الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غاز شرق المتوسط .. كيف تحمي مصر حقوقها ضد أطماع أردوغان؟

القوات البحرية
القوات البحرية

شهدت القاهرة صباح اليوم، التوقيع النهائي على ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط، بما يؤسس المنتدى كمنظمة إقليمية دولية ومنصة لحوار سياسي منظم حول الغاز الطبيعي، ويؤدي إلى تطوير سوق غاز إقليمي مستدام يمكنه إطالق إمكانات موارد الغاز الكاملة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

ويحتوي شرق البحر المتوسط على كميات هائلة وضخمة من الغاز الطبيعي في منطقة التي تضم كلًا من "مصر، واليونان، وقبرص، وتركيا، ولبنان، وفلسطين، وإسرائيل وسوريا"، كما أنه مؤخرا ظهرت العديد من الاكتشافات في مجال الغاز خاصة اكتشاف حقل "ظهر" المصري والذي قلب موازين الطاقة والغاز في البحر المتوسط بل في العالم أجمع.

ويمثل الاكتشاف رصيدًا استراتيجيًا واقتصاديًا بالغ الأهمية سواء لجهة تغطية حاجة الدولة في مجال الطاقة، أو لجهة الارتقاء بأنظمتها الاقتصادية، وتحولها إلى دول مصدرة للغاز الطبيعي والبترول في المستقبل، كما ظهرت العديد من الاكتشافات الضخمة في قطاع الغاز في المياه الاقتصادية لمصر خلال الأعوام الماضية بجانب اكتشف حقل ظهر.

وكانت ضربة البداية في 2014، حيث قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بعملية ترسيم الحدود البحرية مع كل من قبرص واليونان، وذلك من أجل بدء عملية الاكتشافات في المنطقة الاقتصادية المصرية للكشف عن غاز، وبالفعل ، نجحت جهود القيادة السياسية في عملية ترسيم الحدود البحرية، مما أثار غضب بعض الدول التي كانت تريد أن تسيطر على الحقوق المصرية في البحر، لكن كان للرئيس السيسي الرؤية وبُعد النظر في عملية الاكتشافات داخل البحر.

تاريخ منتدى غاز شرق المتوسط
في 14 يناير 2019 اجتمع وزراء الطاقة لكل من قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين في القاهرة كأعضاء مؤسسين لمنتدى شرق المتوسط الاجتماع الوزاري الأول، بحضور ممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وشهد الاجتماع إطلاق المنتدى كمنظمة حكومية مقرها القاهرة.

وتم تشكيل فريق العمل رفيع المستوى في الاجتماع الوزاري الأول، وعقد اجتماعه الأول في 15 يناير 2020، ليكون بمثابة المجلس التنفيذي خلال فترة التأسيس، وتم تكليفه من قبل وزراء الدول الأعضاء للانتهاء من ميثاق المنتدى وتنسيق أنشطة المنتدى حتى التأسيس الرسمي له، كما قدم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي دعمهم للمنتدى وأنشطته ووضع المنتدى خارطة طريق تشمل المضي على التوازى فى مسار الإنشاء الرسمى للمنتدى بجانب والتواصل مع أطراف الصناعة لصياغة  رؤية مستقبل الغاز وتفعيل  أنشطته من إعداد  الدراسات بالمنطقة.

كما عقد الاجتماع الوزاري الثاني في القاهرة في 25 يوليو 2019، بحضور الولايات المتحدة وفرنسا كضيفين، وقرر وزراء الدول الأعضاء إنشاء اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز، كما عقدت اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز اجتماعها الأول في القاهرة في 6 نوفمبر 2019، وتم عرض أهداف اللجنة كمنصة لحكومات البلدان الأعضاء للمشاركة مع الجهات الفاعلة في الصناعة ذات الصلة، وتم الاتفاق خلال الاجتماع على أن تكون مصر رئيس اللجنة كونها رئيس فريق مجموعة العمل رفيعة المستوى، كما تم الاتفاق على تشكيل 3 لجان فرعية داخل اللجنة، وهي اللجان الفنية والتنظيمية والاقتصادية.

لم ينته العام الأول للمنتدى قبل إعداد دراسة مولها البنك الدولى حول الاستغلال الأمثل للبنية الأساسية للغاز بالمنطقة ، وتم عرضها ومناقشة توصياتها على الاجتماع الوزارى، وقد شهد العام 2020 منذ بدايته عملا مكثفا لأنشطة المنتدى برغم الظروف العالمية الخاصة بجائحة كورونا وتداعياتها على كافة الأنشطة ولا سيما على قطاع الطاقة:

وعقد الاجتماع الثاني للجنة الاستشارية لصناعة الغاز في القاهرة في 14 يناير 2020 حيث تم المصادقة على القواعد والإجراءات المنظمة لعملها من قبل مجموعة العمل رفيعة المستوى والاجتماع الوزاري، وعقدت اللجان الفرعية 3 اجتماعات منفصلة لمناقشة أولويات العمل التي سيتم وضعها في شكل خطة عمل لعام 2020.

