الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: قلة أدب

صدى البلد

بالطبع لا أقصد السباب , ولكن أقصد المعني الذي ترمي إليه تلك الجملة . وبالطبع لا أميل إلي وصف السلوكيات التي فيها خدش حياء كما يتطرق إلي ذهن البعض . ولكن أقصد مجمل السلوكيات التي نراها بالمجتمع حاليا .
فقد أصبحنا فعلا نعاني من نقص في الأدب . وكثير من دايما يلوم علي الأيام والزمن . ولكن للأسف لم نسأل أنفسنا كيف وصلنا إلي تلك الحالة , وكيف أصبحنا نشعر بنقص الأدب في سلوكياتنا وسلوك أولادنا وما هو السبب في ذلك ؟ 
بداية نجد أنه في وقت سابق كان يشارك الأهل مع الأم والأب في تربية الأولاد , وكان الأب والأم يتقبلان أن يقوم العم أو الخال أو الجد أو الجدة بنصح أبنهم أو حتي ضربه إذا كان الخطأ يستحق العقاب . وكانت المدرسة تساهم في التربية وكانت تعلم المباديء والقيم .
ولكن الذي يحدث حاليا أننا أبتعدنا عن الفكر السليم فأصبح الأب نفسه لا يريد أن يوبخ أولاده , أو أن يضربهم أيا كان الخطأ , ويعتقد في داخله أن الصداقة التي بينه وبين أبنه كافية للتربية , ولكنه لا يري أن تلك الصداقة دخلت فيها عوامل أخري أولها النت . وأصبح الأبن يتلقي مبادئ وقيم عن طريق النت أيضا .
في الوقت الذي تلاشي تماما دور المدرسة في التربية , فأصبح لا سلطة للمعلم علي التلاميذ لا يستطيع أن يضرب تلميذا مهما كان الخطأ , ولو حدث منه ذلك لقام الأهل بتقديم شكاوي تمس مستقبله المهني فآثر السلامة , وحتي دوره في أعمال السنة تقزم ولا وجود له . 
فأختفي دوره التربوي ناهيك عن المدرسين الذين أساسا رفعوا كل كلفه بينهم  وبين التلاميذ فأصبحوا يشاركونهم الرقص وأصبحوا قدوة غير صالحة .
ونعود لدور الأهل , فنجد الأب والأم لا يسمحان إطلاقا بتدخل أحد أيا كان في تربية أولادهم ولو بالنصح , بل بالعكس أصبحا من الممكن إنزال كيل من الشتائم علي المدرس أو علي القريب أمام أولادهم , فيتعلم الأبن أنه لا إحترام لأحد سواء أكان للسن أوللقرابة أو لكونه معلم له . 
ثم إنتشرت في المجتمع سلوكيات غريبة جدا , يطلق عليها البعض تقليد , ولكني أطلق عليها نقص أدب . 
لماذا يطيع الأهل أولادهم وبناتهم في الإنفاق الغير مبرر في جهاز العروس , لماذا يقوم بالتداين من أجل إرضاء أبنتهم فيما حرم الله . 
لقد قال الله إن المبذرين أخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا , فيكون جهاز العروس  أربع أطقم حلل, ومائة ملاءة سرير ومائة بشكير , وغرفة نوم للأطفال الذين لم يعلم متي سيأتون . بالله عليكم أي أسرة تستهلك مائة ملاءة سرير ومائة بشكير , كم سنة ستعيش تلك الأسرة ناهيك عن النيش وما به من أدوات . 
فهل يوجد قلة أدب أكثر من ذلك . وقد يعتقد البعض أن تلك أمور شخصية لا يجوز الحديث فيها , ولكنني أري أن كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض . 
فالأم التي تتحدث عن الناس وتخوض في سيرتهم دونما سبب لن تسطيع أن تربي اولاد وتقول لهم حرام الخوض في أعراض الناس . 
والأب الذي يأخذ رشاوي مقابل عمله والذي يقبض عليه راتب , لا يستطيع أن يقول لأبنه تعلم قول الحق وأبعد عن قول الزور . 
والأب الذي يستغل سلطته الوظيفيه لا يستطيع أن يعلم أبنه إحترام الآخرين والتعامل معهم علي أساس أننا متساوون في الحقوق والواجبات . 
والخلاصة أننا فعلا نعاني من نقص في الأدب وفي التربية السليمة , نعاني من أننا لا نريد أن نبحث عن سبب مشاكلنا الحقيقية . 
لا نري الخطأ في أولادنا أبدا , وبالتالي لا نعالجه , ونري الخطأ في أولاد الآخرين . 
وبداية أي إصلاح لا تكون أبدا إلا إذا علمنا وإقتنعنا أننا مخطئون وأننا يجب أن نعالج الخطأ ونقومه .