الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واشنطن تعيد سياسة العصا والجزرة مع العالم.. رسالتها: من يخالفنا لا مكان له معنا.. وتحدي الدول الكبرى في إعادة فرض العقوبات على إيران يوقعها في خطأ كبير

ترامب وخامنئي
ترامب وخامنئي

  • الأمين العام للأمم المتحدة: لم يتخذ أي إجراء بشأن العقوبات لغموضها
  • إيران تحث العالم على التوحد ضد 'الأعمال المتهورة' الأمريكية
  • رفض صيني ورورسي.. وموسكو تصدر بيانات شديدة اللهجة
  • معارضة قوية من أوروبا.. فرنسا وبريطانيا: عقوبات واشنطن ليس لها أثر قانوني


أعلنت الولايات المتحدة من جانب واحد أمس، السبت، أن العقوبات ضد إيران عادت مجددًا إلى حيز التنفيذ ووعدت بمعاقبة من ينتهكها، في خطوة قالت دول كبرى أخرى - بما في ذلك حلفاؤها - إنها تفتقر إلى الأساس القانوني لفرضها، معتبرة إنه كان من الأولى أن  تتمهل أمريكا قبل أن تقوم بهذه الخطوة، ليس لأن إيران لا تقوم بخروقات وتجاوزات كبيرة وتهديدات في المنطقة العربية، خاصة الدول المجاورة، لكن لضرورة إعطاء فرصة للقنوات الدبلوماسية، حتى تصل لشيء، وفق ما ذكرت صحف دولية.


وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان: "ترحب الولايات المتحدة بعودة جميع العقوبات التي تم إنهاؤها سابقًا على جمهورية إيران".


وذكر أن الإجراءات عادت إلى حيز التنفيذ اعتبارا من اليوم، الأحد.


بومبيو: من يخالفنا لن يسلم منا
كما وعدت إدارة ترامب بـ "فرض عقوبات" على أي دولة عضو في الأمم المتحدة لا تلتزم بالإجراءات التي اتخذتها، وذلك في تحدٍ كبير من واشنطن للعالم، الذي رفضت كثير من دوله الخطوة الأمريكية، معتبرة إياها مثالًا فجًا على  خرق القواعد الدولية.


وتم رفع العقوبات في عام 2015 عندما وقعت إيران على اتفاقية دولية تقول بعدم السعي لصنع أسلحة نووية.


لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب الولايات المتحدة من الاتفاق التاريخي في عام 2018 ، قائلا إن الاتفاق - الذي تفاوض عليه سلفه باراك أوباما - لم يكن كافيًا، ثم جدد وشدد عقوبات واشنطن على طهران.


إيران : يادول العالم اتحدوا ضد أمريكا
وفيما يبدو اتجاه أمريكا لسياسة العصا والجزرة، أثارت الإجراءات الأمريكية بحق إيران، طهران إلى إن تدعو دول العالم إلى الاتحاد ضد "الأعمال المتهورة" الأمريكية.


وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحفي في طهران: "نتوقع من المجتمع الدولي وكل دول العالم الوقوف ضد هذه التصرفات الطائشة من قبل النظام في البيت الأبيض والتحدث بصوت واحد".


عمليًا، يشكك أعضاء  آخرون في مجلس الأمن في قدرة واشنطن على تنفيذ عقوباتها هذه المرة.


فرنسا وبريطانيا: عقوبات أمريكية ليس لها أثر قانوني
واليوم، الأحد، أصدر عضوان دائما العضوية في مجلس الأمن - فرنسا وبريطانيا - بيانًا مشتركًا إلى جانب ألمانيا العضو غير الدائم، قالا فيه إن "الإخطار المزعوم" لبومبيو "غير قادر على أن يكون له أي أثر قانوني".


وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان مشترك مع ألمانيا والمملكة المتحدة يوم الأحد إن الولايات المتحدة ليس لديها سلطة للمطالبة بإعادة العقوبات ضد إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي لعام 2015 قبل عامين.


روسيا :"العالم ليس لعبة كمبيوتر أمريكية".
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيانٍ أيضا إن تصريحات واشنطن تفتقر إلى القانونية.


وجاء في البيان أن "المبادرات والإجراءات غير المشروعة للولايات المتحدة بحكم تعريفها لا يمكن أن يكون لها عواقب قانونية دولية على دول أخرى".


واتهمت روسيا، الولايات المتحدة "بمحاولة إجبار الجميع على ارتداء نظارات الواقع الافتراضي" وقبول نسختها من الأحداث ، مضيفة: "العالم ليس لعبة كمبيوتر أمريكية".


موسكو: تحدي واشنطن ضربة خطيرة لسلطة مجلس الأمن
وقالت الوزارة إن تحدي واشنطن وجهت "ضربة خطيرة لسلطة مجلس الأمن الدولي" وأظهر "ازدراء صريحًا لقراراته وللقانون الدولي ككل".


وقالت روسيا إنها "تؤيد تماما" موقف غالبية أعضاء مجلس الأمن بأن التحركات الأمريكية "باطلة قانونيا وإجرائيا".


وأضافت موسكو: "لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تفاقم الوضع، بل يجب أن تتخلى على الفور عن مسارها لتدمير خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015)".


تهديد للمخالفين 
وكان بومبيو قد وعد في إعلانه، بإعلان إجراءات في الأيام المقبلة ضد "منتهكي" العقوبات، إذا ما ساعدوا إيران أو تجاهلوا العقوبات الأمريكية.


