الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحرب الأهلية وهيمنة حزب الله.. فورين بوليسي: لبنان في دائرة مفرغة بين نارين

احتجاجات لبنان
احتجاجات لبنان

في أكتوبر الماضي، خرج لبنانيون من مختلف الطوائف الدينية إلى الشوارع وتظاهروا ضد زعمائهم السياسيين، واصمين إياهم بالنخبة الفاسدة التي تخدم مصالحها، وعندما زلزل انفجار مرفأ بيروت البلد كله الشهر الماضي، لم يدمر عدة أحياء بمحيط المرفأ فحسب، وإنما كشف خطوط التصدع الطائفي بين الأحياء كذلك.


وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تعيش الطوائف اللبنانية الآن حالة من التشكك المتبادل في بعضها أكثر من أي وقت مضى في تاريخ لبنان الحديث، وفي خضم هذا الجو المشحون هناك طرف يمسك بورقتي الفوضى والاستقرار معًا: حزب الله.

على مقهى صغير بحي الأوزاعي في الضاحية الجنوبية لبيروت ذات الأغلبية الشيعية، تتعالى أصوات رواد المقهى من مؤيدي حزب الله متهمة المحتجين بالعمالة للخارج، ويزعم أبو علي، صاحب المقهى، أنهم أدوات لتحقيق مصالح إسرائيلية وأمريكية، وأنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء عندما علقوا دمية للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله متدلية من مشنقة، مطالبين الحزب بتسليم سلاحه للدولة.

ونقلت المجلة عن زياد علوكي، القيادي السابق بأحد الميليشيات السنية في طرابلس شمالي لبنان، أن حزب الله وصل إلى درجة من القوة والنفوذ إلى حد أن أحدًا لا يستطيع إجباره على تسليم سليم عياش المتهم باغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، والمدان بحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومن جانب آخر هناك شعور لدى الطائفة السنية في لبنان بأنها تُركت رهينة تحت رحمة حزب الله والسياسة الإيرانية في المنطقة.

وأضافت المجلة أن هناك في المجتمع اللبناني من يفضل أن تتولى قوى غربية مسئولية نزع سلاح حزب الله، ونقلت عن سيدة من مؤيدي حزب القوات اللبنانية ذي الشعبية الكبيرة في الأوساط المسيحية "ماذا يمكن أن نفعل مع سلاح حزب الله؟ الولايات المتحدة هي من تستطيع أن تفعل وليس نحن".

وتابعت المجلة أنه منذ انفجار مرفا بيروت بدأت الاحتجاجات تنحو منحى أكثر طائفية مما سبق من احتجاجات ضد الفساد عابرة للطوائف، وفي عبارة ذات دلالة لا تخفى أضافت السيدة المؤيدة لحزب القوات اللبنانية "سيكون من الأفضل أن يحصل المسيحيون على دولة منفصلة وأن يكون لحزب الله دولته الخاصة"، في إشارة نادرة الصراحة إلى رغبة عامة لدى أغلبية مسيحيي لبنان لا يجهرون بها في العادة على الملأ.

ونقلت المجلة عن عشرات المحتجين أن الاحتجاجات اكتست بلون طائفي نتيجة اختراقها من جانب قوى طائفية، على رأسها حزب الله والجيش اللبناني نفسه، وقال الناشط جلبير ضومط "منذ 1990 هناك أمراء حرب يفرضون على المواطنين نفس المقايضة: نحن نحميكم وبالمقابل نسرقكم، وكلما هددتم مصالحنا سنشعل حربًا أهلية بذريعة حماية الطائفة".

وخلصت المجلة إلى أن لبنان وصل إلى طريق مسدود أصبح فيه الثمن الوحيد لتفادي الحرب الأهلية هو القبول بهيمنة حزب الله، والوقوع في فخ إدامة الوضع الراهن: اقتصاد فاشل وسياسات طائفية تغذي بدورها احتمالات الحرب الأهلية، ليستمر البلد الصغير المنكوب بالدوران في دائرة مفرغة بين الحرب الأهلية وهيمنة حزب الله، فلا يهرب من أحدهما إلا ليجد نفسه أسيرًا للآخر.