وانعقد الاجتماع الوزاري الثالث في القاهرة في 16 يناير 2020، بحضور الولايات المتحدة وفرنسا، وأعربت الولايات المتحدة وفرنسا عن اهتمامها بالانضمام إلى المنتدى كمراقب وكعضو على التوالي، كما تم تقديم ميثاق المنتدى الاتحاد الأوروبي، وتم الموافقة عليه في مارس 2020.

وتواصل العمل داخل اللجان الفرعية للجنة الاستشارية لصناعة الغاز وعقدت اجتماعات منفصلة عبر الفيديو كونفرانس ، خلال الأسبوع الأول من مايو 2020 لمناقشة خطط العمل المقترحة والتي تمت المصادقة عليها للتنفيذ من قبل مجموعة العمل رفيعة المستوى.

وفي الأسبوع الثاني من مايو 2020، عقد الاجتماع الثالث للجنة الاستشارية من خلال الفيديو كونفرانس لتقديم خطة العمل المجمعة للجان الفرعية الثالث وخارطة طريق اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز لعام 2020 كما قدمت العديد من طلبات الانضمام إلى اللجنة من كيانات عالمية مختلفة ، وتم قبول 9 أعضاء جدد خلال الفترة  من نوفمبر استوفوا معايير العضوية، مما رفع أعضاء لجنة الصناعة إلى 26.

وعقدت مجموعة العمل رفيعة المستوى اجتماعيها السادس والسابع فى مايو وأغسطس 2020 من إقرار خارطة طريق المنتدى، والتي أسفرت عن توقيع الميثاق لتحويل المنتدى إلى منظمة إقليمية رسمية اليوم.

حقل ظهر .. كلمة السر
يعد حقل ظهر عملاق الغاز المصرى، من أهم مشروعات تنمية حقول الغاز الطبيعي التي تم تنفيذها، حيث صنفت الشركات العاملة فى مجال النفط والغاز الحقل بأنه أكبر كشف غازى بدول حوض شرق البحر المتوسط ومن أكبر الاكتشافات على المستوى العالمى.

فقد تم توقيع الاتفاقية البترولية الخاصة بالكشف يناير 2014 بعد فوز إينى بالمنطقة فى المزايدة العالمية التى طرحتها إيجاس، وتم تحقيق الكشف فى 30 أغسطس 2015، بمنطقة امتياز شروق فى البحر المتوسط، حيث يغطى الكشف نحو 100 كيلو من مساحة الامتياز وتبلغ احتياطيات الكشف العملاق من الغاز 30 تريليون قدم مكعب مما جعلته الأضخم فى البحر المتوسط وتنمية الكشف حققت زمنا قياسيا حيث لم تستغرق سوى 28 شهرا من تحقيق الكشف إلى بدء الإنتاج، بالمقارنة مع معدلات تنمية الحقول المماثلة، والتى تستغرق من 6 - 8 سنوات عالميا.

ويقع حقل "ظهر" ضمن مجمع شروق الذي تبلغ مساحته 3,752 كم مربع داخل المنطقة المصرية الاقتصادية في البحر المتوسط، ويبعد عن الساحل بحوالي 200 كيلو مترا ويبلغ حجم احتياطاته ثلاثين تريليون قدم مكعب ويحتل مساحة 100 كيلومتر مربع، وهو أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر والبحر المتوسط.

وحقل "ظهر" أحد أهم وأكبر المشاريع التي ستحقق رقما قياسيا لاقتصاد مصر، كما أن "ظهر"، هو أكبر اكتشاف على الإطلاق في مصر والبحر المتوسط، وسيلبي احتياجات الغاز المتزايدة في مصر لعقود مقبلة، وبهذا يكون واحدا من أكبر الاكتشافات الغازية في العالم.

الجيش المصري وحماية المصالح الاقتصادية المصرية
ولحماية المصالح الاقتصادية ، كانت لابد قوة تحميها ، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي أوامرهُ بضرورة تسليح الجيش المصري بأحدث الأسلحة لحماية الأمن القومي المصري وحقوق المصريين الخاصة بالغاز في المياه العميقة بشرق البحر المتوسط، وقد وقعت مصر العديد من الاتفاقيات سواء كانت اتفاقيات أمنية أو اقتصادية أو سياسية مع الدول المطلة على شرق المتوسط لتعزيز التعاون ومواجهة المخططات التآمرية التي تستهدف تلك الدول.

وتدرك القوات المسلحة حجم التحديات والتهديدات المحيطة، ليس فقط بالأمن القومي المصري، بل بوجود مصر وكيانها، وإخضاعها لنظرية التفتيت والتقسيم التي تجتاح عالمنا العربي ومحوره الرئيسي وعموده الفقري هى مصر.

من هنا، أتى اهتمام القيادتين السياسية والعسكرية فى تلك المرحلة، بتقوية وتدعيم القوات المسلحة، فى مختلف أفرعها الرئيسية وتشكيلاتها القتالية، ووحداتها ومختلف منظوماتها على مختلف المستويات، بكل ما تحتاجه من قدرات قتالية ودعم إدارى وفنى ورعاية معيشية، كى تكون قادرة فى كل وقت على مجابهة التحديات التى تتفجر حول مصر وعلى مختلف الاتجاهات الاستراتيجية.

