الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبدالله النجار: من المقاصد السامية في الإسلام الستر وعدم تتبع عورات الآخرين

عبدالله النجار
عبدالله النجار

افتتحت اليوم الأحد وزارة الأوقاف الدورة التأهيلية السابعة للأئمة الجدد بمسجد النور بالعباسية بمحاضرتين.. الأولى: للدكتور  أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر ، تحت عنوان: "مفاهيم يجب أن تصحح في فقه السيرة والسنة " ، والثانية : للدكتور  عبدالله النجار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، تحت عنوان :"قواعد الفقه الكلية" ، وبمراعاة جميع الإجراءات الاحترازية والضوابط الوقائية والتباعد الاجتماعي.


وفي محاضرته أكد  أحمد حسين، أن العالم كله يمر بظروف وتحديات لم يمر بها من قبل ، وتتنوع هذه التحديات ما بين تحديات حياتية ، أو اجتماعية أو فكرية كبيرة ، وينبغي أن يعمل العلماء والمصلحون ليجدوا لها الحل الأنسب للتغلب عليها ، ولن يكون هذا إلا بعد الجد والاجتهاد في التعلم وفهم الدروس ، وهذا ما تقوم به وزارة الأوقاف بفكر متزن رشيد لمحمد مختار جمعة وزير الأوقاف الذي لا يتوقف في لحظة من ليل أو نهار ليرتقي بأحوال الأئمة علميا وماديا ، مبينا أنه ينبغي أن نستفيد من تجارب من حولنا من الخبراء والمتخصصين ليرقى بعضنا ببعض، ويخرج الإمام بفهم عميق وفكر رشيد ، مستفيدا من تجارب الآخرين بضم عقلهم إلى عقله ، فليس من رأى كمن سمع.


كما أظهر  أن غاية الدين والتشريع ومجموع الأوامر والنواهي الواردة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هي جلب السعادة للناس، ودفع الضيق عن حياتهم ، يقول تعالى : "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" ، ويقول سبحانه : "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، مؤكدًا أن الدين والعلم يسيران في خطين متوازيين ، ولا يمكن أن يتعارضا أو يتقاطعا ، وقد دعا الإسلام إلى العلم ، فكان أول ما قرع سمع الأرض من الوحي القرآني قوله تعالى :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" ، وأقسم سبحانه وتعالى بأداة من أدوات العلم وهي القلم ، فقال سبحانه :" ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" ، بل حث الإسلام على العلم والاستزادة منه ، فقال جل وعلا ":شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ، وبعض الجهال قصروا العلم على علم الشريعة ، وهذا فهم خاطئ ويتصادم تماما مع الإسلام ، فإن العلم النافع المقصود به مفهومه الشامل للعلم سواء أكان لعلوم الشريعة أم لعلوم الدنيا ، فمن قطع وقته ليدرس علم الفيزياء أو الكيمياء أو الطب كان كمن قطع وقته ليدرس علوم الشريعة.


كما بيّن أن حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) لم تكن عدائية وإنما جاءت لدفع عدوان ، أو رد اعتداء ، لذا كان الأليق والأدق أن نعبر بأيام كذا، فيقال يوم بدر ، ويوم أحد ، ويوم الأحزاب ، كما ذكر القرآن الكريم ، حيث يقول تعالى: "لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا ...." ، ويقول سبحانه : "إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ" ، ويقول جل وعلا : "وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ".


وخلال المحاضرة الثانية قدم  عبدالله النجار الشكر لوزارة الأوقاف لإحيائها مدارس العلم ، والارتقاء بمستوى الأئمة بنشاط غير مسبوق من خلال الدفع بهم للحصول على درجة الدكتوراه أو الماجستير ، مؤكدًا أنه من خلال المتابعة لم أجد من استطاع أن ينهض بمستوى الأئمة مثل وزير الأوقاف  محمد مختار جمعة ، مبينا أن القواعد الفقهية من الأمور المهمة التي ينبغي أن يعتني بها الفقهاء والدعاة ، فكل فرع لابد له من أصل يبدأ منه ، وينشأ من خلاله.


كما أكد أنه ينبغي الإخلاص في العمل وتوجيه القصد لله تعالى وحده دون أحد سواه ، يقول سبحانه وتعالى :"وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ " ، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) :" إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى "، وبفضل النية الخالصة يبارك الله تعالى في العمل ، مبينا أنه لا تعارض بين الآيات الكونية والآيات الشرعية ، يقول تعالى على لسان نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ، وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" .


كما أظهر أنه لا تعارض البته بين القوانين الوضعية وبين المبادئ التي أقرتها الشريعة الإسلامية ، سواء أكانت القوانين تتعلق بالأمور المدنية والمعاملات المالية ، أم بالأنظمة السياسية ، أم بالقوانين الجنائية ، مستشهدًا بالعديد من الشواهد القرآنية ، والأحاديث النبوية ، والتي منها : قوله تعالى :" وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" ، وقوله تعالى على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) :" قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ" ، مما يدل دلالة واضحة على مبدأ عدم أخذ الإنسان بجريمة غيره ، وهو مما عمل به في القانون الجنائي المعاصر ، وأخذ به في الأنظمة القانونية العالمية.


كما بيّن أن من المقاصد السامية في الإسلام الستر وعدم تتبع عورات الآخرين وزلاتهم ، ودرء الحدود بالشبهات ، وهي آخر ما يلجأ إليه عند وقوع الجريمة الموجبة للحد ، فيبحث القاضي شروط الجريمة وأركانها ، ويبحث شروط وجوب إقامة الحد على الجاني ، ويبحث شروط الجاني ذاته وحالاته النفسية ، ثم إذا اكتملت الشروط وتوافرت الأركان لجأ القاضي إلى بحث الشبهات التي تدرأ الحد والتي قد أوصلها بعض الفقهاء إلى أربعين شبهة، فإذا توافرت أي شبهة درأ الحد ، وانتقل إلى التعزير وهو ما أخذت به الأنظمة القانونية المعاصرة ، مما يؤكد على عظمة الفقه الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان .