قمة وزارية ثلاثية بين مصر والعراق والأردن:
* رسالتان للرئيس السيسي من العاهل الأردني ورئيس وزراء العراق تتعلقان بالتعاون الاقتصادي ودعم الاستقرار في المنطقة
* انعقاد دوري للآلية الثلاثية في العواصم الثلاث القاهرة وبغداد وعمان
* تحقيق الأمن الغذائي أولوية والربط الكهربائي وأمن الطاقة ونقل النفط والغاز
* دعم لاستقرار العراق وابعاده عن أي صراعات إقليمية
سلم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، رسالة للرئيس عبد الفتاح السيسي، موجهة من رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي.
والتقى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقاهرة، قبيل انعقاد القمة الثلاثية على المستوى الوزاري التي انعقدت اليوم في القاهرة.
وبحث وزير الخارجية العراقي، مع الرئيس السيسي العلاقات الثنائيّة بين البلدين، وسُبُل الدفع بها لما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، كما بحث موضوعات القمّة القادمة على مستوى القادة المُزمَع عقدها في الربع الأول من العام المقبل.
وعرض وزير الخارجية العراقي أهم موضوعات القمّة الثلاثيّة على المُستوى الوزاريّ التي ستُعقَد غدًا في القاهرة.
ووصل وزير الخارجيّة فؤاد حسين العاصمة المصريّة القاهرة مساء أمس الاول، وعقد اجتماعًا مع نظيريه المصريّ سامح شكري، والأردنيّ أيمن الصفديّ اليوم الثلاثاء، لاستكمال الاتفاقيّات التي وقّع عليها قادة الدول الثلاث في اجتماعهم الأخير في العاصمة الأردنيّة عمّان في أغسطس الماضي.
كما سيلتقي المسؤولين المصريّين للتنسيق لعقد اللجنة العراقيّة-المصريّة في بغداد قريبًا، والتقي الوفد مع الأمين العامّ للجامعة الدول العربيّة أحمد أبو الغيط لمناقشة آخر المُستجدّات على الساحة العربيّة.
علاقات تاريخية ممتدة
ولم تكن العلاقات المصرية العراقية وليدة التاريخ الحديث والمعاصر وإنما كانت موجودة في التاريخ القديم والوسيط، والتنافس بين القاهرة وبغداد قد سبقه بزمن طويل تنافس حضاري بين العراق البابلي والسومري والآشوري وبين مصر الفرعونية.
ولا ترجع أهمية العلاقات بين البلدين إلى كونها فقط نموذجًا للعلاقات بين كيانين عربيين، وإنما تتمثل أهميتها في أنها تكشف مجمل العوامل التي شكلت ملامح العلاقة بين مصر والعراق ومن ثم انعكاسها على المنطقة العربية باعتبارهما أكبر دولتين عربيتين في المنطقة حينذاك والذي كان من المفروض أن يقع عليهم عبء جمع ووحدة العرب.
وأدى وقوع مصر والعراق ضمن وحدة سياسية وجغرافية واحدة ألا وهي منطقة الشرق الأوسط، بأن لازم هذا الرباط المكاني، رباط زماني جعل الأحداث بين القطرين تتصل وتتشابه وتختلط مما خلق معه خطوطا تاريخية عامة متشابهة بينهما ومن ثم كانت هناك علاقة تأثر وتأثير متبادل بين البلدين.
ونظرًا لتكامل موقع مصر والعراق الجغرافي والاستراتيجي الذي فرض عليهم تحمل عبء الدفاع عن المنطقة وتأثير العلاقة بينهما على قوة الأمة العربية من ناحية، ولخطورة تلاحمهما على أي قوى خارجية تهدف للسيطرة على المنطقة من ناحية أخرى، لذلك كان من أولويات استراتيجية القوى الخارجية إخضاعهما لحكومة واحدة وإحكام العزلة والتباعد بينهما وتعميق الاختلاف والتباين بين الاتجاهات القومية للبلدين، ففقدان التلاحم بينهما صمام الأمان الرئيسي لأي قوى خارجية، فتوالت عليهما حكومات أجنبية يونانية ورومانية وبعدها اندرجا تحت حكومة واحدة في ظل الكيان الإسلامي العربي ويليه العثماني وأخيرًا السيطرة البريطانية، إذ كانا يمثلان للأخيرة حلقة متصلة لحماية مصالحها في الهند وهذا يفسر إلى أي مدى لعبت بريطانيا دورًا كبيرًا في وأد أي عمل عربي مشترك سواء كان سياسيًا أم عسكريًا، وبالتالي كانت بينهما ملامح سياسية مشتركة بل وحدة في التاريخ والمصير، ورغم ذلك لم يكن بينهما على المستوى الرسمي وحدة في الهدف للتصدي لمواجهة الخطر المشترك لانشغالهما في المنافسة على الزعامة العربية.
استلهام الثورات المصرية
وكان لثورة 1919 المصرية تأثير غير مباشر على ثورة العشرين العراقية، كما تمثل بداية التقارب بين الحركة الوطنية في مصر ومثيلاتها في العراق، برغم ما فرضته بريطانيا من ستار حديدي على العلاقة بين البلدين، لأن القضية التحريرية أقوى من الحصار والفصل بينهما، فنمو العلاقات بين شعبي مصر والعراق عملية حتمية وضرورية لما يربط بينهما من مصير مشترك وروابط تاريخية ودينية وعرقية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن مصر بثقلها وتأثيرها السياسي والثقافي جعلها تلعب دور النموذج السياسي والوطني أثناء العشرينيات وحتى بعد الحرب العالمية الثانية، فتطلعت إليها القوى الوطنية في العراق وغيرها من الأقطار العربية، تحدد سياستها تبعًا لها، فقد كانت بحق المرجع السياسي في المشرق العربي حيث كانوا يرون فيها قدوة سياسية لأمم الشرق كما صارت الوفدية وطنية عربية، ومن ثم نلاحظ خلال الفترة محل البحث «1922 - 1952» أن للضغط الشعبي في العراق على حكومته دورًا كبيرًا في تنمية العلاقات بين البلدين.
وقد يبدو ظاهريًا أن تشابه النظام السياسي الملكي الدستوري فيهما قد يسهل الطريق إلى التقارب والتعاون بينهما ولكن هذا التشابه جاء لصالح بريطانيا ليسهل عليها جمع خيوط الإدارة بهما في يدها بإشرافها على إدارة الشؤون الخارجية والعسكرية من خلال ممثلها لديهما، لذلك سنلاحظ مدى الارتباط والتشابه بين مصر والعراق خاصة فيما يتعلق بتسوية العلاقات مع بريطانيا، تلك السياسة الثابتة التي اتبعتها الأخيرة لتحديد الصلات المستقبلية بهما مع اختلاف مصالحها في كل منهما على حدة، إذ جعلت من العراق قاعدة حربية تهدد بها من تشاء من الدول المجاورة وما وراءها، مما يؤثر حتمًا على اتصال وعلاقة العراق بجيرانه من الدول العربية المحيطة، وبالتالي فإن سياسة بناء الجسور بين مصر والعراق في إطار تلك المعاهدات مع بريطانيا، كان مقضيًا عليها بالفشل ما دام الإنجليز ضالعين في تلك السياسة ويساعدهم ويتعاون معهم القائمون على حكم العراق.