل للرجل فيها، وما على المرأة إلا الطاعة العمياء لهذا المعتقد الذكوري والإيمان به والرضوخ له طالما أن مرجعه من السنة أو اجماع الفقهاء أو غيره من المصادر المجهولة.


السؤال الذي يطرح نفسه بكثرة هل المرأة كذلك بالفعل؟ أم أن وراء هذه التقربات والمفاهيم سلطة ذكورية تسعى للسيطرة على المجتمع من خلال أصغر خلية فيه ألا وهي العائلة أو الأسرة. مع أنه للمرأة الدور الرئيس في إدارة العائلة وتسيير أمورها وشئونها من أصغر شيء فيها إلى أكبره.


وبالنظر إلى التاريخ الذي لم نزل نبحث بين رماله علَّنا نجد قشة نتمسك بها لنؤكد للعالم أنه كنا أصحاب حضارة ومدنية عمَّرت آلاف السنين، وأن المرأة في تلك الحضارات والمدنيات كان لها كلمتها ومكانتها وحتى أنها كانت الآلهة المحورية في المجتمع. ما الذي حصل حتى انزلقت المرأة نحو الحضيض وبات لا يؤتمن لها وأنه عليها فقط طاعة الرجل بشكل أعمى وأن لا ترفض له أي نزوة ونشوة وشهوة وسلطة. ألهذه الدرجة يمكن الحط من شأن المرأة فقط وفقط من أجل التأكيد على أن الرجال قوّامون على النساء وشرح الآية وفق ما يفهمه الرجل وسلطته الأبدية والتي لا يمكن لأحد انتزاعها منه.


ولكن المشكلة كانت في الرجل وقت ما ولكن الآن ونحن نعيش القرن الحادي والعشرون ورغم هذا التطور التكنولوجي والتقني والمعلوماتي الكبير ورغم أننا ندَّعي تحول العالم إلى قرية صغيرة، إلا أن العقلية النمطية الاقصائية ما زالت هي هي لم تتغير. وأن المرأة ما زالت مقتنعة بأن هذا هو قدرها وعليها قبوله وأن الجنة تحت أقدامها كما يقال.


هنا كيف لنا أو ما هي الآلية التي سنستخدمها لإخراج المرأة من هذه الحالة وإقناعها بأن الوضع الذي تعيشه ليس مقدرًا عليها وأنه بمقدورها أن تطور من ذاتها ووعيها وإدراكها وبمقدورها أن تكون مسؤولة منظمة وتديرها بكفاءة كبيرة وربما أفضل من الرجل المغرور الذي اقتنع بأنه هو فقط من يستطيع أن يكون القائد.


منظمات المجتمع المدني يتم بناؤها لتكون صلة الوصل أو الجسر الذي تلعبه ما بين مؤسسات الدولة والمجتمع الطبيعي الذي لا يمتلك أدوات المعرفة، لمعرفة حقوقه وواجباته. هنا يكون لمنظمات المجتمع المدني الدور الكبير في تقريب وجهات نظر طرفي الصراع وإذلال هذه التقربات لبناء مجتمع متكامل وعادل وواع لما هو مطلوب منه أو حقوقه. 


والمجتمع الذي يفتقد منظمات المجتمع المدني يكون مجتمعا نمطيا يعيش بلا هدف واتكالي ولا يعرف وجهته إلى أين وتائه في خضم الفوضى التي نعيشها والتي تضرب أمواجها كافة عناصر المجتمع من دون استثناء.


المرأة الواعية والمدركة لذاتها والتي لا تقبل بالخنوع لأي سلطة قهرية كانت بمقدورها أن تكون هي رائدة هذا العمل الشاق وخاصة في منطقتنا لأنه إلى الآن لا الدولة تقبل بوجود مثل هذه المنظمات وتسعى هي لإنشائها ولا المجتمع يثق بها. كيفية تحقيق التوازن هذا ربما تقع مسؤوليته على المرأة بحد ذاتها. أي أن أمام المرأة دوران تقوم بهما. دور تعمل على تحرير ذاتها من براثن العقلية السلطوية وغبار القدرية وكل شيء مكتوب وتثور على هذا الواقع، ومن جهة ثانية تعمل على تخليص مجتمعها من حالة اللامبالاة التي يعيشها ليكون مجتمعا منتجا بمقدوره حماية نفسه أمام أية هجمات كانت.