الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنان في مفترق طرق.. هل يفتح انفجار بيروت الباب أمام تغيير حقيقي؟ الشارع يخوض معركة طاحنة مع الفساد والطائفية.. وحزب الله مهدد بفقدان كل مكاسبه

انفجار مرفأ بيروت
انفجار مرفأ بيروت

  • حسان دياب يعترف أن الفساد في لبنان أكبر من الدولة
  • اللبنانيون يرون انفجار بيروت باعتباره إرث عقود من المحسوبية والطائفية
  • استقالة حكومة دياب ضربة لحزب الله


لدى العديد من اللبنانيين قصصًا تكشف كيف نجوا من انفجار مرفأ بيروت، الأبشع في تاريخ البلاد، لكن قصة النجاة الأعظم لم تُكتب بعد؛ قصة نجاة لبنان نفسه من كارثة جديدة.


إذاعة "فويس أوف أميركا" الأمريكية رأت أن الكوارث ليست غريبة عن لبنان، فبعد حرب أهلية استغرقت 15 عامًا كان على لبنان التقاط أنفاسه وإعادة بناء نفسه من جديد، لكن الطريق أمام بلد كان بالفعل غارقًا في أزمة اقتصادية وسياسية وجودية حتى قبل أن يمزق الانفجار عاصمة البلاد لطالما كان ضبابيًا ومحفوفًا بالمخاطر.


وأضافت الإذاعة أن استقالة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب وحكومته أعادت مستقبل البلاد بلا مواربة إلى أيادي "الزعماء"، أي زعماء طوائف لبنان البالغ عددها 18 طائفة، والتي تتقاسم السلطة ومناصبها فيما بينها.




وحتى قبل الانفجار، لم يقدم الزعماء أي حلول للانهيار الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان، ولا أي استراتيجيات لتحسين الخدمات العامة أو سد فجوة الثقة بين المواطنين الذين بلغت معاناتهم ذروتها ونفد صبرهم بشكل واضح وبين مؤسسات الدولة المحتضرة الفاسدة.


ونقلت الإذاعة عن الباحثة بمعهد الولايات المتحدة للسلام منى يعقوبيان قولها: "ليس من قبيل المفاجأة أن يتنامى الغضب في أوساط اللبنانيين العاديين الذين ينظرون إلى الانفجار من منظور سنوات من الفساد الحكومي وانعدام الكفاءة. يرى الكثير من اللبنانيين الانفجار باعتباره الإرث الأكثر مأساوية وتدميرًا لعقود من المحسوبية المتجذرة في نظام الحكم الطائفي في لبنان".


ويرى العديد من المحللين أن لبنان لا يمكن أن يتغير حتى يتم استبدال منطق حكم العشيرة بسيادة القانون، لكن رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب نفسه اعترف بصعوبة هذا الأمر، وأقر بأن حجم الفساد فاق حجم الدولة نفسها.


وتتعالى في لبنان الدعوات إلى انتخابات نيابية مبكرة، لكن الإعداد لها وحده قد يستغرق عامًا، أما التحدي المباشر القريب فهو تشكيل حكومة كفاءات تكنوقراطية، وهي مهمة ليست بالسهلة، فحكومة دياب المستقيلة كانت حكومة تكنوقراط ولم تحظ بقبول كبير في الشارع، وكان واضحًا منذ تشكلت في يناير الماضي أنه لن يُسمح لها بإنجاز أي تغيير كبير أو تحقيق أي نجاح.


وقال مدير معهد الشرق الأوسط الأمريكي للدراسات بول سالم إن زعماء الطوائف كانوا يأملون، وبالواقع كانوا يسعون إلى، فشل حكومة دياب كي تقتنع جميع الأطراف في الداخل والخارج أنهم هم وحدهم من يقدرون على الحل والعقد في لبنان، لكن مع رحيل حكومة دياب تبدأ الخلافات بالتصاعد بين زعماء الطوائف وكل منهم يكافح لفرض إرادته.


وأضاف سالم: "بالنظر إلى الانهيار والإفلاس، فإن الدولة بحاجة ماسة إلى الدعم الخارجي، ولذا فهي لحظة يتمتع فيها المجتمع الدولي بنفوذ على الداخل، وسيبدأ المجتمع الدولي بمساومة اللبنانيين بمنطق يمكننا مساعدتكم ولكن عليكم التغيير أولًا، عليكم ان ترشحوا قادة جددًا وأن تطبقوا إصلاحات حقيقية، لبنان مفلس وبيروت مدمرة ولذا فإن زعماء الطوائف هم بالتأكيد في مأزق، وهي لحظة يمكن فيها الاستفادة من النفوذ الدولي لإحداث تغيير".


وتابع سالم: "من غير الواضح نوع الحكومة التي سيتم تشكيلها ومن سيقودها. أعتقد أنها ربما تضم بعض الوجوه التكنوقراطية المقتدرة، لكن لكي تنجح الحكومة الجديدة فستحتاج إلى سلطات خاصة تمكنها من تجاوز البرلمان وتجنب الوقوع في مناورات تشريعية طائفية".


وتساءلت الإذاعة عما إذا كان زعماء الطوائف سيقبلون بتقليص نفوذهم على الحياة السياسية، ولا سيما زعماء حزب الله الذي يرقى إلى أن يكون دولة داخل الدولة، وأجاب سالم بأن هذا شرط أساسي للإصلاح، وفي الوقت ذاته هو أكبر عقبة في طريق الإصلاح، فما من شيء كاف لإقناع حزب الله بأخذ خطوة للوراء، ربما باستثناء تخوف الحزب من انهيار الأوضاع بالكامل ودخول لبنان في أتون حرب أهلية جديدة يفقد معها مكاسبه التي راكمها على مدى عقود.


ويرى بعض المحللين اللبنانيين أن حزب الله تلقى ضربة موجعة بالفعل باستقالة حكومة حسان دياب تحت ضغط الشارع، فهي في النهاية الحكومة التي أفرزها النظام السياسي الذي يتمتع حزب الله بالنفوذ الأكبر عليه ولعب الدور الأكبر في تشكيلها، فيما يحمل آخرون حزب الله مسئولية انفجار مرفأ بيروت، مع وجود شواهد تفيد بأن حريقًا صغيرًا نشب في مستودع أسلحة تابع للحزب هو ما أدى إلى الانفجار الكبير.


ويقول محللون لبنانيون أيضًا إن حزب الله يتبنى استراتيجية الانتظار والترقب بشأن تشكيل حكومة جديدة من أجل قياس مدى الضغط الذي يستعد المجتمع الدولي لممارسته على الرئيس ميشال عون، حليف حزب الله.