الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حنان إبراهيم تكتب: صمت الضحايا

صدى البلد

إن ظاهرة التحرش التي تطل علينا بين حين وآخر وفي كل مرة السيناريو مختلف، والقصة مختلفة، ولكن جميع القصص تشترك في أن الجاني إما أن يفلت من العقاب؛ لعدم إبلاغ المتحرش بها عنه؛ خوفًا من أهلها ومن نظرة المجتمع لها، أو خوفًا من تهديد المتحرش لها، وإما لأن العقوبة القانونية ليست كافية لردعه، وبالتالي يتمادى في تصرفه هذا.

 إن ظاهرة التحرش تنذر بوجود خلل في المجتمع من عدة جوانب:
أولًا: من جانب الأسرة لأنها اللبنة الأولى للمجتمع، حيث أصبح الهم الأول للآباء هو التربية الجسمانية للأبناء، وتم إهمال الجانب الأخلاقي والديني، هذا الجانب الذي يعتبر صمام الأمان ضد أمراض القلوب، ونزعات الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن" " رواه الترمذي"، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في الحديث أن أفضل ما يعطيه الأب لابنه الملبس أو المطعم الحسن، بل قال الأدب والأخلاق، فلما غفل الآباء عن هذا المعنى شاهدنا ظاهرة التحرش من أبناء الطبقة الراقية الذين لا ينقصهم شيء من متطلبات الحياة سوى الأدب الذي أشار إليه المصطفى في حديثه، كما أن أغلب الأسر في مجتمعنا الشرقي لو تعرضت الفتاة للتحرش يتعاملون مع الأمر بنظرية" دفن الرأس في الرمال كالنعام"، فيقومون بالتكتم على الأمر؛ خوفًا من الفضيحة، وبل ويصل الأمر في بعض الأحيان أنهم يلقون باللوم والاتهام للبنت على الرغم من أنها المعتدي عليها!.  

ثانيًا: من جانب الإعلام، فالمادة الإعلامية التي تبث عبر وسائل الإعلام المسموع والمرئي أصبحت تهتم بنسبة المشاهدة العالية، فأصبحنا نرى مادة إعلامية تثير الغرائز، حتى في الإعلان عن المنتجات أصبح الإعلان يحمل إيحاءات جنسية، بالإضافة إلى أن تناول الإعلام لقضايا التحرش بطريقة خاطئة في بعض الأحيان تجعل الفتاة تُعرض عن الإبلاغ عن المتحرش؛ خوفًا من التشهير الإعلامي بها، قال تعالى:" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون" "النور 19".

ثالثًا: من جانب القانون حيث لا توجد عقوبة رادعة للمتحرش حتى يكون عبرة لغيره ممن تسول لهم أنفسهم الاعتداء على الأعراض، فعقوبة المتحرش الحبس مدة ستة أشهر وغرامة ثلاثة آلاف جنيه، أما على أقصى تقدير فهي الحبس من سنتين لخمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، وكما يقولون" من أمن العقاب أساء الأدب ".

  رابعًا: من جانب المجتمع فنظرة الاتهام التي يوجهها المجتمع للفتاة على الرغم من أنها الضحية تجعلها تسكت ولا تقوم بالإبلاغ عما تعرضت له، فالبعض يتهمها بأنها السبب لأنها تثير غرائز الشباب المكبوت بملابسها الضيقة، أو بالمكياج الذي تضعه إلى غير ذلك، فما قولكم في   أن بعض الفتيات تعرضن للتحرش بل والقتل في سن الطفولة مثل" طفلة البامبرز"،" والطفلة زينة" فهل كان هؤلاء الأطفال يرتدون ملابس أثارت المتحرش!، كما أن بعض النساء تعرضن للتحرش وهن في عقر بيوتهن عن طريق" التحرش الإلكتروني".

إذا كنا نريد فعلًا القضاء على التحرش فيجب على الجميع أن يقف بشجاعة أمام مسئوليته، بداية من الأسرة التي يجب عليها أن تدعم الضحية وأن تقوم بالإبلاغ فورًا عن المتحرش حتى يأخذ عقابه، وحتى يكون عبرة لغيره، كما أن عليها الاهتمام بالجانب التربوي للبنات فتلتزم الفتاة بالزي الشرعي كي لا تعطي المتحرش"شماعة" يعلق عليها انحلاله الأخلاقي، والاهتمام بالذكور بتوعيتهم الدينية وتحصينهم من أمراض القلوب، وكذلك على الدولة وضع قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذا الفعل المحرم، كما أن عليها مراقبة المادة الإعلامية التي تقدم للمجتمع . 
وأخيرًا رسالتي للفتاة قومي بالإبلاغ لو تعرضتي لتلك الجريمة ولا تخافي فأنت الضحية لا الجاني، اخرجي حبيبتي من دائرة" صمت الضحايا".