الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد مصطفى يكتب: بليغ قلبي وليس بليغ حمدي

صدى البلد




عندما أتذكر أسماء كانت لها الفضل في صناعة الأغنية قديما وتشكيل الهوية المصرية  أمثال " ذكريا أحمد ، بيرم التونسي ، رياض السنباطي ، أحمد رامي ، محمد عبدالوهاب، عبدالرحمن الأبنودي ، بليغ حمدي" تكاد تدمع عيناي من فرط المتعة والسرور من ناحية وحسرة على زمن الفن الجميل وما وصلنا إليه من ناحية آخرى  
ولكن دعوني أحدثكم قليلا عن الأخير..بليغ حمدي..نعم انه بليغ قلبي هذا أبسط تعبير عن ما فعله بليغ بالمصريين، جعل قلوبنا جميعا تنبض وتتراقص بفنه وألحانه أو بالأحرى بليغ سرق قلوب المصريين بأنغامه. 

"أهل الحب صحيح مساكين" الحب عند بليغ له مذاق أخر فموسيقاه تقطحم الطريق إلى القلب خاطفة أجمل المشاعر الإنسانية لترويها 
الشجن وتهديها الحنان  وتسافر بك إلى ألف حكاية وحكاية، فبليغ روانا الحب قبل أن نعرفه فمن فينا يسمع الف ليلة وليلة، الحب كله،الهوى هوايا،أنا بعشقك..الخ ولم تهتز مشاعره وينتفض قلبه بكل صفات الحب ولو كان جماد. 

 "كان لك معايا أجمل حكاية" بدأت حكاية بليغ مع أم كلثوم من عند الموسيقار الفذ محمد فوزي عندما سمع أغنية من ألحان بليغ وكلمات الشاعر عبدالوهاب محمد مطلعها يقول " حب اية اللي أنت جاي تقول عليه... أنت عارف معنى الحب ايه ؟! " نالت الأغنية إعجاب فوزي وفي جلسة خاصة مع  كوكب الشرق قدم فوزي بليغ حمدي للست أم كلثوم ....وأُعجبت أم كلثوم بهذا اللون الغنائي الجديد خاصة أنها كانت تريد أن تتحرر قليلا من الفكر السنباطي وكانت أغنية "حب ايه" إنطلاقة بليغ مع أم كلثوم لتكن أجمل وأروع إنطلاقة في دُنيا الفن.

الأغنية الوطنية تتسم دائما بالطابع الحماسي ولكن مصرية بليغ حمدي الطاغية حولت هذا الطابع الحماسي إلى الطابع العاطفي فيغني لوطنه وبلده وكأنها محبوباته والعكس صحيح عند الغناء للمحبوبة يغني لها وكأنها وطنه وهذا سر عبقرية بليغ حمدي، فان كنت مصريا عاشق لتراب بلدك وتسمع شادية وهي تشدو" ياحبيبتي يامصر"فيزداد عشقك وحبك،وأن كنت مغتربا وتسمع "وحشتيني يامصر" تبكي ويزداد حنينك واشتياقك، وأن كنت جنديا مدافعا عن أرضك وتسمع "بسم الله الله أكبر، فدائي ، حلوة بلادي السمرا ، عاش اللي قال" تقوى عزيمتك وتزداد إرادتك.

لم يتوقف عطاء بليغ حمدي عند الغناء فقط فقطحم عالم الإنشاد الديني وكان أجمل إقطحام شاهده التاريخ، والقصة بدأت من عند  الرئيس الراحل محمد أنور السادات ففي حفل زفاف أبنته كان حاضرا الشيخ النقشبندي وبليغ حمدي،فطلب الرئيس السادات أن يكون هناك عمل مشترك بينهم وبالرغم من تخوف الشيخ النقشبندي من الإبتهال بأستخدام الموسيقى أستطاع بليغ حمدي أن يقنعه وكانت أنشودة "مولاي"

كان لبليغ حمدي فضل كبير  على الفلكلور المصري بصحبة الخال عبد الرحمن الأبنودي القادم من ينابيع الصعيد ويحمل في ذهنه كل جميل يعبر عن قرى ونجوع الصعيد ومعهم الفنان محمد رشدي، وكان بليغ يرى دائما لأبد من الحفاظ على الذات ولا يتحقق ذلك إلا بالإهتمام بالقديم وإستطاع  أن يقدم أعمال عن الفلكلور المصري خالدة حتى وقتنا هذا ومنها " عدوية، على الرملة، مغرم صبابة،ياعيني على الولا ، سلم علي ،يابو اللبايش ياقصب" أيضا حقق بليغ حمدي نجاحا باهرا فيما يتعلق بتترات المسلسلات وموسيقى وأغاني الأفلام ومن أهم أعماله " تتر مسلسل بوابة الحلواني،تتر زمن الحلم الضائع، موسيقى وأغاني فيلم شىء من الخوف ، موسيقى وأغاني مسرحية ريا وسكينة". 

"أنساك ؟ دا كلام ؟ أنساك ياسلام ! "الخلاصة بليغ حمدي صعب نسيانه لأن أعماله بمثابة الأصالة المصرية المفحورة في قلوبنا كمصريين ، يحتاج إلى ألف كتاب وكتاب لكي نعطيه حقه، أسم على مسمى،أسمه بليغ وهو بليغ في موسيقاه وألحانه، قال عنه محمد عبد الوهاب "لما بسرح الاقي نفسي بدندن ألحان بليغ" وقال عنه عبدالحليم حافظ " بليغ أمل مصر في الموسيقى" وقالت عنه وردة " بليغ موسيقار مبدع ولكن زوج فاشل، ينسى كل شىء من أجل تقديم لحن جديد" وأنا قول عنه 
كان رئة مصر التي تنفست بها في عصره.. 
ياعم بليغ السلام إلى روحك في عليين.