الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من اليونان إلى سوريا.. مجلة أمريكية تفضح خطة أردوغان الاستعمارية لإحياء خلافته المزعومة.. وتدرس سيناريوهات ترامب في معاقبة تركيا عبر سياسة أمريكا أولا

صدى البلد

- نيوزويك تكشف أحلام أردوغان الاستعمارية فى المنطقة.. خريطة تمديد من شمال اليونان لسوريا
- الانصياع لأردوغان كان جزءًا من رؤية أوباما لسياسة واشنطن الخارجية
- سياسة أمريكا أولًا لترامب ستمنحه بعض المرونة في التصدي لإرهاب أنقرة


لا يزال مجلس الشيوخ الأمريكي يدرس مسألة فرض عقوبات على تركيا على خلفية تشغيلها لمنظومة صواريخ إس-400 الروسية، في الوقت الذي أدانت فيه عدة دول أوروبية وعلى رأسهم فرنسا، تحركات أنقرة الاستفزازية في منطقة شرق المتوسط. 

ولا يزال موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع تركيا، سواء بصفتها عضوًا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أو أحد اللاعبين الرئيسين في عدم استقرار ليبيا وسوريا والعراق، وإشعال الصراع بين أرمينيا وأذربيجيان، عبر إرسال مرتزقة سوريين لدعم الأخيرة في إقليم ناغورني قرة باغ. 

وقالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، في مقال رأي للكاتبة الأمريكية "كارولين جليك"، إن على ترامب التصدّي للتهديد التركي المتزايد من خلال فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة، من دون إثارة مسألة إخراج تركيا من "الناتو".

وأوضح المقال أنه على مدى الأشهر الماضية، تبدّدت جميع الشكوك حول العداء الواضح لأردوغان للولايات المتحدة وحلفائها في "الناتو" والشرق الأوسط، مشيرةً إلى ملف شراء صواريخ إس-400، ونيت رجب طيب أردوغان اختبار النظام خلال الأسبوع المقبل في تحدٍ واضح لواشنطن وحلفائها.

وقال: "يسعى أردوغان لزعزعة الاستقرار في مصر والسعودية والإمارات، ثمّ تدمير تحالف بلاده الاستراتيجي الطويل الأمد مع إسرائيل، وتركيزه على التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي، ومع إيران ضد الدول العربية". 

وأشار المقال إلى أن أردوغان أصبح "متزعمًا" تنظيم الإخوان، لخدمة أهدافه التوسّعية، فمؤخرًا، نشر أحد مساعديه، وهو متين كولونك، البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية خريطة لإمبراطورية عثمانية جديدة أو "تركيا الكبرى" مع أردوغان كـ "سلطان".

وشملت الخريطة مناطق شاسعة تمتدّ من شمال اليونان إلى جزر بحر إيجه الشرقية ونصف بلغاريا وقبرص ومعظم أرمينيا ومساحات شاسعة من جورجيا والعراق وسوريا.

ولفت المقال إلى أن أردوغان يواجه روسيا بعد تدخله العسكري في سوريا وليبيا، عبر دعم الجماعات الإرهابية هناك، فيما فتح مع موسكو جبهة جديدة في الفترة الأخيرة بعد اشتعال القتال بين أرمينيا وأذربيجان. 

وتساءلت الكاتبة الأمريكية: "كيف ينبغي على الولايات المتحدة أن تتعامل مع أردوغان، الذي اعتبرته واشنطن منذ فترة طويلة حليفًا لا غنى عنه؟"، انطلاقًا من أن تركيا تسهل على الولايات المتحد الوصول إلى مسارح العمليات الرئيسية في آسيا والشرق الأوسط وروسيا، ما جعل البنتاجون يرفض دعوات للخروج من تركيا.

واعتبرت أن لهذه الأسباب، كانت الولايات المتحدة تغضّ الطرف في كثير من الأحيان عن العدوان التركي على حلفائها وشركائها. في عام 2019، وافقت الولايات المتحدة على التخلّي عن القوات الكردية في سوريا، على الرغم من دورها المركزي في مساعدة الجهود الأمريكية لتدمير تنظيم "داعش". 

كما لم تُطالب الولايات المتحدة تركيا بمساءلة جدية عن السماح لتنظيم "داعش" باستخدام تركيا كقاعدة لوجستية وتعبئة ومركزًا اقتصاديًا خلال السنوات التي سيطرت فيها الجماعة الجهادية الإرهابية على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق. وهو ما دفع الولايات المتحدة أيضًا إلى تجاهل الدعم التركي لحركة "حماس".

