الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مستوى العلاقات التجارية سيختلف.. القاهرة تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات البريطانية عقب بريكست.. المملكة المتحدة أكبر المستثمرين في مصر.. وبرامج الإصلاح الاقتصادي مستمرة لتخطي حاجز الــ 50 مليار دولار

علم الاتحاد الأوروبي
علم الاتحاد الأوروبي يحجب علم بريطانيا أمام البرلمان

  •  حجم استثمارات المملكة المتحدة في مصر يقارب الـ48 مليار دولار ممثلة بنحو 1817 شركة
  •  رئيس غرفة التجارة البريطانية المصرية: "مصر وجهة عظيمة للاستثمار بسبب وجود فرص عظيمة في المشروعات القومية الكبرى
  •  اليوم بداية الجولة الأخيرة من المفاوضات بين بريطانيا وأوروبا حول مرحلة ما بعد "بريكسِت"  

بعد نحو خمسين عامًا في حضن الاتحاد الأوروبي، تكتب بريطانيا فصلًا جديدًا في الأول من يناير 2021. ويتوقع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مستقبلًا رائعًا لبلاده فيما يخشى مناهضون لبريكست من غرق المملكة المتحدة في المجهول.

وطالب بعض المؤيدين للخروج البريطاني من تحت عباءة الاتحاد الأوروبي، بإعادة إنتاج النموذج البريطاني في سنغافورة، ليكون في لندن وعلى مجرى نهر التايمز، بحيث تصبح بريطانيا ملاذا ضريبيا للقطاع المالي الأوروبي.

وأكدت حكومة داوننج ستريت، المشرفة على تنفيذ اتفاق الـــ بريكست، أن الأموال التي كانت تدفعها لندن لخزينة الاتحاد الأوروبي سيتم انفاقها بشكل أفضل على الخدمات المقدمة للشعب البريطاني، مع التركيز على أولويات البريطانيين، خصوصًا على الخدمات العامة، وكذلك نقل الجهود والاستثمارات إلى المناطق التي لم تستفد من النمو المالي في لندن.

ويشتمل برنامج التحديث المعد للخروج  الرابح من الاتحاد الأوروبي، على إقامة استثمارات جديدة على غرار خطّ قطارات سريع "اتش اس 2" يربط وسط انجلترا بشمالها.

مبدأ بريطانيا العالمية
ويرتكز مبدأ بريطانيا العالمية "جلوبل بريتن" على فكرة ألا تنغلق المملكة المتحدة على نفسها إنما أن تستدر نحو الخارج، لعقد اتفاقات تبادل حرّ في كافة أنحاء العالم.

وقالت وزيرة التجارة الدولية في بريطانيا ليز تراس في أواخر  أكتوبر "الآن بعدما عاد مبدأ "جلوبل بريتن"، حان الوقت للمصنعين والرجال والنساء العاملين والمبتكرين لمساعدتنا في كتابة فصلنا الأكثر إثارة حتى اليوم". وتفاخرت بعمليات تصدير مستقبلية لكل أنواع المنتجات البريطانية، من الكريمة إلى الروبوتات.

وبعد ثمانية أشهر من المحادثات الشاقة في خضمّ أزمة فيروس كورونا المستجد، بدأ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اليوم الإثنين الجولة الأخيرة من المفاوضات حول مرحلة ما بعد "بريكسِت" للتوصل في ختامها إلى اتفاق تجاري غير مسبوق.

وخرجت بريطانيا رسميًا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير الماضي، إلا أن تأثير الانفصال لن يظهر قبل اليوم الأول من عام 2021، بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي يُفترض أن يتواصل خلالها تطبيق المعايير الأوروبية.

وفي هذه الفترة أيضًا، تعهّدت لندن وبروكسل بإبرام اتفاقية تجارية باسم «لا رسوم جمركية، وصفر حصص» للحدّ قدر الإمكان من العواقب السلبية لـ»بريكسِت» والتي لا يمكن تجنّبها. لكن قبل أقل من خمسين يومًا من نهاية العام، تراوح المحادثات مكانها رغم أنها مكثفة.

وأكدت الشركات البريطانية المستثمرة في مصر أن طفرة التعديلات التشريعية الاقتصادية التي أجرتها الحكومة المصرية كان لها دور كبير في زيادة الاستثمارات البريطانية، وتربّع بريطانيا على صدارة الدول المستثمرة في البلاد.

بريطانيا ومصر
ووقعت بريطانيا اتفاقًا تجاريًا لمرحلة ما بعد بريكست مع اليابان وتفاوضت بشأن اتفاقات أخرى مع الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا. فهل ستستفيد مصر من هذا الخروج، خاصة وأن بريطانيا استفادت من الاتفاقيات الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي. وأكدت لندن رغبتها في إعادة إحياء شراكاتها في سائر أنحاء العالم، خصوصًا مع الولايات المتحدة "حليفتها الأقرب والأكبر".

