الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.هبة شفيق تكتب: الوداع في دعاء وجداريات

صدى البلد

عندما يعيش الإنسان زاهدا في دنياه، يعمل ليوم لقاء رب كريم، يقضي عمره في فعل الخير، يفني صحته ووقته في خدمة الفقراء، تملأ الرحمة قلبه، لا يطمع في قصور وسيارات فارهة أو مكان عمل فخم بأحدث التجهيزات، يكتفي بالمشي على قدميه في سعيه لتشهد الطرقات فرحة مرور إنسان يؤمن بأن الإنسانية أفعال وليست مظاهر، وأن الإيمان بكرم الله أعظم يقين، ما الذي يعيبه؟

جاءت وفاته تحمل في طياتها انتقاضات وتنقضات حملتها نفوس البعض تجاهه، ردود أفعال أظهرت الكثير من المعاني والحكم، وفضحت ما في صدور الناس، فمن أحبه وتعلق بنفسه الطاهرة وروحه الطيبة النابعة من نواياه الحسنة وبيئته وخلفيته البسيطة، لم يكف عن الدعاء له بالرحمة وأن يسكنه الله الفردوس الأعلى، وعلى جانب آخر قلة قليلة أعابت فيه، ولا نذكر إلا ما يرضي الله.

إذا كان الحكم على الإنسان بالمظهر، فصاحب المظهر المتواضع قليل الشأن في المجتمع، غير جدير بالاحترم، جاهل وغير جدير بالثقة، أبدا والله. كل إنسان خلال تطوره الروحي ومسيرة حياته يبحث عن رسالته في الحياة، الرسالة النابعة من شغفه، تحددها خلفيته الثقافية والاجتماعية بالاضافة إلى البئية التي يخدمها، بكونه فرد فاعل فيها ومؤثر بها. وفي المقابل، فالمنطق يقول أن أي إنسان يريد خدمة ما يذهب لما يناسبه على الجانب المادي أو الاجتماعي، وبالتالي لديك حرية الاختيار في الذهاب لعيادة فخمة وكشفيه مرتفعة أو عيادة متواضعة برسوم رمزية. فما بالك بالفقراء هل تتاح لهم رفاهية الاختيار بين مستويين للخدمة؟

أتذكر أنني في فترة ذهبت لأطباء من ذوي الأسعار الفلكية، حيث تتوقع أنك ستتلقى معاملة فندقية ذات الخمس نجوم، الحجز قبلها بشهر ونصف  على الأقل، تذهب فتصدم بضيق مساحة الصالة المخصصة للانتظار بخلاف سوء المعاملة. في أحد العيادات لم أدخل في الميعاد المحدد عند الحجز، انتظرت ثلاث ساعات بالطرقات، الطبيب يرتدي بدلة راقية وساعة ثمينة، مظهره مثل باشاوات عصر الملكية، لا ينظر إلى أى تحليل ولا أشعة، ولا يريد أن يستمع لأحد من الأساس، تعالي لم أراه لدي أي شخص، معاملة سيئة من الطبيب و المساعد. إذًا، هل الذهاب لعيادة فخمة من أجل الحصول على العلاج المناسب أتى بنتجة؟ الإجابة: لا على الإطلاق.

خلاصة الكلام؛ فقط الحب هو اللغة التي تسيطر على الموقف، هو شخص عادي ظهر فجأة، ليمتلك شهرة وحب واحترام في العالم العربي، تُوج أميرًا على قلوب الشعوب، لتغزو الدعوات له بالرحمة كل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ويُكرم اسمه في وقف خيري، وتتلون الأسوار بجداريات الحب في سوريا والجزائر والمغرب وغيرها من الدول، لتظل شاهدة على أن فعل الخير وتقوى الله لا يضيعان مهما طال العمر، وتحكي قصة تُلهم الأجيال.

شكرا طبيب الغلابة ووحدتنا على مبدأ "كلما أعطيت بلا مقابل، كلما رزقت بلا توقع".

رحمة الله عليك دكتور محمد مشالي.