الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: حفارو القبور.. السلطان أردوغان نموذجًا

صدى البلد

معظم دول وعلماء العالم منشغلون ومهتمون للقضاء على فيروس كورونا الذي انتشر في العالم بسرعة كبيرة في وقت كان فيه العالم ينظر إليه بسطحية نوعًا ما. وما إن كشر الفيروس عن حقيقته القاتلة وقضى على الكثير من البشر راجت دول العالم تتخذ احتياطاتها وتدابيرها الوقائية على الأقل لحين إيجاد لقاح لهذا الضيف غير المرحب به. توقفت حركة الطيران في كل العالم وامتثلت الشعوب لتعليمات صارمة بالمكوث بالمنازل لشهور وكذلك حتى العلاقات الاجتماعية وصلت لأدنى مستوى لها، حتى بات شعار التباعد الاجتماعي هو سمة المرحلة التي نحن بصددها.

مرحلة صعبة وشاقة على البشر منذ عقود من الزمن والتي كان الطاعون والإنفلونزا الإسبانية فيها القاتل الحقيقي للإنسان. وكان الكثير من التأويلات والبيانات والمعلومات المتناقضة في الكثير من الأحيان والحقيقية بعض الأحايين، هي الدارجة في هذه الفترة خلال تقييم والكشف عن أسباب ظهور هذا الفيروس ومن وراءه من الشركات الناهبة للمال وخاصة شركات الأدوية العابرة للحدود والجنسيات وإلى ما هنالك من نظريات ما زالت مستمرة.

بموازاة هذا الفيروس الذي فتك بالناس والمجتمعات وحتى العادات والتقاليد المجتمعية المعمرة آلاف السنين وتغيير الكثير من السلوكيات العامة للبشر، وصلنا لمرحلة نتعايش معه رغم بشاعته وتوحشه الذي لا يعرف الرحمة والرأفة.

 في هذه المرحلة بالذات نتعايش مع فيروس على ما اعتقد أخطر بكثير من كرونا الذي كما قال عنه رئيس وزراء بريطانيا جونسون أنه ينبغي التأقلم مع هذا الفيروس تحت شعار "مناعة القطيع". الفيروس الذي أرغمونا على التعامل معه مثل كورونا هو أردوغان الذي لا يقل بشاعة وتوحش وفتل بالمجتمعات كما كورونا.

بإحصائيات سريعة ونظرة شاملة على الخطرين اللذين حلّا بالمجتمعات نرى أنه لا فرق كثيرًا ما بين فعله كورونا وما يفعله أردوغان ومرتزقته في المنطقة، ولدى كِلاهما عوامل مشتركة ومتقاطعة في الكثير من الأفعال والنتائج، وحتى أنه يمكننا القول على ما اعتقد أنَّ كِلاهما من صنع القوى المهيمنة الرأسمالية الناهبة للمال. 

ربما يكون تسمية أردوغان ومرتزقته بحفاري القبور هي التسمية والتوصيف الدقيق لهم نظرًا لما فعلوه ويفعلوه بالمجتمعات والإنسان. ولطالما كانت منطقتنا المشرق أوسطية عبر التاريخ مهدًا للحضارات والمدنيات التي ألهمت العالم الكثير من العلوم والفنون والتطورات من كافة النواحي. وكانت منطقتي بلاد الرافدين ومصر الفرعونية مركزًا معلوماتيًا ولاهوتيًا منح البشر المعرفة والوعي والإدراك وكذلك القيم والأخلاق والضمير، وبكلمة أهدى البشرية سبيلين للحياة فأما أن تكون علمانيًا تؤمن بالنجوم والكواكب وتأثيرها على الزراعة والصحة وحياة الإنسان بشكل عام، أو أن تؤمن بما وراء الطبيعة كالسحر والدين والبخور والشعوذة إذا أردت ذلك.

الآن ومنذ الاحتلال العثماني للمنطقة وما جاء من بعده من احتلال غربي والآن وما نعايشه نرى وبكل وضوح أنهم من دون استثناء وكذلك أدواتهم القديمة مثل الاخوان المسلمون والجديدة من القاعدة والنصرة وداعش وأخواتها من باقي الفصائل المرتزقة لا فرق بينهم بتاتًا، فكلهم مه خليفتهم وسلطانهم أردوغان ليسوا سوى حفاري قبور الشعوب والمجتمعات والحضارة والمدنية في المنطقة وهدفهم تحويلها لصحراء قاحلة تستجدي المعرفة والثقافة وحتى أكلها من أحفاد اللا تاريخ الغربيين.

بالفعل كما وسم الكاتب الفرنسي روجيه جارودي كتابه بـ "حفارو القبور: الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها"، هو أبلغ تعبير وأصدقها ربما لحقيقة الرأسمالية ووصولها لمرحلة التوحش ليس هي فقط، بل إيصال الانسان لنفس المرحلة التي لا تعني له الحياة سوى أنها المال ومن ثم المال ومن ثم المال، ولو كان ذلك على حساب افناء المجتمعات والبشر.

حفارو القبور هم إذًا ليسوا سوى أدوات بيد القوى المهيمنة وما أردوغان وأمثاله من الزعماء والقادة والمرتزقة من الإخوان المسلمين، إلا أدوات يتم استخدامه للسيطرة على الانسان وإبقائه يعيش كالقطيع كما قالها بعفويته الخبيثة جونسون "مناعة القطيع"، المقتبسة أصلًا من فلسفة دارون في "البقاء للأقوى". أما الأصلح والأفضل والأجمل والرحيم والعطوف والمؤمن والبسيط، لتحل عليهم لعنة حفارو القبور وليذهبوا للجحيم.