الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب الحرم المكي: محبة النبي ليست احتفالات وشكليات وإنما اتباع واقتداء

خطيب الحرم المكي
خطيب الحرم المكي

أمّ المصلين في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام الرئيس العام للشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام وتحدث معاليه في خطبته الأولى أن الشريعة جاءت لتزكية النفوس وترقية الخلق والسلوك فقال: في غِمار الحياة ونوائبها، ومَشاق الدُّنيا ومَبَاهِضها، يتّضح بمزيد الجلاء، ويستعلن بمديد الشَّفَافية والصفاء، كون شريعتنا الزَّهْرَاء، إنما عَمَدَت في تكاليفها المُزهرة، ومقاصِدها المُبْهِرة؛ لِتَرْقِية الخُلُق والسلوك، وتزكية النفس والروح؛ كي تسْمو بها إلى لُبَاب المشاعر الرَّقيقة، وصفوة الإيمان الهَتَّان، وقُنَّة الإحسان الفَيْنان، الذي يُحَقِّقُ أسمى المعاني، وأقوم المباني، ولقد تجسد ذلك كله قولا وعملا في هَدْيِ وشمائلِ خاتم الأنبياء، وسيد الأصفياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأضاف السديس، أن ما خصَّ الله به نبيَّه من الشمائل والفضائل والمناقب، والاصطفاء والاجتباء الثاقب، لا تستقل به اليراعات والمحابر، ولا الطُّروس والمَزَابِر، بل تصدح به وتجلجله على الدوام المنائر، وتهتز له أعواد المنابر، وكفاه قول ربنا جل في علاه: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.

وتحدث السديس، عن صفات نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: أما عن كلامِهِ ومَنْطِقِهِ فكان صلى الله عليه وسلم طويل السَّكْتِ, لا يتكلم في غير حاجة, يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى, ويتكلم بجوامع الكلم, وكلامه فَصْلٌ, عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْرِدُ كَسَرْدِكُم هذا, ولكنه كان يتكلم بكلامٍ بَيِّنٍ فَصْل، يحفظه من جلس إليه"، (أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح).

وكان صلى الله عليه وسلم كثير التَّبَسُّم لأصحابه وجُلَسَائِه، فعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسُّمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال أيضًا: "ما كان ضَحِكُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تَبَسُّمَا"، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم" (أخرجه البخاري)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله إنك تُدَاعِبُنَا، قال: "إني لا أقول إلا حقًّا".

وكان صلى الله عليه وسلم أشدَّ الناس تواضعًا؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إن لي إليك حاجة, فقال: "يا أم فلان, اجلسي في أي نواحي السِّكَكِ شئتِ, أجلسُ إليك" قال: فقعدت, فقعد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قضت حاجتها. (أخرجه الإمام أحمد في مسنده).

وعنه أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُ المريض, ويَشْهَدُ الجنائز, ويركبُ الحِمَار (تواضعا منه صلى الله عليه وسلم), ويُجِيبُ دعوة العبد, وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من لِيفٍ وعليه إكافٌ من ليف" (أخرجه الترمذي).

واختتم الخطبة الأولى بتذكير الناس باتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا فاتقوا الله عباد الله واقتدوا بشمائل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو عُنْوَانُ محبته التي هي أسمى نُبْلًا وأشْرَفُ غَاية من أن تكون مُجَرَّد مَظاهِرَ وشكليات، وتجمعاتٍ واحتفالات، وسَرْدِ قصص وروايات، ومدائح وتَرَنُّمَات، فذلك أهشُّ أنواعه وضروبه، وأبلغ من ذلك وأعزْ قول المولى جَلَّ وعَزْ : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.