الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد مُصطفى يكتُب: ورحل الشيخ صُباح.. قائد العمل الإنساني

صدى البلد


يودع اليوم العالم العربي والإسلامي بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره ، رجلًا عظيما لم يختلف عليه أحد ، رجل حكيم أحب شعبه وأمته فأحبوه ، رجل لم ينطق إلا بالكلمة الطيبة ، كانت يداه بيضاء دائما تمتد لفعل الخير فلُقب بقائد العمل الإنسانى. رحل جسد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى مالك السموات والأرض ولكن سيبقى أثره الطيب في نفوسنا ما حيينا.
تلقى تعليمه في المدرسة المباركية ، وهو أوّل وزير إعلام، وثاني وزير خارجية في تاريخ الكويت. ترأس وزارة الشؤون الخارجية للكويت طيلة أربعة عقود من الزمن، ويعود له الفضل خلالها في توجيه السياسة الخارجية للدولة والتعامل مع الغزو العراقي للكويت في عام 1990. تولى إمارة دولة الكويت في 29 يناير 2006 خلفًا لسعد العبد الله السالم الصباح الذي تنازل عن الحكم بسبب أحواله الصحية،وبعد أن انتقلت السلطات الأميرية إليهِ بصفته رئيس مجلس الوزراء، قام مجلس الوزراء في 24 يناير 2006 بتزكيته أميرًا للبلاد،وقد بايعه أعضاء مجلس الأمة بالإجماع في جلسة خاصة انعقدت في 29 يناير 2006 ، وهو الأمير الثالث الذي يؤدّي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في تاريخ الكويت.

إبّان رئاسته لمجلس الوزراء حصلت المرأة الكويتية على حقوقها السياسية تنفيذًا لتوجيهات الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح، ثم تم تعيين أوّل امرأة كوزيرة  في حكومة برئاسته عام 2005، تلا ذلك مشاركة المرأة في العملية الانتخابية في أوّل انتخابات نيابية بعد توليه مسند الإمارة، ومن ثمَّ تُوجّت سياسته الإصلاحية تلك بدخول المرأة لأوّل مرة عضوًا في مجلس الأمة في ثالث انتخابات نيابية تجري في عهده،وقد سمح للمرأة بدخول السلك العسكري، وكذلك أعاد التجنيد العسكري الإلزامي في الكويت.

عُرف عن الراحل الشيخ صباح الأحمد –طيب الله ثراه-  بأنهُ كان دائما سمحا بشوشا لا تفارقه الإبتسامة. فلم يكن الشيخ صباح الأحمد أميرا للكويت فحسب. بل كان أميرا للإنسانية والعمل الإنسانى الجاد ، وبصماته ممتدة في هذا المجال في عموم الوطن العربى وخارجة ، فلمس قلوب الكثيرين ، وهذا ما تجلى في كم التعليقات المهوله على خبر وفاته على مواقع التواصل الإجتماعى المختلفة.

كرَّمته الأمم المتحدة في 9 سبتمبر 2014 بلقب "قائد للعمل الإنساني" وسُمِّيَت الكويتُ "مركزًا للعمل الإنساني" تقديرًا من المنظمة الدولية للجهود الذي بذلها الأمير وبذلتها الكويت خدمة للإنسانية. لُقِّب بـ"شيخ الدبلوماسيين العرب والعالم" و"عميد الدبلوماسية العربية والكويتية" ، ويرى مراقبون أنّه اتبع في عهده سياسة إصلاحية فترسَّخت الحياة الديمقراطية وزادت الحريّات الإعلامية، وانتشرت الصحف والمنابر الإعلامية وتوسّعت مساحات النقد في الكويت، بينما يرى آخرون أن قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" الذي أقره البرلمان الكويتي في 2015، إضافة إلى حدث سحب الجنسيات وحبس معارضين مثل مسلم البراك بتُهمة إهانة الأمير، حدَّ من سقف حرية التعبير في عهده في الكويت.

في النهاية فقد العالم اليوم ، مهندس السياسة وصاحب الحكمة والمسيرة الخالدة والسيرة العطرة ، ‏كان حاكما شجاعا ، فلا ينسى أشقاؤنا في الكويت حينما وقعت فاجعة تفجير مسجد الإمام صادق ، فوجدنا الشيخ صباح الأحمد يكسر البروتوكول و يتواجد في مكان الانفجار بعد نصف ساعة وهو يبكي و يكرر "هذولا عيالي" فكان موقفه صفعة بوجه الإرهاب ، ووأد للفتنة في مهدها.
 حمل الشيخ صباح الأحمد –طيب الله ثراه- طول فترة حكمه مسؤولية النهوض بالكويت والإرتقاء بمستواها في شتى المجلات ، وخدمة المصلحة العليا للشعب الكويتى ، وتكريس دوره الوسطي المعتدل في التعامل مع أغلب الملفات والقضايا الساخنة في المنطقة والعالم لاسيما العربية والإسلامية منها من منطلق سمح ونظرة مسؤولة وموقف بعيد عن الانفعال والتشنج. 
 مثل الشيخ صباح الأحمد نموذجا لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وأطلق المبادرات والمشاريع في فترة حكمه لدولة الكويت ومن قبلها فترة إدارته لملف الخارجية الكويتية فضلا عن نظرته الأبوية تجاه عامة الشعب الكويتي الشقيق. 
نودع الشيخ صباح الأحمد اليوم ، ومآثره وصنائعه تظل محفورة في القلوب ، داعين المولى العزيز الغفار أن يسكنه الفردوس الأعلى في الجنة.