الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشيرة العوضى تكتب: التفاحة الفاسدة

صدى البلد

وكأني وجدتها.. فتفاحة نشطة كفرد نشط _كما يقول عالم المعرفة، أحمد الفرنج، في كتابه نواصي أبي سفيان العاصي _"للشر  بركة تتجاوز الحدود، وحتى نقيس هذه البركة، خذ تفاحة فاسدة وضعها في مائة تفاحة ناضجة، وستكتشف بعد أيام أن هذه الواحدة الفاسدة، افسدت الكل.

ويؤكد ذلك أن مائة تفاحة ناضجة لم تستطع إصلاح واحدة فاسدة".
وبعودة لموضوعنا عن الإنسان الذي هو قوام البشرية وسر تقدمها.. أو تأخرها، ومن ثم فهو ركيزة لأي أمة تبغى التقدم، وبالنظر للإنسان الفرد، ومدي تأثيره على مجتمعه، فنجد أن أخطر أمراض العصر هو المرض النفسي، يتجاهله المجتمع، ويتعامل معه كأنه منطقة محرمة، لا يعترف به البعض، رغما عن اكتشاف وجوده أو تواجده من الصغر،وفقا لما يحتاجه المريض النفسي من توافر العلاج له في مراحل مبكرة من اكتشافه، فعلي سبيل المثال ورغما عن ما تم من تقدم في عصرنا الحديث، نجد تهميشا شبه كامل لدور مهم كان يقوم به ما يعرف بالإخصائي الاجتماعي بكافة المدارس، ومواجهته للمشاكل التي يعاني منها كافة الطلاب، واقتصر دوره على تحصيل الرسوم، وتنظيم الرحلات والحفلات المدرسية، واضحي دور العلاج النفسي معدوما في كافة مدارسنا بكافة مراحلها، وهو ما أدى تفاقم المرض النفسي، واستنكار وجوده أضحى ملحوظا في مجتمعنا المعاصر.

 فالقلة القليلة هي من تهتم بالمرض النفسي وتبغى مواجهته او البحث عن علاج له، يؤكد ذلك، ما صار إليه الحال من تفكك للأسرة المصرية الملحوظ، وارتفاع نسب الطلاق عن الحدود الدنيا، ويرجع ذلك في الأصل إلى الضغوط العصرية الحديثة، ومعاناة أفراده للضغوط النفسية فى الغالب.

وجدير بالذكر عدم تغافل الدولة عن الدور المؤثر لمواجهة المرض النفسي، بما اشترطه قانون الأسرة المعدل - على سبيل المثال - من ضرورة عرض اي نزاع يتعلق بدعاوي الأسرة، كالتطليق والخلع وخلافه على جلسة تسوية النزاعات التي يترأسها إخصائي نفسي، واخصائي إجتماعي،، إلا أنه بالنظر للتطبيق الفعلي، فنجد شبه تقصير من القائمين على تسوية النزاعات من الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين، في القيام بدورهم ليضحوا مجرد موظفين لا يقومون سوي بملء استمارة النزاع كموظف إداري لا غير، ويغدو ذلك في الأصل إلى عدم إيمان المجتمع بالمرض النفسي  وضرورة مواجهته.

 وإني أرى في خطورة المرض النفسي على المجتمع لهو أشد خطورة من المرض الجسدي، فالمرض الجسدي في أشد حالاته ينتهي بوفاة صاحبه أو علاجه، أما المرض النفسي، فلا يقتصر على صاحبه فقط، بل يؤثر في كافة المحيطين به، وكأثر مباشر لاختلاط الأفراد، فمثلا إذا ما شعر الموظف بالقهر والظلم، فيرجع مردود ذلك لما يمارسه مرؤوسوه عليه من إسقاط ومعاناة الأخير لمرض نفسي يعتريه، وكرب أسرة في حالة معاناته لمظاهر المرض النفسي او السلوك المنحرف، ومن ثم يتسبب في تدمير كيان الأسرة كاملة، وكالمعلم، بإصابته بالإعتلالات النفسية، فيتسبب في تدمير جيل كامل، فلطالما سمعنا وعانينا من حوادث تعود في الغالب للانحراف السلوكي المصاحب لصاحبه، فلطالما سمعنا يوميًا مقولة " إن فلانا مريض نفسيا، أو يحتاج للعلاج " فإلى متى سنتهرب من العلاج النفسي أو الإقرار والإعتراف به، حفاظًا على مجتمع سليم.

ومن جهة أخيرة لمردود المرض النفسي وتأثيره على المجتمع، فيقرر القانون، عدم المسؤولية الجنائية للفرد المصاب، بل واعفائه من العقاب، ومن ثم قد يجده العديد من الجناة، وسيلة للإفلات من العقاب والهروب من العدالة، وبما يختل معه ميزان العدل ولا تتحقق به العدالة لكامل المجتمع، ولنا في واقعة تعدي إحدى المستشارات على مسئول الأمن بإحدى المحاكم، مثل قريب لإدعاء المرض النفسي والإحتماء بالقانون في ذلك، ومن ثم وجب الإعتراف بالمرض النفسي، كمثله مثل باقي الأمراض، وليس شئ مخز أو مشين يعار به صاحبه.

وهو ما يوجب على الدولة وفي إطار حمايتها للمجتمع وسلوكياته، العمل على الكشف عن المرض النفسي، وعلاجه كباقي الأمراض، بل وإخضاع بعض الفئات التي نجد لها دور جوهري في المجتمع، للفحوص الطبية النفسية والتأكد من سلامة، سلوك أفراد تلك الفئات، كالمعلم، الذي ينشر علمه وسلوكه كمثل أعلى لطلابه ؛، والقاضي، الذي يفصل بين الناس بالسواسية، دون ضغط او التأثر بواقعة معينة في حياته، وكالأطباء، بإتصالهم المباشر بالمرضي وما يعلمونه من مكنونات حياتهم، وما لهم من دور في إعطاء الأمل في الشفاء، أو النهاية للمريض، وغيرهم.

 ومن ثم العمل على توافر فحوص دورية لفحص فئات بعينها نراها مؤثرة في دور المجتمع،، لا سيما ومع تفاقم الضغوط الماديه والحياتية المعاصرة، والرتم السريع للحياة في ظل ظهور العديد من الأمراض العضوية والفيروسات، كفيرس الكيوفيد ١٩- الكورونا - وبما تسبب فيه من حالة من الهلع وبما يؤدي لتوافر تربة خصبة لإنتشار المرض النفسي، بتوافر مسبباته ومحدثاته، ويدعونا للتفكير الجدي في الإقرار به والعمل على مدواته على كافة المستويات.