الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمود أبو حبيب يكتب: هنا رمسيس .. هنا القاهرة

صدى البلد

يلتقط المسافرون على شريط السكة الحديد من جنوب مصر إلى العاصمة أنفاسهم؛ عندما تدق أجراس الوصول أو يهمس أحدهم "وصلنا رمسيس"، ساعتها يهون التعب والعَنَت الذي لاقاه المسافرون في رحلتهم التي أتوا إليها مرغمين لقضاء مصلحة أو إتمام رحلة ما دراسية كانت أو علاجية أو غير ذلك، نظرًا لمركزية معظم المصالح وتجمعها حول محطة رمسيس، أو لسهولة الانتقال إليها عبر هذه المحطة، التي تتجمع حولها أسراب النقل المختلفة، فهي نقطة الانطلاق لاستكمال الرحلة.


وعلى حسب الوصفة التي توصف لهم "عندما تصل لرمسيس عليك أن تأخذ المواصلة الفلانية"، وبات القادمون من الجنوب لا يستطيعون الحركة إلا من خلال هذه النقطة. 


قرار السيد وزير النقل بتغيير محطة وصول الصعايدة من "رمسيس" إلى محطة "بشتيل"، يراه البعض تغييرًا للصورة الذهنية في عقول الصعايدة عن القاهرة التي تظهر ملامحها في أعينهم من خلال محطة "رمسيس"، هذا القرار الذي يعلم تداعياته القائمون على وزارة النقل، سيكبل القادمين عناء فوق عناء الرحلة الشاقة التي قطعوها، وهم الطامعون عند وصولهم لرمسيس أن يستنشقوا نسائم قاهرة المعز، مرورًا بقضاء مصالحهم ثم يعودوا من بعدها إلى ديارهم فرحين مستبشرين.


الفرحة التي يعيشها راود السكة الحديد هذه الأيام؛ نتيجة التطورات الكبيرة في هذه الخدمة، والإنجازات غير المسبوقة والتي تشهد بكفاءة وزيرها الهمام، باتت لا تروق لقلوب الصعايدة بعد هذا القرار، بعدما وقفوا منتظرين لقطار التطوير كثيرًا، ليجدوا فيه عوض السنين التي أكلها التهميش، لكن عندما وصل القطار سبقه إلى قلوب الصعايدة إحساس بالتفرقة بينهم وبين غيرهم، ليت القائمون على الأمر يجدون حلًا لقرار وجد فيه أهل الصعيد مزيدًا من العبء، الذي سيكلفهم مزيدًا من الجهد والنفقات فضلا عن الحيرة الشديدة في التحرك من مكان لا يعرفون عنه شيئا "فالغريب أعمى ولو كان بصيرًا".


وإذا كنا في الصعيد نطلق على القاهرة "مصر"، هكذا وجدنا أجدادنا لها عارفين، اعتدنا أن ندخلها من خلال بوابة "الجد رمسيس"، فبهذا القرار سنظل عند الوصول لمحطة "بشتيل" نبحث عن الوصول إلى القاهرة، وكأن الأمر صار "ترانزيت"، وهو ما يزيد عناء الصعايدة وذويهم الذين اعتادوا أن ينتظروهم على باب هذه المحطة العريقة، التي لا يكاد يعرف معظمهم غيرها، فإذا كانت مصرنا تتغير نحو الأفضل من خلال تطوير وتحديث معظم مفاصلها الحيوية؛ خدمًة للمواطن، فيجب أن نحافظ على الصورة الذهنية التي ترسبت في عقول الصعايدة حول قاهرة المعز بكل ملامحها الجميلة ومن حقهم علينا أن يظلوا يستشعرون سماع "هنا القاهرة" ويكفي أنهم عرفوا أن محطة "بشتيل" موجودة في القاهرة وليست وحدها رمسيس.