الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شعر أشيب وعلامات خوف.. لماذا يتبدل سلوك الطيارين الأتراك في أجواء اليونان؟.. أردوغان دمر سلاح الجو بحملات التطهير.. ومئات المقاتلين خارج الخدمة بالتسريح والاعتقال

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

الطيارون الأتراك يهربون من المواجهة مع المقاتلات اليونانية
تركيا تستدعي طيارين قدامى لتعويض النقص الناجم عن حملات التطهير
أوامر للطيارين الأتراك بانتهاك الأجواء اليونانية لأطول فترة ممكنة
السلطات التركية تهدد بسحب رخص الطيران المدني من العسكريين القدامى حال رفضهم العودة للخدمة


لاحظ طيارو سلاح الجو اليوناني تبدلًا ملموسًا في سلوك نظرائهم الأتراك عندما كانت تجري بين الطرفين مناوشات في المجال الجوي اليوناني، إبان تعدي سفينة التنقيب التركية عروج ريس على المياه الاقتصادية اليونانية في وقت سابق من هذا الشهر.


وبحسب صحيفة "جريك سيتي تايمز" اليونانية، كانت طائرات تركية تخترق أجواء اليونان لاختبار رد فعل الأخيرة على التعديات التركية على مياهها وسمائها معًا، وعندما كانت تخرج مقاتلات يونانية للتصدي للطائرات التركية كان الطيارون اليونانيون يتمكنون من رؤية الطيارين الأتراك بوضوح داخل قمرات قيادة مقاتلاتهم.




ولاحظ الطيارون المقاتلون اليونانيون أمرين غريبين بعض الشيء؛ الأول أن معظم الطيارين الأتراك في مواجهتهم كانت تبدو عليهم علامات كبر السن، كالشعر الأشيب وتجاعيد الوجه، والأمر الثاني أن هؤلاء الطيارين الأتراك الكبار لم يكونوا يصمدون طويلًا في المناوشات، وسرعان ما كانوا يضربون قنابل مضيئة حول طائراتهم لتشتيت المقاتلات اليونانية وإفساح فرصة للهرب والنجاة بأنفسهم من أي مواجهات محتملة.


ونقلت الصحيفة عن مسئول عسكري يوناني تفسيره بأن سلوك الطيارين الأتراك ينم عن خوفهم من المواجهات، لكن الأهم من ذلك أن الدفع بطيارين أتراك كبار السن في مهام حقيقية يدل على استدعاء سلاح الجو التركي طيارين قدامى تقاعدوا قبل محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016، أو تم تسريحهم في حملات التطهير التي أعقبت الانقلاب قبل استدعائهم للخدمة من جديد نتيجة تفريغ سلاح الجو التركي من معظم طياريه الأكفاء بتهمة التآمر مع الانقلابيين.


وأضافت الصحيفة أن الطيارين اليونانيين لاحظوا خلال الأيام الأخيرة تبدلًا جديدًا في سلوك الطيارين الأتراك، فقد صاروا يناورون للبقاء لوقت أطول في الأجواء اليونانية، واستنتجت الدوائر العسكرية في أثينا أن قادة هؤلاء الطيارين الأتراك أخبروهم أن الموقف المحتدم بين أسطولي البلدين في البحر يستلزم بقاء الطائرات التركية لأطول فترة ممكنة داخل الأجواء اليونانية، حتى عندما تبدأ المقاتلات اليونانية بالتصدي لها.


وهكذا بدأ الطيارون الأتراك يكافحون ويناورون للبقاء في الأجواء اليونانية مع تجنب الاصطدام بأي ثمن مع المقاتلات اليونانية، وفي بعض الحالات رصد الطيارون اليونانيون علامات تدل على نفاد وقود الطائرات التركية في الجو، ما كان يدفع الطيارين الأتراك للبحث بشكل محموم عن أي مكان على السواحل التركية القريبة يصلح للهبوط.

