أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها مبدأ الإقليمية .
جاء في حيثيات الحكم أنه إنَّ نصوصَ الموادِ من ٢٨ حتى ٣٥ من قانون المرافعات - التي ترسمُ حدودَ الاختصاصِ القضائيِّ الدوليِّ للمحاكم ِالمصريةِ – تدلُ على أنَّ أحكامَ هذه الموادِ تقومُ علي المبدأ العامِ السائدِ في فقهِ القانونِ الدوليِّ الخاصِ ، وهو أنَّ الأصلَ في ولايةِ القضاءِ في الدولةِ هو الإقليميةُ ، ومنْ ثَمَّ تتحددُ هذه الولايةُ وفقًا للضوابطِ والقواعدِ المنصوصِ عليها في هذه الموادِ باعتبارها المرجعَ في تحديدِ اختصاصِ المحاكمِ المصريةِ .
والمخالفةُ في هذا المقامِ لا تتصلُ بمخالفةِ قواعدِ الاختصاصِ النوعيِّ أو القيميِّ أو المحليِّ ، ولا بالاختصاصِ الولائيِّ أو الوظيفيِّ ، الذي يقصدُ به توزيعُ الاختصاصِ بين الجهاتِ القضائيةِ المختلفةِ التي لها ولايةُ الفصلِ في المنازعاتِ داخلَ الدولةِ ، وإنَّما تتعلقُ المخالفةُ في هذا الخصوصِ بتجاوزِ المحكمةِ حدودَ سلطتِها بالفصلِ في نزاعٍ يخرجُ عن ولايتِها ولا يدخلُ في اختصاصِ أو ولايةِ أيةِ جهةٍ من جهات القضاءِ الوطنيِّ ، لخروجِه عن ولايةِ السلطةِ القضائيةِ في الدولةِ.
ولذلك حرصَ المشرعُ على جعْلِ قواعدِ الاختصاصِ القضائيِّ الدوليِّ للمحاكمِ المصريةِ الواردةِ في الموادِ المشارِ إليها تتعلقُ بالنظامِ العامِ ، وذلك بالنصِ في المادةِ ٣٥ من قانونِ المرافعاتِ علي أنَّه " إذا لم يحضرِ المدعى عليه ولم تكنْ محاكمُ الجمهوريةِ مختصةً بنظرِ الدعوى طبقًا للموادِ السابقةِ تحكمُ المحكمةُ بعدمِ اختصاصِها من تلقاءِ نفسِها " ، ممَّا مؤداه ، أنَّ انعقادَ الاختصاصِ للمحاكمِ المصريةِ بنظر الدعوى يُعتبرُ مسألةً أوليةً يجبُ علي المحكمة التصدي لبحثها من تلقاءِ نفسِها ، وتُعَدُّ هذه المسألةُ قائمةً ومطروحةً دائمًا في الخصومة لتعلقها بالنظام العام ، ومن ثم يجوزُ لمحكمةِ النقضِ التصدي لها من تلقاءِ نفسِها ، ذلك أنَّ الحكمَ الصادرَ في خصومةٍ تخرجُ عن ولايةِ المحاكمِ المصريةِ لا يكتسبُ أيَّةَ حصانةٍ ولا تكونُ له حرمةٌ ولا حجيةٌ في نظرِ القانونِ .