فمنذ اللحظة الأولى من تولي الرئيس عبد الفتاح  السيسي مقاليد الحكم، أخذ على عاتقه، تحقيق طفرة نوعية حقيقية في التسليح والتدريب والتكنولوجيا، والتصنيع، فقد اعتمدت القيادة السياسية على خطط توطين الصناعات العسكرية مع كبرى شركات التسليح العالمية، وصولا إلى نجاح مصر في تنظيم أكبر معرض للسلاح، وهو الأول في تاريخ مصر، وفي أفريقيا لتكون محط أنظار العديد من دول العالم في هذا المجال.

تطوير القوات البحرية
حرصت القيادة العامة للقوات المسلحة على تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث القوات البحرية ودعم قدراتها على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية فى المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة ويقينا بمدى أهمية الحفاظ على القدرات القتالية للقوات البحرية، خاصة بعد تنوع المهام الحالية التي تنفذها القوات البحرية من تأمين جميع موانى جمهورية مصر العربية الرئيسية التخصصية بصفة دائمة وعلى مدار 24 ساعة.

واهتمت القيادة السياسية بتطوير الصناعات البحرية الثقيلة متمثلة فى التطوير الذى تم بالفعل لترسانة الإسكندرية التابعة لجهاز الصناعات البحرية للقوات المسلحة لكى تواكب فى معداتها وأجهزتها بأحدث ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا العالمية وقد افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد التطوير فى مايو 2015.

وفى مجال دعم الأفرع الرئيسية، حرصت القيادتان السياسية والعسكرية، على دعم القوات البحرية وزيادة قدرتها على تأمين المجال البحرى لمصر، والتى تتمتع بإطلالات بحرية استراتيجية فريدة، تبلغ أكثر من ألفي كيلومتر، على شواطئ البحرين الأبيض والأحمر، كذلك تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس وحرصت على تزويدها بأحدث الأسلحة البحرية المستخدمة فى جيوش الدول المتقدمة.

وزودت بفرقاطة فرنسية من طراز "FREMM - تحيا مصر" لدعم أسطول الفرقاطات المصرية فى البحرين الأبيض والأحمر، كما تم تزويد البحرية المصرية بالحصول على حاملات الهليكوبتر الفرنسية من طراز ميسترال، والتى تمثل قوة هائلة متعددة القدرات ومتنوعة المهام فى المنظومة القتالية للبحرية المصرية، كذلك تم تزويد البحرية بالفرقاطة الشبحية "جوويند - Gowind-2500"، وهي صفقة وقعتها مصر مع الجانب الفرنسي.

كما تم تسليح البحرية المصرية بالغواصات الألمانية طراز 209 / 1400، وهى تعد الأحدث والأكثر تطورًا فى عالم الغواصات، بالإضافة لتدبير عدد من لنشات الصواريخ المتطورة، ولنش صواريخ «أحمد فاضل» من طراز «مولينيا»، وعدد آخر من السفن القتالية من كوريا الجنوبية، كما أن هناك تعاونا عسكريا كبيرا أيضا مع الجانب الألماني في الجانب البحري، بالإضافة إلى اللنشات السريعة والقوارب "الزودياك - الرفال" الخاصة بنقل الضفادع البشرية، وكثير من الاحتياجات الفنية والإدارية والتكنولوجية الحديثة والمتطورة ، وهو الأمر الذى أتاح تشكيل أسطولين بحريين قويين فى كل من البحرين الأبيض والأحمر.

ولخدمة تمركزات وإدارة عمل الأسطولين "الجنوبي - والشمالي"،  تم إنشاء عدد من القواعد الجديدة كـ "جرجوب - وشرق بورسعيد"، كذلك تطوير عدد من القواعد والموانئ البحرية على رأسها "قاعدة برنيس الجو بحرية" العسكرية، وتزويد القواعد بجميع الاحتياجات الإدارية والفنية وأنظمة القيادة والسيطرة ومنظومات التعاون مع مختلف القوات العسكرية والأجهزة المدنية فى نطاقات العمل بالبحرين الأبيض والأحمر.

كما أن الصفقات التى تم تسليح القوات البحرية بها، خلال الست سنوات الماضية، ساهمت بشكل مباشر فى رفع القدرات القتالية للقوات البحرية، والقدرة على العمل فى المياه العميقة، والاستعداد لتنفيذ المهام بقدرة قتالية عالية فى أقل وقت، مما يساهم فى دعم الأمن القومى المصرى فى ظل التهديدات و العدائيات المحيطة بالدولة المصرية حاليا.

وامتلاك قوات بحرية قوية وحديثة يتطلب تكلفة تشغيلية عالية، ولكن بالنظر إلى المهام التي تقوم بها القوات البحرية، تعتبر تلك التكلفة صغيرة، فالقوات البحرية تقوم بتأمين مصادر الثروات القومية بـ «أعالى البحار»، مثل حقول الغاز والبترول، بالإضافة إلى أن القاطرة الاقتصادية وعجلة تنمية الدولة التى تسير بخطى ثابتة لابد لها من قوة عسكرية قوية تحميها.