ونشرت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية تقريرًا في أكتوبر الماضي سلطت فيه الضوء على التجريف الذي تعرضت له القوات الجوية التركية، جراء حملة التطهير والإبعاد والاعتقال التي طالت العاملين بها من مختلف الرتب بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو 2016.

وذكرت المجلة أن إعداد الطيار المقاتل لا يكلف مبلغًا زهيدًا، وتقدّر القوات الجوية الأمريكية تكلفة إعداد الطيار المقاتل الواحد لتشغيل مقاتلة من طراز إف 35 بـ 11 مليون دولار، فضلًا عن خبرة الطيارين الذين قضوا سنوات طويلة في الخدمة والتي لا تُقدر بثمن.

ومن هنا، فإن الدولة التي تلقي بطياريها العسكريين في السجون لا تهدر أموالًا طائلة فحسب، وإنما تهدر موردًا بشريًا لا يقدر بثمن.

وباسم السياسة، شن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكبر حملة تطهير في تاريخ القوات الجوية التركية، حيث بات الطيارون الباقين في الخدمة غير كافيين حتى لتشغيل المقاتلات من طراز إف 16 في سلاح الطيران التركي، في وقت نشب فيه خلاف بين أنقرة وواشنطن بسبب غضب الأولى من امتناع الأخيرة عن تسليمها صفقة مقاتلات من طراز إف 35، عقابًا لتركيا على شرائها منظومة صواريخ إس 400 الروسية.

وأضافت المجلة أن الرواية الرسمية التركية بشأن المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو 2016 محاطة بشكوك معتبرة، حيث شوهد جنود الجيش الانقلابيون يستسلمون بكل سهولة لعناصر الشرطة والمدنيين، وقيل إن مقاتلتين من طراز إف 16 رصدتا طائرة أردوغان في الجو ولكنهما فشلتا في استهدافها.

ويدفع بعض المراقبين بأن محاولة الانقلاب لم تكن سوى مسرحية من صنع أردوغان ونظامه، بغرض خلق ذريعة لتطهير الجيش التركي من قياداته العلمانية، وتطهير المجتمع التركي كله من أنصار رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة فتح الله جولن، والذي تتهمه أنقرة رسميًا بتدبير محاولة الانقلاب.

وأيًا كانت حقيقة المحاولة الانقلابية، فما يهم هنا أن عددًا ضخمًا من ضباط الجيش التركي قد سُرحوا من الخدمة أو اعتُقلوا، وأُحيل أكثر من 300 طيار بالقوات الجوية إلى التقاعد، ما كشف كيف كان أردوغان يعتبر الجيش تهديدًا لسلطته، لكن السؤال الآن هو: كم طيارًا تبقى بالقوات الجوية التركية؟

وفي خضم انشغال الجيش التركي بمطاردة الأكراد في شمال سوريا وتأمين حدوده من امتداد تأثير الحرب الأهلية السورية إلى داخلها، لا يبدو الوقت مثاليًا لتجريف القوات الجوية التركية إلى هذا الحد، فمن الوقائع المشهورة في هذا الصدد أن مقاتلة تركية أسقطت أخرى روسية على الحدود التركية السورية عام 2015، وكان طيار المقاتلة التركية ضمن من طالتهم حملة التطهير بعد محاولة الانقلاب.

وفي محاولة لسد الفجوة الخطيرة الناجمة عن تسريح واعتقال الطيارين، طلبت تركيا من دول عدة إرسال مدربين على قيادة المقاتلة إف 16، لكن الولايات المتحدة رفضت من جانبها، وليس من المرجح أن تستجيب أي دولة للطلب التركي لأن ذلك ينتهك قواعد تصدير السلاح الأمريكية.

وفي خطوة أخيرة يائسة، أصدرت الحكومة التركية مرسومًا هددت فيه بسحب تراخيص الطيران المدني من 330 طيارًا عسكريًا سابقًا إن رفضوا العودة إلى الخدمة في القوات الجوية لمدة 4 سنوات.