الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ياسر عبيدو يكتب: لاجئون إلى ليبيا.. تلك هى المشكلة

صدى البلد

يعاني عشرات الآلاف من النساء والرجال والأطفال من انتهاكات وتجاوزات مروعة في ليبيا، لمجرد أنهم لاجئون ومهاجرون, فهم عالقون في بلد مزقته الصراعات، حيث يسمح غياب القانون، والإفلات من العقاب للعصابات الإجرامية أن تستشري.

 حاول الكثيرون، من الذين يخشون على حياتهم، ويفتقدون إلى وسيلة آمنة وقانونية للخروج من البلاد الوصول إلى أوروبا على متن قوارب واهية,وتم إيقاف عدد متزايد منهم ثم أُعيدوا إلى ليبيا، في أعقاب الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الأوروبية لإغلاق الطريق البحري، واحتواء الناس في البلاد

ومعظم اللاجئين والمهاجرين في ليبيا قادمون من جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا، في حين يأتي عدد أقل من منهم من آسيا والشرق الأوسط. وتتنوع أسباب مغادرتهم لأوطانهم. فالبعض قد فر بسبب الحرب أو المجاعة أو الاضطهاد. بينما غادر آخرون بحثًا عن تعليم أفضل أو فرص عمل. والعديد منهم يعتزمون البقاء في ليبيا، في حين يحلم آخرون بالوصول إلى أوروبا، أو يضطرون إلى ذلك بسبب تدهور الظروف في ليبيا,والعامل المشترك بينهم هو الرغبة في العيش في أمن وأمان وكرامة

منذ أواخر عام 2016، نفذت دول الاتحاد الأوروبي سلسلة من الإجراءات لسد مسارات الهجرة من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط فيما عززت دول الاتحاد الأوروبي قدرات خفر السواحل الليبي على اعتراض اللاجئين والمهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا، ورفضت السماح للأشخاص الذين تم إنقاذهم في أعالي البحار بالنزول في أوروبا، وقامت بتجريم عمل المنظمات غير الحكومية التي تعمل على إنقاذهم، وعقدت صفقات مع السلطات المحلية والميليشيات لمنع الناس من مغادرة ليبيا

لقد تركت سياسات الاحتواء هذه مئات الآلاف من النساء والرجال والأطفال يعانون في ليبيا. ويتم اعتراض اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون المغادرة عن طريق القوارب في البحر من قبل خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي، ثم يتم إعادتهم إلى ليبيا، حيث يتم احتجازهم إلى أجل غير مسمى في مراكز الاحتجاز في ظروف مروعة، ويواجهون خطر التعرض للانتهاكات على أساس يومي

حيث قدرت أعدادهم اعتبارًا من سبتمبر2020 بحوالى 625638لاجئا ومهاجرا

تم اعتراضهم في البحر، وأُعيدوا إلى ليبيا 5709 فقط

منذ عام 2016 و8435 في عام 2020من اللاجئين وطالبي اللجوء العرضة للخطر تم إجلاؤهم من ليبيا منذ نوفمبر2017

أما عن الانتهاكات التي يواجهونها؟

فاللاجئون والمهاجرون المودعون في مراكز الاحتجاز الرسمية عالقون في حلقة من الانتهاكات والابتزاز, فهم محتجزون في ظروف غير إنسانية، ومميتة في بعض الأحيان. وقد يكونون مفصولين عن ذويهم. وروى الضحايا أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والعنف الجنسي، والاستغلال في العمل. كما أن بعض المهاجرين واللاجئين محتجزون في أماكن احتجاز تديرها جماعات مسلحة ومتاجرون بالأشخاص. أما الذين لا يحتجزون فيضطرون إلى العيش في الخفاء، حيث هم عرضة لمجموعة من الانتهاكات، بما في ذلك الاعتداءات البدنية، والاختطاف، والسرقة، والعنف الجنسي، والاتجار بالبشر، وأعمال السخرة، والترحيل القسري

وفي بلدة مزدة، جنوب غرب طرابلس، أطلق مسلحون النار على حوالي 200 مهاجر كانوا محتجزين في مستودع يديره المتاجرون بالبشر، مما أدى إلى مقتل 30 رجلًا وإصابة 11 آخرين. وأما الباقون فهم في عداد المفقودين وسط مخاوف من أنهم قد قتلوا أيضًا أو أعيد الاتجار بهم. وكان بعض جثث الضحايا يحمل علامات وكدمات، الأمر الذي يشير إلى أنهم تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم

