الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عسكرة العلاقات الدولية.. أردوغان يحاور العالم بالرصاص .. يضرب طوق العزلة على بلاده.. المغامرات التوسعية في الخارج تدمر الاقتصاد.. والجيش التركي يندفع إلى صدام مع قوى عظمى

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

خطاب أردوغان للعالم الخارجي مليء بالإهانات والتهديدات
القوة العسكرية خيار أردوغان الاول بديلًا عن الدبلوماسية
التوسع التركي في شمال سوريا يقترب من الاصطدام بروسيا
دعم أنقرة للإخوان يزرع عداوات متصاعدة في جوارها العربي

يتبنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابًا صداميًا صبغ السياسة الخارجية التركية بصبغة عدوانية، وعادة ما تكون مقارباته للعلاقات الدولية مليئة بالإهانات والتهديدات العسكرية.


وبحسب موقع "المونيتور" الأمريكي، يمقت أردوغان التسوية وينظر بازدراء إلى الدبلوماسية التقليدية، وفي ظل حكمه صنعت تركيا من العداوات والخصومات أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس الجمهورية قبل نحو قرن، ولم يبق لها سوى القليل من الأصدقاء أو الحلفاء ذوي الأهمية.

مع ذلك، لا يأبه أردوغان كثيرًا لهذه العزلة الدولية، ولا يكف عن إبداء استعداده الدائم لاستخدام القوة العسكرية كخيار أول لحل المشاكل بدلًا من المسار الدبلوماسي.

وأضاف الموقع أن أردوغان لا يتبنى النهج الصدامي على المستوى النظري والخطابي فحسب، فقد شن 3 حملات عسكرية في سوريا، وأرسل قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم ميليشيات حكومة الوفاق الموالية له في طرابلس.

وفضلًا عن ذلك، تستعرض أنقرة الآن عضلاتها العسكرية في شرق البحر المتوسط، مدعية لنفسها حقوقًا في استغلال ثروة الغاز الطبيعي في حقول تقع داخل المياه الاقتصادية الخالصة لليونان وقبرص.

وفي الداخل التركي، يشعر الكثيرون بالقلق من أن التبجح العسكري سيثبت في النهاية أنه يأتي بنتائج عكسية، ويتخوف العديد من الأتراك من أن بلادهم ستنجر إلى صراع لا يشمل القوى الإقليمية فحسب، بل القوى الدولية أيضًا، ومكمن الخوف هو أن المواجهة الساخنة في البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تظهر بشكل صارخ كيف أصبحت تركيا أردوغان معزولة سياسيًا.

وقد تبدو تركيا للوهلة الأولى وكأنها قد جنت بعض الفوائد من نهج أردوغان المتشدد للسياسة الخارجية، والتي يصفها سابان كارداس الباحث بمؤسسة صندوق مارشال الألماني البحثية بأنها "دبلوماسية قسرية مدعومة بأدوات عسكرية".

ومع ذلك، فشلت أنقرة في تحقيق أهدافها الرئيسية، وكان أولها وقبل كل شيء القضاء على وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا.

وأضاف الموقع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سهل عملية غصن الزيتون العسكرية التركية ضد وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا عام 2019 بسحب القوات الأمريكية من الحدود التركية، لكن الجيش الأمريكي لم يغادر سوريا كما توقعت أنقرة، وسلم القواعد التي أخلاها إلى روسيا بدلًا من تسليمها إلى تركيا، وفي غضون ذلك تواصل وحدات حماية الشعب تعزيز موقعها بدعم الولايات المتحدة شرق نهر الفرات في المناطق التي يتعذر على تركيا الوصول إليها.

ونقل الموقع عن الجنرال التركي المتقاعد نعيم بابور أوغلو أن جيران تركيا إلى الجنوب الشرقي اليوم هم الولايات المتحدة وروسيا، ولم تعد سوريا، مضيفًا أن "القوة العسكرية ليست دائمًا كافية للحصول على نتائج نهائية. إن الجهات الفاعلة التي تواجهها تركيا على هذه الجبهة لديها القدرة على منع تحركاتها".

وشدد بابور أوغلو على الحاجة إلى "دبلوماسية فعالة" في تأمين مصالح تركيا، ونبه إلى أن "إحراز تقدم مع الجهات الفاعلة التي لديها القدرة على التأثير على مسار الأحداث يتناسب مع القوة الجيوسياسية للاعب الدولي".

وأوضح الموقع أن الهدف الرئيسي الآخر لأنقرة في شمال سوريا هو إنشاء "منطقة آمنة" بطول 480 كيلومترًا وبعمق 32 كيلومترًا داخل الأراضي السورية تحت سيطرتها الحصرية، وكانت نية أنقرة توطين جزء كبير من 3.6 مليون سوري لجأوا إلى تركيا في هذه المنطقة للتخفيف من العبء الذي يشكلونه.

كما خططت أنقرة لتعبئة هذه المنطقة بأكملها بسوريين من المذهب السني يدينون ببعض الولاء لتركيا، وبالتالي إنشاء منطقة عازلة بينها وبين التجمعات الكردية في المنطقة. لكنها فشلت في تأمين الدعم الدولي لهذا المشروع بسبب إصرارها على السيطرة العسكرية والإدارية الحصرية على المنطقة المقترحة.

أما بالنسبة للأراضي الواقعة غربي الفرات، فقد أطلقت تركيا عملية درع الربيع في وقت سابق من هذا العام للسيطرة على محافظة إدلب بأكملها. وكانت نيتها مرة أخرى توطين اللاجئين السوريين هناك واستخدام المحافظة كنقطة انطلاق عسكرية لشن ضربات ضد وحدات حماية الشعب. ومع ذلك، انتهى الأمر بأنقرة إلى القبول بأقل من ذلك بكثير مرة أخرى بعد أن رفضت روسيا السماح للقوات التركية بالتوغل بعيدًا جنوبًا والسيطرة على الطريق السريع الاستراتيجي M-4 الذي يمر وسط إدلب.

وكتب كارداس في مقال لصندوق مارشال الألماني: "عندما واجهت تركيا جهات فاعلة قوية تملك القدرة على التصعيد العسكري، تراجعت أو وافقت على صفقات حفظ ماء الوجه، كما كان الحال مع مذكرة موسكو في مارس بشأن الوضع في إدلب". 

على صعيد آخر، يبدو المشروع التركي في ليبيا مقبلًا على فشل جديد. وأدى تورط أنقرة في الأزمة إلى صب المزيد من الوقود على العداء العربي المتزايد تجاه تركيا. ويشير محلل السياسة الخارجية مراد يتكين إلى أن دعم أردوغان للإخوان وإشاراته العديدة إلى الهيمنة العثمانية على المنطقة فاقم مشاعر الاستياء تجاه تركيا في العالم العربي.

وختم الموقع بإيراد تأكيد كارداس أن حسابات تركيا الخاطئة يمكن أن تؤدي إلى دوامة تصعيد غير منضبطة وتجر أنقرة إلى خيار صعب بين التراجع أو الوقوع في شرك المواجهات العسكرية الخطيرة من أجل اهداف مشكوك في جدواها أو إمكانية تحقيقها.