الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السنابل السبع.. فيضانات السودان وثورة مياه النيل خطر متجدد

السودان في القرن
السودان في القرن 19 من أرشيف مكتبة الكونجرس

ليست المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة التي تتعرض فيها دولة السودان إلى فيضانات تجتاح الأخضر واليابس فيها، في مأساة لم تحدث منذ عام 1912، أربعة أشهر سنويا تثور فيها مياه النيل لتكتسح السودان وبقدر الضرر الذي تلحقه، بقدر الخير الوفير الذي يترسب على أراضيها من ترسبات تجدد خصوبة التربة.


النيلان الأبيض والأزرق
يرصد «صدى البلد» تاريخ نهري النيل الأبيض والأزرق، وتأثير الفيضان منذ قديم الأزل على السودان، ينبع النيل الأبيض من بحيرة فيكتوريا التي تقع في منطقة البحيرات الكبرى بوسط أفريقيا التي تعتبر الأكبر أفريقيا، وثالث البحيرات العذبة العظمى عالميا، وتطل على 3 دول هي أوغندا وكينيا وتنزانيا، وبعد مغادرته بحيرة فيكتوريا يعرف النيل في هذا الجزء باسم نيل فيكتوريا، ويستمر مساره 600 كم حتى يصل إلى بحيرة ألبرت وبعد مغادرته يعرف باسم نيل ألبرت.


ووفقا لـ دراسة نشرت بعنوان « في طريق العطش: أزمة المياه في العراق وبعض الدول العربية» يصل نهر النيل إلى السودان ليعرف عندها ببحر الجبل وعند اتصاله ببحر الغزال يمتد لمسافة 700 كم، حتى يعرف حينها باسم النيل الأبيض، ويستمر حاملا هذا الاسم حتى يدخل العاصمة السودانية الخرطوم ويلتقي بالنيل الأزرق.


والنيل الأزرق ينبع من بحيرة تانا التي تقع في المرتفعات الأثيوبية، وهو النيل الوحيد الذي يتفرع من بحيرة تانا ويقطع مسافة 1400 كم قبل وصوله الخرطوم والتقائه بالنيل الأبيض.


ويرجع أصل تسمية النيلين ينبع من لون مياههما فالنيل الأزرق يبدأ بلون أزرق فاتح ثم يغمق في السودان، عندما يبدأ بحمل رواسب سوداء،والنيل الأبيض يحمل ترسبات رمادية فاتحة تكسبه لونا مائلا للبياض، ورغم أن النيل الأبيض هو الأطول فإن النيل الأزرق هو المسئول عن حوالي المياه لنهر النيل.


ثوران النيل - موسم الفيضان
وتتدفق مياه نهر النيل في فصل الصيف فقط بعد الأمطار الموسمية الساقطة على هضبة اثيوبيا، بينما تكون مياهه ضعيفة أو معدومة في باقي أيام السنة، وأشهر ما يتمتع به نهر النيل من خصائص هي فيضانه السنوي الذي يبدأ في شهر يوليو وعادة ما يستمر حتى شهر أكتوبر.


ويتكرر الفيضان بشكل مستمر جالبا معه 4 ملايين طن من ترسباته التي تجدد للتربة خصوبتها سنويا، إلا انه عادة ما يأتي بطريقة لا يتمناها المزارعون، حيث شهد السودان عدة فيضانات كان طغيان المياه فيها مغرقا وتسبب في تلف المحصول الذي ينتظره الفلاحون من العام للعام، وتارة أخرى يتناقص فيها منسوب المياه إلى الحد الذي لا يكفي أن يروي عطش المزروعات.


ويعد فيضان النيل ذا أهمية كبرى في الحضارة المصرية القديمة، ومنذ فجر التاريخ اعتمدت عليه الحضارات التي قامت على ضفتي النيل في الزراعة، ففي مصر الفرعونية ارتبط الفيضان بطقوس مقدسة سجلت على شكل ألواح على جدران المعابد، كما ذكرت الكتب المقدسة قصة النبي يوسف مع فرعون مصر وقصة حلمه حول السنابل السبع والبقرات السبع وارتباط سنوات الرخاء والجوع والفقر بفيضان النيل.


الدولة الفاطمية والسد
ومن هنا جاءت فكرة بناء سد للسيطرة على المياه الزائدة في مواسم وفرتها، وخزنها للاستفادة منها في مواسم الجفاف، وبدأت أول محاولة لبناء سد في أيام حكم الدولة الفاطمية، وخلال بدايات القرن الحادي عشر حضر عالم الفيزياء العراقي الحسن بن الهيثم لبناء سد في منطقة أسوان لتنظيم جريان مياه النيل، ولكن نظرا للامكانيات الهائلة الذي احتاجها لم يتمكن من التنفيذ لعدم توافرها، وخاف مصارحة الخليفة بعجزه وادعى الجنون فأمر بحبسه وظل في المنزل لمدة 10 سنوات حتى وفاة الحاكم.


عصر النهضة
وتطرق محمد علي باشا أيضا للأمر نفسه حين كلف أحد المهندسين الفرنسيين بالموضوع ولكن أبحاثه أفضت إلى عدم إمكانية التنفيذ، وبني أول سد في مدينة أسوان على بعد 1000 كم جنوب القاهرة أيام الاستعمار البريطاني لمصر والسودان فيما يعرف بـ السد الواطئ لتميزه عن السد العالي، أيام حكم الخديوي عباس حلمي الثاني وكان من تصميم مهندس الري البريطاني السير وليم ولكوكس.