عالقون وسط الصراع

 بين أبريل 2019 ويونيو 2020، اندلع القتال في العاصمة الليبية طرابلس وحولها، بين قوات الأمن والميليشيات التابعة لحكومة الوفاق ، والتي يقودها رئيس الوزراء فايز السراج ومقرها طرابلس، والجيش الوطنى الليبي ، بقيادة اللواء خليفة حفتر، والمنتسب للحكومة المؤقتة المتمركزة في الشرق. ومنذ أن اكتسبت قوات حكومة الوفاق المزيد من السيطرة، ودفعت الجيش الوطني الليبي إلى خارج العاصمة في يونيو 2020، انتقلت الأعمال العدائية المسلحة، بأغلبها، إلى وسط ليبيا.  وتحمل المدنيون وطأة القتال، مما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص. وكان الجانبان مسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وجرائم الحرب المحتملة. وعلى الرغم من حظر الأسلحة المفروض من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، منذ عام 2011، فإن روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة تدعم الأطراف المتنافسة من خلال الدعم العسكري المباشر.

ويعني هذا القتال أن اللاجئين والمهاجرين في ليبيا هم أشد عرضة للأذى في هجمات عشوائية أو مستهدفة. ففي 2 يوليو 2019، أدى هجوم شنَّه الجيش الوطني الليبي على مركز لاحتجاز المهاجرين في مدينة تاجوراء، الواقعة على الأطراف الشرقية لطرابلس، إلى مقتل وإصابة عشرات المهاجرين واللاجئين. وقد تعرض بالفعل نفس مركز الاحتجاز للقصف قبل ذلك في 7 مايو 2019، مما أدى إلى إصابة اثنين من المحتجزين. وكانت قوات حكومة الوفاق الوطني قد وضعت مستودعًا للذخيرة بالقرب من مركز الاحتجاز

ما الذي ينبغي القيام به؟

لا يوجد حل سريع لمعالجة هذه المشاكل، ولكن ينبغي على كل البلدان ضمان عدم تفاقم الوضع بالنسبة للاجئين والمهاجرين في ليبيا. كما يجب عليها أن تعمل على ضمان الاستقرار، ووقف الصراع، وحماية حقوق الإنسان في ليبيا. وفي الوقت نفسه، وفيما يتعلق تحديدا بحالة اللاجئين والمهاجرين، ينبغي على السلطات الليبية أن تقوم بما يلي

الإفراج فورًا عن جميع اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين من الاحتجاز وإغلاق جميع مراكز الاحتجاز. وينبغي على السلطات الليبية، بدعم من الجهات الفاعلة الإنسانية على الأرض، ضمان إمكانية وصول المفرج عنهم - من دون تمييز مجحف - إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك السكن اللائق والرعاية الصحية.

إلغاء تجريم الدخول غير الشرعي، إلى ليبيا والبقاء فيها والخروج منها.

التوقف عن إنزال المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، حيث إن ليبيا ليست ميناء آمن للنزول.

السعي إلى تحقيق المساءلة، بما في ذلك من خلال التعاون مع آلية تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان، وتحديد المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات والتجاوزات ضد المهاجرين بهدف تقديمهم إلى العدالة.

ويجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الامتناع عن تقديم المزيد من التعاون لليبيا الداعم لاحتواء الناس في البلاد، حتى يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ الإجراءات المذكورة أعلاه. كما ينبغي عليهم أن يتفقوا على الإجراءات اللازمة لضمان إنزال الأشخاص الذين تم إنقاذهم في البحر في مكان آمن، وهو ما لا يمكن أن يكون ليبيا في الوقت الحالي.

وأخيرًا، ينبغي لليبيا والمجتمع الدولي العمل معًا من أجل زيادة المساعدة المقدمة للاجئين والمهاجرين العالقين في ليبيا، وتخصيص الموارد الكافية للوفاء بحقوقهم. ويجب أن يتضمن هذا استئناف وتعزيز البرامج التي تعرض الإجلاء الإنساني من ليبيا، وخاصة من خلال إعادة توطين اللاجئين وإنشاء طرق أخرى آمنة ومنتظمة إلى أوروبا