الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: محافظ الدقهلية.. جاني أم مجني عليه؟

صدى البلد


أنتشرت علي السوشيال ميديا خلال اليومين الماضيين حملة ضخمة من النقد اللاذع لمحافظ الدقهلية أيمن مختار ومطالبة الكثيرين برحيله،بسبب سوء تصرفه تجاه مديرة مدرسة في إدارة دكرنس التعليمية، وتوجيه اللوم لها بعبارات من وجهه نظر البعض لاتليق بعد أن أكتشف عدد من المخالفات والملاحظات التي يمكن أن تضر بصحة التلاميذ.

للأسف مارصدة محافظ الدقهلية من ملاحظات موجود بالفعل في كثير من مدارسنا ووحداتنا الصحية والخدمية..لكن هذا لا يعني أنه كان محقًا وموفقًا بشكل كامل في تصرفه.. كما لا يعني أن مديرة المدرسة كانت ضحية ولم تقترف خطأ تستحق عليه الحساب..مبدئيًا علينا أن نخرج من دائرة التأثر العاطفي عند تناول بعض الأمور والحكم عليها..إذا أردنا أن نسير في إتجاه صحيح نحو البناء الإداري السليم لكل مؤسساتنا الحكومية بداية من المدرسة والوحدة الصحية حتي ديوان عام مجلس الوزراء.

أولًا:مارصدة المحافظ من إهمال في النظافة المدرسية واقع صحيح وموجود بالفعل في بعض المدارس وربما يرجع ذلك لأسباب عديدة أهمها وجود نقص فعلي في عدد عمال النظافة بكثير من المدارس.

ثانيًا:من الطبيعي أن يقوم المحافظ بجولات تفقدية للأطمئنان علي مدي جاهزية المدارس لأستقبال تلاميذها بل من حسن التصرف أن تكون بعض هذه الجولات سرية ومفاجئة،لكن ماهو غير طبيعي أن يكون تعامله مع هذه المواقف هكذا علي الملأ وبهذه الكيفية التي تنم عن قلة خبرة وإستعجال لإثبات الجدارة..وربما  كان لديها من المبررات والأسانيد التي لايعلمها المحافظ مايساعد كثيرين  علي النيل منه وهذا ماحدث،فكان نقص العمال هو المبرر المنطقي لهذا الموقف وهذا ماخلق هذه الموجه من التعاطف مع مديرة المدرسة ووضع المحافظ في حرج شعبي شديد.

ثالثًا:أعتقد بأنه كان من الأفضل واللأئق أن يتصرف المحافظ بشكل آخر في مدرسة دكرنس وغيرها بعد رصده لهذه الملاحظات..كأن يعقد إجتماعًا قصيرًا لعشر دقائق أو ربع ساعة مع هيئة المدرسة بالكامل يوضح لهم وجهه نظره..يستمع إليهم ويكون علي علم تام بكل مايجري في المدرسة ومايجول بخاطرهم ويستمع لإقتراحاتهم لتحسين الأداء في مدرستهم وكيفية  التخلص من هذه السلبيات..خصوصًا أن الخلاص من هذه المشاكل  ليس جزء من صميم عمل المعلم ويعمل علي التعظيم من دور الإيجابيات في المدرسة ودور هيئة التدريس..محاولًا إشراكهم  بشكل غير مباشر في تحمل مسئولية المدرسة فيكون هذا الإجتماع بمثابة تقدير أدبي لهم ونموذجًا حيًا علي التعاون وليس تصيد للأخطاء..ثم لفت نظر المديرة إلي مثل هذه الأمور دون أن يكون ذلك علي الملأ وبهذا الشكل الذي لايليق حتي لا نضطر مرة أخري لكثيف العقاب.

رابعا:ليس معني عدم توفيق المحافظ في رد فعله تجاه مارصده من ملاحظات أن مديرة المدرسة خالية من المسئولية أو أنها لم تخطيء..بالعكس من ذلك تمامًا!!نفس هذه المديرة وغيرها كثيرين تقدموا  إلي لجنة الموارد بالمحافظة لشغل الوظيفة"مدير مدرسة" وربما بحثت عن وسيط يساعدها علي الفوز بالوظيفة..رغم أنها تعلم جيدًا النقص الذي تعاني منه كثير من المدارس من إمكانيات.

خامسًا:كان علي المديرة وغيرها البحث عن حلول سريعة وغير روتينية لحل مثل هذه المشاكل البسيطة..سواء كان ذلك بالتعاون مع المجتمع المحيط وتفعيل المشاركة المجتمعية من حولها خصوصًا والقانون يتيح لها ذلك أو التعاون بين هيئة المدرسة في مثل هذه الأمور السهلة وعدم ترك الصورة بهذا الشكل الغير لائق.

سادسًا:هذا النمط الإداري المنشود والذي ينم علي التعاون من قبل المسئول الأعلي مع المسئول الأدني دون الحاجة إلي"فرد العضلات" وكذلك إهتمام المسئول الصغير بعمله وإخلاصه فيه مراقبًا ضميره أولًا  أكثر من إهتمامه بتوفير مبررات واهية أمام المسئول الأعلي لتبرير أخطاء بسيطه يمكن تلافيها بكل سهولة هو مانفتقده للأسف في الكثير من مؤسسات الدولة.

هذا التناغم الإداري وحب العطاء دون الحاجه إلي ضرورة إظهار السطوة أو التفنن في إيجاد الأعذار والمبررات ربما يكون أحوج مانحتاج إليه في بعض مؤسساتنا الحكومية  هذه الفترة الحرجة،خصوصًا مايتعلق منها بتقديم خدمات مباشرة للمواطنين كالتعليم والصحة مع عدم التوافر التام لكل مايتطلبه تقديم هذه الخدمات بشكل كامل.

لذلك أعتقد  أننا في حاجة ماسة إلي دراسة وافيةو مراعاة بعض المقومات  الشخصية  الخاصة عند إختيار المسئول الصغير قبل الكبير..أؤكد أننا نحتاج إلي إختيار جيل من المسئولين الكبار والصغار يقدرون قيمة ومعني العطاء..جيل يتبع نمطًا إداريًا مميزًا يستند إلي الإبتكار وخلق الحلول الغير تقليدية وتحسين بيئة العمل والإستفادة القصوي مما هو متاح من موارد وإمكانيات..بدلًا من وضع العراقيل او إستعراض العضلات فمن سيدفع الثمن مؤكد ليس هذا أو ذاك وإنما سيتحمل الخطأ في النهاية  المواطن المطحون الذي يواصل الليل بالنهار في البحث عن توفير حاجيات أسرته البسيطة.