الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. هبة شفيق تكتب: كورونا.. مشاهد التكريم والتنمر

صدى البلد

كانت جائحة كورونا بالنسبة للعالم صدمة كبيرة، تعطلت خطط واستبدلت بأخري، في حياة لم يعتادها أحد من قبل. كانت كورونا درسا للجميع صحيا واقتصاديا واخلاقيا لا يمكن تجاوزه أو نكرانه. وكأي أزمة تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي فيها عددا من الأدوار الفاعلة، ما بين التعبئة والحشد، أو التوعية، أو التحريض وغيرها من التأثيرات التي تتنتقل من العالم الافتراضي إلى الواقع المعاش.  وخلال سبعة أشهر كشفت لنا كورونا عن ملامح التغير في الأخلاق والسلوكيات بالمجتمع المصري، إذ كانت هناك عدد من النتائج السلبية على النواحي الاجتماعية التي ظهرت خلال أزمة فيروس كوفيد-19.

لقد أدت وسائل الإعلام الرقمية دورًا في مواجهة الأفعال المعادية للمجتمع، وزيادة الوعي بطرق انتشار العدوى. فقد عبر عدد كبير من المنشورات والآراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها الفيسبوك عن دعم المصريين لكل العاملين بخدمات الصحة العامة ومستشفيات العزل من الممرضين والأطباء الذين يحاربون الفيروس لحماية شعبهم. كما انتشر التعاطف الإيجابي من خلال الشبكات الاجتماعية وذلك من خلال مشاركة الكلمات التحفيزية لدعم مرضى فيروس كورونا المستجد.

لكن من أولى التأثيرات السلبية التي ظهرت في التعامل خاصة مع المصابين بفيروس كورونا "التنمر"،  إن زيادة الوعي بالتأثير السلبي للتنمر على الصحة النفسية لمرضى فيروس كورونا المستجد قضية أساسية نظرًا لوجود عدد من محاولات الانتحار للمرضى نتيجة لخوفهم من وصمة المرض والنظرة المجتمعية.

"لا تعود إلى المنزل"، هذا ما سمعه مرضى فيروس كوفيد-19 والعاملين في قطاع الصحة ومستشفيات العزل، من عائلاتهم وأصدقائهم وجيرانهم. الرفض كان مصيرهم إذا شُفيوا أو ماتوا. العار والتنمر هو جزاء مقاتلو فيروس كورونا المستجد. تكرم جميع البلدان العاملين في مستشفيات العزل نتيجة لتضحياتهم، وتشجيعا للمرضى على البقاء أقوياء. ولكن هذا الجانب المظلم لأزمة كورونا كان مؤثرا للغاية كونه يمس جوانب اجتماعية وأخلاقية. لا شك أن المجتمع تغير وعلى الرغم من إدراك الجميع للجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات والعاملين في قطاع الصحة، إلا أن بعض الأخلاق والمفاهيم الاجتماعية الفاسدة طفت على السطح من خلال بعض السلوكيات الفردية، وهنا أؤكد على أنها فردية لا يمكن تعميمها بأي حال من الأحوال.

لقد انتشرت عولمة الخوف في جميع أنحاء العالم وبطريقة ما استخدمت الجماعات والأفراد هذه الأزمة الصحية الحرجة على الفور لتضليل العقل الجمعي. إن الإعلام الرقمي سلاح ذو حدين ولا يزال تأثيره الهائل يلعب دورًا في الدول العربية، خاصة في مصر التي مازالت تكافح الإرهاب وخطاب الكراهية. وفي بداية أزمة كورونا، كان هناك من يدعو إلى الانتشار الفيروس منتشر بين قوات الشرطة، وحث المصريين على التجمهر في الشوارع، وانتهاك الحجر الصحي وحظر التجول. ذلك بخلاف، ما نُشر من بعض مقاطع الفيديو والمنشورات والأخبار ومشاركتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التي توضح كيفية التنمر ضد مرضى فيروس كورونا المستجد والعاملين في مستشفيات العزل.

وأود أن أشير على سبيل المثال لا الحصر بعض مشاهد التكريم المشرفة من المصريين خلال ذروة الأزمة: أهالي قرية طوخ طنبشة بالمنوفية يستقبلون مسعف مع الزغاريد، أهالي قرية الشيخة سليمة بالقليوبية يستقبلون ممرضة بعد شفاءها من مرض كوفيد -19، أهالي قرية بالدقهلية يستقبلون ممرضة بالورود بعد تعافيها من كوفيد -19. فالعاملين بقطاع الصحة ومستشفيات العزل تم وصفهم بـ "الجيش الأبيض المصري" تكريمًا لجهودهم العظيمة لمنع انتقال فيروس كورونا المستجد ورعاية المرضى. التقطت بعض الصور التي أظهرت سقوط المسعفين بعد معاناتهم من الإرهاق الشديد، كما وُصف المسعفون بأنهم "جنود شجعان".

كما وصف العاملين بقطاع الصحة ومستشفيات العزل بأنهم مسؤولون، فعلى سبيل المثال أحد الممرضين في قرية فيشا بالمنوفية، عزل نفسه عن عائلته وجيرانه بمجرد أن لاحظ علامات وأعراض كوفيد -19، وبعد شفائه كرمه أهل القرية بتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي له. أما الكلمات التي وصف بها مرضى كوفيد -19 كونهم: شجعان، متفائلون، وغيرها من الكلمات إيجابية. لكن هؤلاء المرضى لم يتمكنوا من التخلص من وصمة المرض. تعرض العديد من مرضى فيروس كورونا 19 للتنمر. واستجابة لذلك ، تمثلت قوة وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات التي دعت إلى "وقف التنمر ضد مرضى كوفيد -19".