رسالة تحذير مصرية إلى تركيا.. قمة القاهرة وعمان وبغداد تؤسس نواة تحالف عربي جديد.. شراكة أمنية ودبلوماسية واقتصادية واعدة بين الدول الثلاث.. والتصدي للتدخلات الخارجية محور التعاون

استضافت العاصمة الأردنية عمان قمة ثلاثية مصرية أردنية عراقية في 25 أغسطس الماضي، هدفت بالمقام الأول إلى تأسيس تحالف أمني ودبلوماسي واقتصادي بين الدول الثلاث، في وقت تواجه فيه تهديدات إقليمية متسارعة وتداعيات اقتصادية في أعقاب جائحة فيروس كورونا.

وبحسب موقع "المونيتور" الأمريكي، انعقدت القمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وتناولت التنسيق الثلاثي المشترك في قطاعات الطاقة والربط الكهربائي والبنية التحتية الرئيسية والغذاء، واشتملت على مداولات وتنسيق بشأن التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة وجهود مكافحة الإرهاب. 

ونقل الموقع عن رئاسة الجمهورية أن القادة الثلاثة يهدفون إلى إقامة مرحلة قادمة من التكامل الاستراتيجي على أساس أهداف التنمية المشتركة، من خلال تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، بالإضافة إلى تعزيز التعاون السياسي والأمني.

وشدد الرئيس السيسي خلال القمة على أهمية تضافر الجهود بين الدول الثلاث لمواجهة التحديات التي تهدد الاستقرار والأمن في المنطقة.

واتفق القادة الثلاثة على الوقوف في وجه التدخلات الخارجية المزعزعة للأمن العربي، مؤكدين على ضرورة وقفها، كما تباحثوا حول تكثيف الجهود للتوصل إلى حلول سياسية للأزمات التي تشهدها المنطقة، خاصة في سوريا وليبيا واليمن، وفقًا لبيان مشترك صدر في نهاية القمة.

ونقل الموقع عن الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حسن أبو طالب أن الدول الثلاث تواجه تحديات وتهديدات بينها قاسم مشترك أساسي: التدخلات التركية في المنطقة.

وقال أبو طالب لموقع "المونيتور" إن مصر تستخدم هذا التحالف الثلاثي لتوجيه رسالة إلى تركيا بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام السياسات الاستعمارية التركية في المنطقة العربية.

وأضاف أبو طالب "إن مكانة تركيا تتدنى في المنطقة بانتهاك مبادئ حسن الجوار، من منطلق جشعها للموارد الطبيعية كما هو الحال مع تحركاتها في ليبيا وشرق المتوسط، أو رغبتها في فرض سيطرتها كما هو الحال في شمال سوريا والعراق".

وأوضح أبو طالب أن مصر والأردن تدعمان العراق في مواجهة التدخلات التركية على أراضيه، وتريدان مساعدته على تجاوز اعتماده على إيران، اقتصاديًا على الأقل، وبناء علاقات مؤسسة على مبادئ حسن الجوار، مؤكدًا أن "القاهرة وعمان تشكلان مكونًا عربيًا مهمًا للعراق في المرحلة المقبلة".

وتابع أبو طالب أن "مصر قلقة على مستقبل الأردن، في ظل تحديات القضية الفلسطينية وخطط الضم الإسرائيلية، ناهيك عن مبادرة صفقة القرن الأمريكية المتحيزة لصالح إسرائيل، وهذا مصدر قلق مزعج للأردن ويهدد وجوده".

ودعا القادة في قمة عمان إلى إعادة تفعيل مبادرة السلام العربية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ووقف خطط إسرائيل لضم أي أراض فلسطينية، وشددوا على أهمية حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين الذي ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف أبو طالب أن "التحدي الأساسي هو مدى الخبرة التي يمكن أن تكتسبها هذه الدول الثلاثة لتلقي دعم عربي واسع النطاق لحماية سيادة الدول العربية واستقرار المنطقة، ومواجهة الإرهاب وردع التدخلات التركية والإيرانية".

ويطمح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إقامة مشروع أطلق عليه اسم "المشرق الجديد" من أجل توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين العديد من الدول العربية وإتاحة مزيد من التدفق الحر لرأس المال والتكنولوجيا بين دول المشروع.

وأشار أبو طالب إلى أن التحالف الثلاثي قد يشكل قلب هذا المشروع. وأضاف أن "آلية التعاون المنتظم بين الدول والاستراتيجية الموحدة ومجالات وسياسات التعاون الموحدة تكفي لتشكيل نواة أي تحالف".

وتشير تقارير إلى أن مشروع الكاظمي ليس اقتصاديًا فحسب، بل يحمل أيضًا أبعادًا سياسية وعسكرية بين الدول الأعضاء.

ونقل الموقع عن جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب أن مصر ترى فرصا واعدة في زيادة التعاون التجاري مع الأردن والعراق، موضحأ أن "هذه الدول هي الأقرب إلى مصر - جغرافيًا وسياسيًا - ولديها مصالح مشتركة معًا".

وقال بيومي إن الدول الثلاث تسعى إلى تنمية التجارة كونها أعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وهي اتفاقية تهدف إلى تسهيل التجارة منخفضة التكاليف الجمركية.

وأضاف أن مصر تعتزم زيادة مشروعات الربط الكهربائي مع الأردن ثم تصدير الطاقة إلى العراق، حيث ترتبط مصر والأردن بخط كهرباء بقوة 450 ميجاوات.

وتستكشف وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية آفاق زيادة إنتاج خط الكهرباء إلى 2000 ميجاوات، ثم تصدير الطاقة إلى العراق وسوريا في مرحلة لاحقة، في إطار مساعيها لجعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والأردن بين شهري يناير ونوفمبر 2019، ليصل إلى 858.3 مليون دولار، مسجلًا زيادة بنسبة 52.3٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018، فيما بلغ التبادل التجاري بين مصر والعراق 1.65 مليار دولار في 2018.