الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اللطم في جنازة فرنسا.. صحيفة أوروبية: أردوغان يحلم عبثا بمزاحمة مصر والسعودية

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

بينما تخوض فرنسا تداعيات حادث ذبح مدرس تاريخ عرض رسومًا مسيئة للنبي محمد، وجدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرصة مثالية للقفز إلى صدارة المشهد بالمزايدة، فكان أول ما تبادر إلى ذهنه الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.


وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأوروبية أن الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية ليست جديدة أو وليدة حادث ذبح المدرس الفرنسي، إذ سبق وتعالت عبر العالم الإسلامي بعد الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية الساخرة إثر نشرها رسومًا مسيئة للرسول مطلع عام 2015.

وأوضحت الصحيفة أن أردوغان يدرك بغريزته أن مشاعر الاستياء الإسلامية تجاه فرنسا لم تخفت منذ حادثة "شارلي إبدو" قبل سنوات، ومن آن لآخر يحدث ما يستدعي التذكير بماضي فرنسا الاستعماري البغيض في شمال أفريقيا، ويدرك أيضًا أن مشاعر الاستياء تلك سهلة التعبئة والتوجيه.

 ورأت الصحيفة أن التفسير الأكثر وضوحًا هو أن أردوغان يأمل في أن يؤدي الخوض في الجدل ومهاجمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تحويل الانتباه عن الوضع الاقتصادي المتردي في تركيا، والذي يعود في جزء كبير منه إلى قرارات خاطئة تقع مسئوليتها على عاتق الرئيس التركي مباشرة.

ومع ذلك، سيكون من قبيل التبسيط الاعتقاد بأن تصرفات أردوغان مدفوعة بالعوامل المحلية فقط، حيث تتضمن دعوته إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية أيضًا إشارة إلى رغبة تركيا في لعب دور متضخم باستمرار على الساحة الإقليمية.

ووجدت تركيا نفسها على مسار تصادم مع فرنسا في عدد من النزاعات الإقليمية؛ ففي ليبيا تؤيد فرنسا موقف الجيش الوطني في مقابل دعم تركيا لمليشيات حكومة الوفاق في طرابلس، وفي شرق المتوسط تساند فرنسا اليونان في مواجهة التحركات التركية العدوانية الهادفة إلى الاستيلاء على ثروة ضخمة من الغاز الطبيعي لا يحق لأنقرة المطالبة بها، وفي القوقاز تقف فرنسا إلى جانب أرمينيا في الصراع حول إقليم ناجورني كاراباخ في مقابل انحياز تركيا لأذربيجان.

وتابعت الصحيفة أن ركوب أردوغان موجة الهجوم على فرنسا والدعوة إلى مقاطعة منتجاتها ليس سوى خطوة إضافية في مسعاه لتأسيس مرجعية دينية تركية جديدة تنازع السعودية (موطن الحرمين الشريفين) ومصر (حاضنة الأزهر الشريف بمكانته المركزية في العالم الإسلامي) على زعامة العالم الإسلامي، وانتحال دور الحامي الوحيد للإسلام من هجمة أوروبية شرسة.

وأضافت الصحيفة أن الدين بالنسبة لأردوغان لا يمكن أن يكون غاية، وإنما هو وسيلة إلى غاية، وهي انتزاع صدارة العالم الإسلامي من مصر والسعودية، على أن هلا ينتبه إلى ما ينطوي عليه تفكير كهذا من مخاطر واحتمالات بنتائج عكسية.

وأوضحت الصحيفة أن المستثمرين الأجانب يتخلصون من الأصول التي يملكونها في تركيا بأسرع ما يمكنهم، خشية خسائر كبيرة تنزل باستثماراتهم مع تصاعد حدة المواجهات الإقليمية التي تدخل أنقرة طرفًا رئيسيًا في أغلبيتها الساحقة، ومع تردي الاقتصاد التركي نتيجة قرارات غير مدروسة من أردوغان.

وفضلًا عن ذلك، تتردد بقوة دعوة في الشرق الأوسط لمقاطعة البضائع التركية، ردًا على مواقف أنقرة من دول المنطقة وتدخلها المستمر في شئونها، وفي أوروبا يزرع أردوغان نفورًا متزايدًا واستياءً تجاه تعديه على حقوق دول بالاتحاد الأوروبي في شرق المتوسط، ومساعيه للتقارب مع روسيا على حساب أمن حلف شمال الأطلسي.

وفي ظروف كهذه، من المرجح ألا يقرأ الغرب هجوم أردوغان على فرنسا في سياق الخلاف حول الإساءة للإسلام، وإنما في سياق العدائية التركية المتصاعدة تجاه الغرب، ولا سيما فرنسا التي تتصدر الجهود الأوروبية للتصدي لتعديات أنقرة واستفزازاتها المتوالية للاتحاد الأوروبي.