الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإفتاء: هذا الشخص يكره له صيام يوم عرفة

صيام يوم عرفة
صيام يوم عرفة

ورد في صيام يوم عرفة العديد من الأحاديث ويستحب صومه لغير الحاج باتفاق الفقهاء، ويكره لمن يؤدي الحج، ورَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». أخرجه مسلم.

وكره فقهاء صيام يوم عرفة للحاج، واختلف الفقهاء في حكم صيام الحاج ليوم عرفة، والسبب في استحباب الفطر في يوم عرفة لِمن كان يؤدي ركن الوقوف بعرفة أن الحاج يتقوى بفطره على الطاعة والدعاء، لأن الصيام قد يسبب له التعب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- فطر يوم عرفة، قالت لبابة بنت الحارث: «أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ في صَوْمِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ وهو واقِفٌ علَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ».

صيام يوم عرفة عند الفقهاء
ذهب الحنفية والمالكية إلى كراهة الصوم للحاج في يوم عرفة، وقيد الحنفية الكراهة بشرط أن يُضعِف الصومُ الحاجَّ، أما الشافعية فذهبوا إلى جواز صيام عرفة لمن يؤدي الحج مشترطين أن يكون الحاج من المقيمين في مكة، وذهب إلى عرفة في الليل، أما إن كان ذهابه إلى عرفة من مكة في النهار فصيامه مخالف للأولى، بينما يُسن الفِطْر للمسافر مُطلقًا عند الشافعية، أما الحنابلة فيرون أنه يُستحَب عندهم أن يصوم الحاج يوم عرفة، إلا أنهم اشترطوا أن يكون وقوفه في عرفة في الليل، وليس في النهار، فإن وقف فيه في النهار فصومه مكروه. 

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة، ومكروه بالنسبة للحجاج، مشيرة إلى أن صوم العشر الأوائل للحاج مستحب.

وقالت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «ما حكم صيام يوم عرفة للحجاج؟»، إنه ذهب جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج ولو كان قويًا، وصومه مكروه له عند المالكية والحنابلة وخلاف الأولى عند الشافعية.

واستدلت بما روت أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ». أخرجه البخارى، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ».

الحكمة من كراهية صوم يوم عرفة للحاج
وأوضحت أن الحكمة فى كراهة صوم يوم عرفة للحاج، قيل؛ لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزوّاره، وقال الشافعية: "ويسنّ فطره للمسافر والمريض مطلقا، وقالوا: يسنّ صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلا؛ لفقد العلة"، وذهب الحنفية، إلى استحبابه للحاج أيضا إذا لم يُضعِفه عن الوقوف بعرفات ولم يخل بالدعوات، فلو أضعفه كره له الصوم.

فضل صيام يوم عرفة 
يوم عرفة له فضائل كثيرة منها: أولًا: أن يوم عرفة أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل- : «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ» [سورة التوبة : 39]. والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب ويوم عرفة من أيام ذي الحجة.

ثانيًا: يوم عرفة أحد أيام أشهر الحج قال الله - عز وجل-: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ» (سورة البقرة: 197) وأشهر الحج هي: شوال، ذو القعدة ذو الحجة، ثالثًا: يوم عرفة هو أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه قال الله - عز وجل-: «لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ» (سورة الحج:28)، قال ابن عباس –رضي الله عنهما: الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة.

رابعًا: وأقسم لله تعالى بيوم عرفة لأنه أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبهًا على عظم فضلها وعلو قدرها قال الله - عز وجل-: «وَلَيَالٍ عَشْرٍ» [سورة الفجر:2]، قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: إنها عشر ذي الحجة قال ابن كثير: وهو الصحيح.

خامسًا: يوم عرفة يتميز بأنه أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».

سادسًا: أكمل الله تعالى في يوم عرفة الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: إن رجلًا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا» (سورة المائدة:5)، قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

سابعًا: صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، فقد جاء الفضل في صيام هذا اليوم على أنه أحد أيام تسع ذي الحجة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها فعن هنيدة بن خالد-رضي الله عنه- عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين»، كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم في الصحيح وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.

ثامنًا: يعد عرفة يوم العيد لأهل الموقف -الحجاج- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ يومَ عرفةَ ويومَ النَّحرِ وأيَّامَ التَّشريقِ عيدُنا أَهْلَ الإسلامِ، وَهيَ أيَّامُ أَكْلٍ وشربٍ» (رواه أبو داود).

تاسعًا: عظمّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من فضل الدعاء يوم عرفة،  كما روي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: «لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» رواه الترمذي (3585).


عاشرًا: إن الله تعالى يعتق الكثير من النار في يوم عرفة، فروت السيدة عَائِشَةُ -رضي الله عنها- أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ الله فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ». رواه مسلم (1348).

الحادي عشر: يباهي الله تعالى  بأهل عرفة أهل السماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السَّماءِ، فيقولُ لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا » (رواه أحمد).

الثاني عشر: إنه يشرع في يوم عرفة التكبير، وذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين: التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة قال ابن حجر –رحمه الله-: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى»، وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما، والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى لا جماعة.

الثالث عشر من فضائل يوم عرفة أن فيه ركن الحج العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» متفق عليه، ويوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اسم للموقف الذي يقف فيه الحُجَّاج، وحدود عرفة مكانيًّا تكون من الجبل الذي يُطِلّ على بطن عُرَنَة، ويشمل الجبال المقابلة، ويمتدّ إلى ما يَلي حوائط بني عامر، ولا يتمّ الحَجّ إلّا بالوقوف فيه.