وسيُغرق الخروج بدون اتفاق الصادرات والواردات بيرطانيا في دوامة عبر إعادة فرض رسوم جمركية على منتجات، من الخراف إلى السيارات، ما يثير الخشية من نقص في الأغذية والأدوية داخل بريطانيا. لكن حتى في حال التوصل إلى اتفاق، سينبغي على المصدّرين البريطانيين ملء الكثير من المستندات لإثبات أن منتجاتهم يُسمح لها بالدخول إلى السوق الأوروبية الموحدة. ومن الممكن أن تثير زيادة الإجراءات، بعض الفوضى إذا تبيّن أن الاستعدادات غير كافية.

ودعت الحكومة المصرية كبريات الشركات البريطانية إلى زيادة حجم استثماراتها في مصر، وتستهدف القاهرة تخطي حاجز استثمارات المملكة المتحدة في البلاد الـ50 مليار دولار خلال الفترة المقبلة.

ويصل حجم استثمارات المملكة المتحدة في مصر ما يقارب الـ48 مليار دولار، ممثلة بنحو 1817 شركة. وتعمل الحكومة المصرية على تطوير وإنشاء المزيد من المناطق الحرة والاستثمارية في مختلف المحافظات، إضافة إلى التوسع في مراكز خدمات المستثمرين من أجل التيسير على المستثمرين.

وضم المنتدى البريطاني الأول للمستثمرين البريطانيين (شركات استرا زينيكا، وBP مصر، وجلاكسو سميثكلاين، وبنك إتش إس بي سي، وفودافون مصر، وشل، ويونيليفر) وبحث استغلال قمة الاستثمار الأفريقية البريطانية التي استضافتها لندن في يناير 2020، والتي جمعت بين الشركات والحكومات والمؤسسات الدولية لتعزيز نوعية فرص الاستثمار في جميع أنحاء أفريقيا، وخلق فرص العمل في القارة.

وقال السير جيفري آدامز، سفير بريطانيا لدى القاهرة "بصفتها المستثمر الأكبر بمصر، حرصت المملكة المتحدة على إنشاء قناة تواصل مع الشركات البريطانية الرائدة من خلال منتدى المستثمرين البريطاني". وأضاف "يضمن هذه الحوار المفتوح استمرارنا في العمل سويًا للاستثمار في رأس المال البشري بمصر وتحقيق أهداف الرفاهية المشتركة بيننا".

وقال إيان جراي، رئيس غرفة التجارة المصرية البريطانية، إن الغرفة عرضت تجارب نجاح الشركات البريطانية العاملة في مصر على الشركات البريطانية الراغبة في الاستثمار بالخارج، مؤكدا أن "مصر وجهة عظيمة للاستثمار، ليس فقط بسبب حجم السوق الكبير والاتفاقيات التجارية والاستثمارية العديدة، ولكن أيضا بسبب وجود فرص عظيمة للاستثمار في المشروعات القومية الكبرى، التي توسعت فيها الحكومة المصرية".

بريطانيا العالمية
ويعتبر دبلوماسي أوروبي أن المنطق والعقل يجب أن يسمحا بالتوصل إلى اتفاق. ويتابع لكن ما اتضح خلال السنوات الأخيرة هو أن المنطق الاقتصادي والحسّ السليم لا يكفيان لشرح ما يحصل في ملف بريكسِت.

وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستخضع المبادلات بين بريطانيا والاتحاد لقواعد منظمة التجارة العالمية مع إعادة فرض رسوم جمركية كبيرة جدًا في بعض الأحيان، لكن أيضًا ستواجه عقبات غير متعلقة بالرسوم الجمركية (مثل الحصص والمعايير التقنية والصحية).

وسيتسبب الخروج من الاتحاد بدون اتفاق بمزيد من التداعيات للاقتصادات المتضررة أساسا جراء وباء كوفيد-19، لكن بشكل أكبر للاقتصاد البريطاني، إذ أن المملكة المتحدة تصدّر 47% من منتجاتها إلى القارة، في وقت لا يصدر الاتحاد سوى 8% من بضائعه إلى بريطانيا.

وفي حال الانفصال بدون اتفاق، تعتبر لندن أن سبعة آلاف شاحنة يمكن أن تعلق في منطقة كينت (جنوب شرق) لحوالي يومين من أجل عبور النفق. وقال وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني مؤخرًا إذا لم نتمكن من إبرام اتفاق، سيمثل ذلك فشلًا كبيرًا للسياسة والدبلوماسية.

وتتعثر المفاوضات بسبب ثلاث مسائل: الضمانات المطلوبة من لندن في ما يتعلق المنافسة، ووصول الأوروبيين إلى مناطق الصيد في المياه البريطانية، وطريقة إدارة الخلافات في الاتفاق المستقبلي. 

وفي ما يخصّ المنافسة، يريد الاتحاد الأوروبي التأكد من أن المملكة المتحدة لن تنحرف عن المعايير البيئية والاجتماعية النافذة، بالإضافة إلى أنها لن تقدم مساعدات لشركاتها بشكل غير محدود، فيما هو مستعد لفتح أمامها سوقه التي تضمّ 450 مليون مستهلك. في حال لم يتمّ احترام ذلك، يرغب الاتحاد في فرض عقوبات فورية لحماية شركاته، الأمر الذي ترفضه لندن.