الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: حضرة المواطن الجاني والمجني عليه (1)

صدى البلد


من المؤكد أن مصر تعرضت لأخطر حملة ممنهجة من التعدي علي أمنها وأمانها الغذائي وإغتصاب رقعتها الزراعية بشكل غير مسبوق، كما تم الضغط و إستهداف بنيتها التحتية بشكل لا رحمة فيه ولا شفقة خلال السنوات التي تلت أحداث يناير مباشرةً،بما يثبت في  كل لحظة أن التدمير كان مخطط ومقصود وإن كانت الدولة فيما قبل يناير سببًا مباشرًا فيما آلت إليه الأمور بعد ذلك.

لعل الضغوط التي مارستها الدولة في هذا التوقيت علي المواطن الكادح البسيط الذي كانت أقصي أمانيه أن يُأمن مسكنًا بسيطًا لأبنه في وقت أستفحل فيه شأن وسطوة رؤس الأموال القريبة من النظام وغيرها من مصاصي دماء الشعب الذين يتاجرون في كل شيء وأي شيء مسألة شبه مستحيلة، في حين نال أصحاب الحظوة من الإستثناءات والأراضي بسعر رمزي مانالت حتي أصيبت جيوبهم بالتخمة،ماجعل هذا المواطن البسيط ينطلق في البناء بعد إنطلاق شرارة الأحداث كما ينطلق المارد الذي ظل حبيسًا داخل"قمقم"لسنوات،فشرع في البناء علي الأراضي الزراعية ليس فقط لأبناءه بل لأحفاده وبشكل هيستيري مع غياب هيبة الدولة ومؤسساتها في مشهد ندعوا الله ألا يعيده مرة أخري.

حتي أن أصحاب النفوذ والأموال أستثمروا هذه الظروف مرة أخري وبدأوا بشراء عشرات الأفدنة بسعر "الجملة" وأعادوا بيعها مرة ثانية بالقطعة لمواطنين مطحونين أيضًا لا يمتلكون أرضًا زراعية ليقوموا بالبناء عليها لشده حاجتهم لذلك،وتتضخم جيوبهم هم مرة أخري ويواجه هذا المواطن البسيط مصيرة المحتوم الآن!!هذه مجرد صورة واحدة من عشرات الصور التي كان من الضروري أن يتطرق إليها قانون التصالح،حتي يكون هناك حلًا شاملًا يحقق العدالة الإجتماعية قبل أن يوافق البرلمان علي صدور القانون إذن من المجني عليه ومن الجاني؟؟؟!!!

من الطبيعي أن تعكس الأساليب التي تدير بها مؤسسات الدولة الملفات المختلفة علي كل الأصعدة وكذلك التصدي لكل القضايا المطروحة فلسفة القيادة السياسية التي تتولي  إدارة  المرحلة،لذلك نجد للدولة جرأة غير مسبوقه في تصديها لملفات حساسة وشائكة ظل السكوت عليها لسنوات طويلة هو السمة الغالبة في معظم الأحيان.

ملفات عديدة كالإصلاح الإقتصادي وتعمير سيناء وإعادة تسليح القوات المسلحة بهذا الشكل الذي يبعث بالإطمئنان في وقت كان الوطن يعاني من ضيق ذات اليد وصورته شبه مبعثرة،أيضًا ملف ترسيم الحدود البحرية المشتركة بما يسمح لمصر بالإستفادة من مواردها الطبيعية،كل هذه الملفات وغيرها الكثير حملت معها من الجرأة مايثبت بوضوح فلسفة الرئيس الرئيس السيسي في إدارة البلاد،إيمانه الراسخ بضرورة إعادة البناء بالشكل الذي يضع مصر في موقعها الذي يتناسب مع تاريخها الطويل وإرثها الحضاري الذي يمتد لآلاف السنين كان هو الخيار المفضل لديه رغم ماينطوي عليه من المخاطر  المحتملة لإنخفاض شعبيته ولكنه لم يأبه ولم يهتم مادامت مصلحة الوطن هي الهدف الذي نسعي جميعًا إليه.

هذه الجرأة في إقتحام الملفات الشائكة والحساسة هي التي دفعت الرئيس السيسي لإقتحام ملف التصدي للبناء علي الأراضي الزراعية ومخالفات البناء العشوائي وعدم الإلتزام بإشتراطات البناء الصحيحة،لإيجاد مخرج سريع وعاجل لإنقاذ ماتبقي من الرقعة الزراعية وكذلك تخفيف الضغط علي البنية التحتية المهددة بالإنفجار في أي لحظة وهو مايعني تدمير مئات المليارات من الجنيهات التي تكلفتها الدولة في إقامة هذه البنية علي إختلاف أنواعها.

لكن هل مسئولية الرئيس الشخصية البحث عن حلول تفصيلية لهذه المشاكل المختلفة؟؟!!أم أن دوره يقتصر علي  رسم الخطوط العريضة لإطار شامل وإعطاء لرؤي و توجيهات عامة لحلحلة مثل هذه الملفات الشائكة علي أن تتولي مؤسسات الدولة وأجهزتها المختصة الدراسة والبحث عن حلول مناسبة وعرضها علي القيادة السياسية،لمناقشتها والتأكد أن هذه الحلول المقترحة مناسبة و ضمن الإطار الذي يتوافق والسياسة العامة للدولة!!!هذا ماسوف نتعرف عليه في المقال القادم بإذن الله.