الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصخرة الجمهورية تعترض طريق بايدن .. مجلس الشيوخ معقل خصوم الرئيس الأمريكي الجديد.. والسياسة الخارجية ساحة استقطاب حاد بين الحزبين الكبيرين

الرئيس الأمريكي المنتخب
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن

الديمقراطيون تسلموا البيت الأبيض 4 مرات في خضم أزمات كبرى
التوافق بين الديمقراطيين والجمهوريين لم يكن مستحيلا في فترات تقاسم السلطة
منافسات السلطة بين الحزبين الكبيرين تلقي بظلالها على العلاقات الخارجية
بايدن لن يتمتع برئاسة سلسة في ظل هيمنة الجمهوريين على أغلبية مقاعد مجلس الشيوخ

ربما منحت محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستميتة للانقلاب على نتائج الانتخابات الرئاسية خصومه فرصة للتسلية برؤيته يعاني من سكرات الهزيمة والشماتة به، لكن فوز غريمه الديمقراطي جو بايدن المدوي لا يجب أن يلفت الأنظار بعيدًا عن حقيقة واضحة: الجمهوريون لم ينهزموا بالكامل.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، بات فوز بايدن أمرًا واقعًا تضيق فرص ترامب للفرار منه، لكن بموازاة هذا النصر الديمقراطي الكبير استطاع الجمهوريون الحفاظ على أغلبية ثمينة في مجلس الشيوخ تحول دون إعلان الديمقراطيين نهاية حقبة الهيمنة الجمهورية.

وتقول التجربة التاريخية الأمريكية إن الديمقراطيين تسلموا البيت الأبيض 4 مرات في خضم أزمات كبرى، أعوام 1916 (الحرب العالمية الأولى)، و1932 (أزمة الكساد الكبير)، و2008 (الأزمة المالية العالمية)، و2020 (أزمة فيروس كورونا)، لكن هذه المرة الأخيرة هي الأولى التي لا يواكب تسلم الديمقراطيين البيت الأبيض فوزهم بأغلبية حاسمة في الكونجرس تسهل على الرئيس المنتخب معالجة الأزمات التي يتسلم رئاسته في ذروتها، بعكس المرات الثلاث الأولى.

وأوضحت الصحيفة أن حجم الاقتصاد الأمريكي والقوة العسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة هما ما يجعلان منها القوى العظمى الأولى في الكوكب، لكن الطرف الذي يدير هذه القدرات الهائلة يتحدد وفقًا لظروف ومعايير سياسية محلية، بل وتافهة في بعض الأحيان.

لقد كانت الفترة الحاسمة في صعود الولايات المتحدة إلى زعامة العالم هي العقدين الممتدين بين عامي 1932 و1952، وخلال هذين العقدين هيمن الديمقراطيون على البيت الأبيض والأغلبية في الكونجرس، باستثناء عامين قصيرين فقدوا خلالهما الأغلبية البرلمانية.

وليس من المستحيل أن تُحكم الولايات المتحدة في ظل توزيع للسلطة بين الحزبين الكبيرين في البيت الأبيض والكونجرس، بل إن هذا كان هو الحال عندما حققت الولايات المتحدة أكبر انتصاراتها التاريخية، ففي العام الأخير من عقد الثمانينيات وفي عهد إدارة الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريجان ونائبه جورج بوش الأب، خرجت الولايات المتحدة منتصرة من الحرب الباردة الطويلة مع الاتحاد السوفييتي، فيما كان الديمقراطيون يتمتعون بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، لكن في تلك الحقبة لم تكن الخلافات بين الحزبين الكبيرين بالاتساع الذي نعرفه اليوم.

لكن عندما يدب الشقاق بين الحزبين الكبيرين تبدأ السياسة الأمريكية في التعقد، ويمتد تأثير ذلك إلى بقية العالم، ففي عام 1919 رفض كونجرس تحت هيمنة جمهورية انضمام الولايات المتحدة إلى عصبة الأمم التي كانت أصلًا من بنات أفكار الرئيس الديمقراطي وودرو ويلسون، وبعد ثمانين عامًا حالت الأغلبية الجمهورية في الكونجرس أيضًا دون انضمام البلاد في عهد إدارة الديمقراطي بيل كلينتون إلى بروتوكول كيوتو لمكافحة التغير المناخي.

وفي العادة، تساعد التهديدات الخارجية الجسيمة على رأب الصدوع بين الحزبين الكبيرين في حالة توزع السلطة بينهما، ففي حقبة الحرب الباردة التقى الحزبان على أرضية العداء للشيوعية، الأمر الذي حال دون استفحال خلافات صغيرة ومحلية بينهما، وعندما تسلم الجمهوري جورج بوش الابن رئاسته عام 2001 دخل إلى البيت الأبيض في ظل أغلبية ديمقراطية في مجلس الشيوخ، لكن فورة "الحرب على الإرهاب" في أعقاب هجمات 11 سبتمبر وفرت تماسكًا معتبرًا عابرًا للأحزاب في الجبهة الداخلية الأمريكية.  

على أن التهديدات الخارجية تلك نفسها تحولت الآن إلى ساحة الصراع الأساسية بين الديمقراطيين والجمهوريين. لقد افتقر عهد أوباما إلى مفهوم جامع على غرار الحرب الباردة والحرب على الإرهاب يخلق اتصالًا سلسًا بين السياستين الداخلية والخارجية، وخيمت على رئاسة ترامب موجة من العداء للأجانب والمهاجرين كانت مثار استقطاب حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين، فضلًا عن شقاق واسع بين الحزبين بشأن قضايا المناخ والسياسة المثلى تجاه الصين.

وختمت الصحيفة بالقول إن بايدن يعي جيدًا مدى السهولة والسلاسة التي يمارس بها الرئيس الأمريكي سلطته عندما يتمتع حزبه بأغلبية مريحة في الكونجرس، فقد كان هو نائب الرئيس السابق باراك أوباما حينما كانت الأغلبية في الكونجرس ديمقراطية خلال عامي 2009 و2010، لكنه يدرك جيدًا أيضًا أنه على الأرجح لن يتمتع مرة أخرى برئاسة سلسة بينما الجمهوريون يقفون له بالمرصاد في مجلس الشيوخ.