وذكرت "جليك" أنه أثناء فترة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كان الانصياع لأردوغان جزءًا من رؤية أوباما للسياسة الخارجية، وتبيّن في تصريحاته لأحد المحاورين في عام 2012 أنه تحدث مع أردوغان أكثر من أي زعيم أجنبي آخر، كما سعى أوباما ونائبه جو بايدن إلى إعادة هيكلة نظام التحالف الأمريكي في الشرق الأوسط بعيدًا عن إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة من العرب السنة التقليديين، وتغيير السياسات تجاه إيران و"الإخوان المسلمين" بالنظر إلى توجّهها المتطرف.


ورأى المقال، أن سياسات ترامب لا تختلف، ظاهرًا، عن سياسات أوباما، حيث لم تطعن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب بعضوية تركيا في حلف الناتو، ورضخت لمطالبها في سوريا. وعلى الرغم من أنها منعت تسليم طائرات إف 35 إلى تركيا، إلا أنها رفضت حتى الآن معاقبة تركيا على سلوكها العدواني تجاه اليونان،

 كما لم تقم بسحب القوات الأمريكية والرؤوس النووية من قاعدة انجرليك الجوية في تركيا، فيما يُواصل ترامب اعتبار اردوغان "زعيمًا يحترمه".


لكن من الناحية العملية، فإن سياسة ترامب مختلفة تمامًا عن سياسات أوباما وبايدن، حيث تعتمد أيديولوجية ترامب على اعتبار "أمريكا أولًا" موقفًا أيديولوجيًا يقوم على الالتزام بتعزيز المصالح الأمريكية على تنحية السياسات التقليدية جانبًا إذا كانت لا تتوافق مع الحقائق على الأرض.


وأشارت الكاتبة إلى أنه منذ عهد رونالد ريغان، كانت الحكمة السائدة في واشنطن هي أن على واشنطن عقد صفقة مع آيات الله في إيران، بينما أدرك ترامب أن أحدًا لم ينجح في ذلك، لأن النظام الإيراني يسعى إلى تدمير الولايات المتحدة، وليس صنع السلام معها، بل أن الإيرانيين رفضوا التوقيع على اتفاقهم النووي مع أوباما خشية أن يُنظر إليهم على أنهم يعقدون السلام مع "الشيطان الأكبر".

واعتبرت الكاتبة أن تركيا "أكبر وأسرع" تهديد للاستقرار والسلام في الشرق الأوسط مع التهديد العلني الناتج من نرجسية أردوغان لحلفاء الولايات المتحدة من خلال إيمانه بأنه قادر على إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية، أشارت إلى أن العديد من المحلّلين يدعون إلى طرد تركيا من الناتو، "لكن ليس من الواضح ما إذا كانت المواجهة المباشرة مع أردوغان ستؤدي إلى تحييده، أو ستُساهم في مساعدته لحشد الجمهور التركي خلفه في وقت يقف فيه الاقتصاد التركي على شفا الانهيار".


واستعرضت الكاتبة إجراءات لوقف عدوان تركيا المتعدّد الجوانب، تتمثّل في وضع سياسة واقعية تهدف لتقليص سلطات أردوغان من خلال فرض عقوبات اقتصادية على أنقرة بسبب عدوانها على اليونان وقبرص، مشيرة إلى أن عدم إثارة مسألة إخراج تركيا من الناتو سينجح في تقويض السعي الحثيث للصين لتحلّ محل الولايات المتحدة في رعاية اقتصاد تركيا وبيعها الأسلحة.

وهو الأمر الذي يجعل نفوذ الولايات المتحدة على تركيا أكبر من الصين.

وخلصت "جليك" مقالها بالقول إن سياسة ترامب الخارجية الواقعية، وتفضيله للمواجهات غير المباشرة وتمكين شركاء الولايات المتحدة للدفاع عن أنفسهم ضد العدوان، بدلًا من إملاء عليهم أفعالهم أو خوض المعارك نيابة عنهم، تمنح الرئيس المرونة لتقليص مساحة مناورة أردوغان، واستقلاله الاقتصادي وشعبيته في الداخل، مع تمكين حلفاء الولايات المتحدة، المتأثّرين مباشرة بعدوان الرجل القوي، من مواجهته بشكل فعال، مع أو بدون مشاركة أمريكية مباشرة.