وقال: "إذا أخفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ هذه العقوبات، فإن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام سلطاتها لفرض آثار على تلك الإخفاقات والتأكد من أن إيران لن تجني ثمار الأنشطة التي تحظرها الأمم المتحدة".


مع بقاء 45 يومًا حتى انتخابات 3 نوفمبر، قد يكشف ترامب النقاب عن هذه الإجراءات في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء.


في منتصف أغسطس، عانت الولايات المتحدة من هزيمة مدوية في مجلس الأمن الدولي عندما حاولت تمديد الحظر المفروض على الأسلحة التقليدية التي يتم إرسالها إلى طهران، والذي كان من المقرر أن ينتهي في أكتوبر.


شن بومبيو هجومًا عنيفًا بشكل غير معتاد على فرنسا وبريطانيا وألمانيا، متهمًا إياهم "بالانحياز إلى إيران"، وفي 20 أغسطس أعلن عن الرد السريع.


ومع ذلك، فإن إدارة ترامب تتصرف كما لو كانت العقوبات الدولية مطبقة، بينما يواصل باقي المجتمع الدولي التصرف وكأن شيئًا لم يتغير.


وتؤكد واشنطن على تمديد حظر الأسلحة "إلى أجل غير مسمى"، وأن العديد من الأنشطة المتعلقة ببرامج طهران النووية والصاروخية تخضع الآن لعقوبات دولية.


نتائج عكسية
وقال بعض المراقبين إن إعلان واشنطن الأخير جاء بنتائج عكسية.


قال أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة: "لا أرى أي شيء يحدث. سيكون مجرد بيان. إنه مثل سحب الزناد وعدم خروج رصاصة".


واستنكر دبلوماسي آخر الإجراء الأمريكي "الأحادي"، قائلا إن "روسيا والصين تجلسان، سعيدتان، تأكلان الفشار، وتراقبان التداعيات الهائلة المزعزعة للاستقرار بين واشنطن وشركائها الأوروبيين".


أعرب نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، عن أسفه للقرار.


وكتب على "تويتر": "من المؤلم جدا أن نرى كيف تهين دولة عظيمة نفسها بهذا الشكل وتعارض في هذيانها العنيد أعضاء آخرين في مجلس الأمن الدولي".


لكن إذا نفذت الولايات المتحدة التهديد بفرض عقوبات ثانوية، فقد تستمر التوترات في التصاعد.


رد الأمم المتحدة
من جانبه، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش مجلس الأمن أمس، السبت، أنه لا يمكنه اتخاذ أي إجراء بشأن إعلان أمريكا بإعادة فرض جميع العقوبات على إيران لأنه "يبدو أن هناك حالة من عدم اليقين" بشأن هذه القضية.


ويقول 13 من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر  إن تحرك واشنطن باطل لأن بومبيو استخدم آلية متفق عليها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، بينما انسحبت هي من الاتفاق  في 2018.


يقدم مسئولو الأمم المتحدة الدعم الإداري والفني لمجلس الأمن لتنفيذ أنظمة العقوبات الخاصة به ويعين جوتيريش خبراء مستقلين لمراقبة التنفيذ.


إنتقام إيران وحرب محتملة
ووفق ما قالت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز"، يكاد يكون من المؤكد أن إيران ستنتقم ردًا منها على الأعمال الأمريكية، على الرغم من أن التوقيت والمكان سيتم النظر فيهما بعناية.


 يمكن أن تهاجم إيران السفن الأمريكية، كما حدث في عام 1988، عندما كادت إيران أن تغرق فرقاطة أمريكية في الخليج العربي بلغم، وردت الولايات المتحدة حينها بقصف منصتين نفطيتين مهجورتين وإلحاق أضرار بمدمرة إيرانية.


 بالنظر إلى هذا الرد الفاتر، يمكن لطهران أن تقرر تكرار التاريخ.


في موسم مفاجآت أكتوبر، سيكون هذا رهانًا محفوفًا بالمخاطر، قد تنتقم إيران في العراق، كما فعلت بعد أن قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني، لكن هذا من شأنه أن يعرض حلفاءها العراقيين للخطر.


إعادة انتخاب ترامب
من المحتمل شن هجوم إيراني خارج المنطقة بالوكالة، لكن يمكن للإيرانيين أن يقرروا الانتظار حتى 3 نوفمبر، مدركين أن التصعيد الآن يمكن أن يساعد في إعادة انتخاب ترامب.


واشنطن أمام موسكو وبكين 
وهذا يترك احتمالًا واحدًا قد يعقد استراتيجية الولايات المتحدة في الخليج بشكل خطير، وهي مناشدة إيران للصين أو روسيا لإرسال سفن حربية إلى الخليج العربي لحماية ناقلات النفط الإيرانية من المضايقات الأمريكية، وهو ما سيضع أمريكا أمام القوتين.


حتى إذا كان ترامب يبحث عن تعزيز حملته على شكل مفاجأة أكتوبر، فإنه سيواجه معارضة من أولئك الذين يفهمون أنه بمجرد الهجوم على البر الرئيسي الإيراني، ستجد الولايات المتحدة نفسها في حالة حرب مع إيران، لذا، فالأفضل من واشنطن ألا تتمادى في قرارها، لا لأن إيران تسير في الطريق الصحيح، ولكن لإعطاء القنوات الدبلوماسية فرصة للعمل، ولعدم هدم سلطة مجلس الأمن الدولي.