الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبراء: السياسة الأمريكية ثابتة تجاه مصر.. بايدن سيحافظ على علاقات متوازنة مع دول المنطقة.. واشنطن ستكون حاضرة في غالبية الملفات للحفاظ على الاستقرار.. وإدارة ترامب لم تقدم شيئا في أزمة سد النهضة

بايدن خلال جولة لتفقد
بايدن خلال جولة لتفقد أصحاب المشروعات الصغيرة في أمريكا

ملفات ساخنة تنتظر بايدن

* الولايات المتحدة ستساعد مصر في استغلال موارد الطاقة وبناء التعاون الإقليمي وفي نفس الوقت ستواصل الانسحاب من المنطقة

* نصر علام: 
واشنطن لم تمارس أي ضغوط على أديس أبابا وقبل خروج ترامب  صرح بما قام به لحماية إثيوبيا من ضرب السد 

 شراقي: 
الإدارة الأمريكية ستتصرف بحكمة لتعميق علاقاتها بمصر عن طريق البحث عن حل لقضية سد النهضة

* مراقبون:
 من المفاجئ أن تعطي الإدارة الجديدة الأولوية لمواجهة دور تركيا التخريبي في المنطقة


تتولى إدارة أمريكية جديدة مقاليد السلطة في واشنطن في يناير المقبل، بعد انتخابات رئاسية شرسة، لم تكن تهم الأمريكيين فقط، بل شغلت بال الكثيرين حول العالم، لما نعرفه من تأثيرها على مستقبل السياسة الخارجية لواحدة من دول العالم العظمى.. ملفات عديدة تهم المواطن المصري بصفة خاصة والمواطن العربي على وجه العموم خاصة بعد صعود الجناح الديمقراطي لواجهة المشهد الأمريكي.

وأكد خبراء ومراقبون أن هناك ملفات ساخنة تنتظر الإدارة الأمريكية الجديدة، وكما ينتظر صناع القرار في بلادنا مواقف ساكن البيت الأبيض الجديد، تجاه هذه الملفات لتكوين صورة واضحة لما ستكون عليه مستويات العلاقات، مشيرين إلى أن ملف سد النهضة الإثيوبي لايزال من ضمن الملفات المهمة التي تشغل المصريين.. وأنه بالنسبة للمستوى العربي، ننتظر مواقف بايدن تجاه سلوك الرئيس التركي رجب أردوغان وعدوانيته ضد دولنا العربية سواء في سوريا أو ليبيا أو العراق، وبالنسبة للوضع الإقليمي فهناك ما يتعلق بمستقبل اتفاقات الغاز وترسيم الحدود في شرق المتوسط حيث كانت واشنطن من كبار داعمي منظمة غاز شرق المتوسط، وكذلك ملف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والملف النووي الإيراني.

وبغض النظر عمن فاز بمقعد الرئيس الأمريكي، يعلم صانعو القرار في المنطقة أن الولايات المتحدة ستساعد في بعض المجالات المحدودة، مثل استغلال موارد الطاقة وبناء التعاون الإقليمي لكن أمريكا في نفس الوقت ستواصل الانسحاب من المنطقة.

وإذا لم تتمكن رئاسة بايدن من تقديم دعم كبير للقاهرة على المدى الطويل، فإن مصر تعمل دائما على حماية مصالحها الخاصة وتعظيم أي مشاركة أمريكية تُعرض، إلى جانب قيام القاهرة بتعزيز العلاقات مع الدول الأوروبية التي تستثمر في مستقبل شرق البحر الأبيض المتوسط، مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا.

ويرى المراقبون أنه يجب علينا أن نشجع على أن تتمتع الولايات المتحدة بوضع المراقب في منتدى غاز شرق المتوسط، وتوسِّيع مشاريع البحث والتطوير الأمريكية المصرية لتشمل دول شرق البحر المتوسط الأخرى، لتنويع المساعي التعاونية في المنطقة وتعظيم قدرة القوة الناعمة الأمريكية.

وأكد المراقبون أنه على مصر أن تمارس نوعا من الضغط لأجل دور أكبر لدول أوروبا وشرق البحر المتوسط بما يمكن أن يخفف من انتقال مصر من حقبة الهيمنة الأمريكية في المنطقة إلى حقبة جديدة من التعاون والحوار المحتمل الذي يمكن أن يخدم مصالحها الوطنية ومصالح الشعب المصري كأولوية.

مفاوضات سد النهضة

من جانبه أكد الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، أن سياسة الولايات المتحدة في حوض النيل، داعمة لإثيوبيا في المقام الأول وليست داعمة لــ مصر، معتبرا أن مفاوضات وثيقة واشنطن كانت في الأساس للبحث عن حل سلمي لهذه الأزمة، إثر ضغط أمريكي كبير على مصر لتقديم العديد من أدوات المرونة للوصول لهذا الحل.

وشدد الدكتور محمد نصر علام، في تصريحات خاصة لــ موقع "صدى البلد"، على أن مصر استجابت لهذه الضغوط، وفي النهاية رفضت إثيوبيا التوقيع على وثيقة واشنطن، لأن مدخل إثيوبيا في التفاوض مضلل في الأساس، حيث روجت أن تشغيل سد النهضة هو لتوليد الكهرباء سواء للتصدير أو للاستهلاك المحلي، وبعد أن نالت ما تريده في اتفاق التشغيل والتخزين، قالت إنها تريد حصة من المياه وسدود أخرى وبدأت المماطلة من يناير 2019، وواشنطن لم تمارس أي ضغوط على أديس أبابا وقبل خروج ترامب من البيت الأبيض، أصدر تصريحات حول ما قام به لحماية إثيوبيا من ضرب السد وكذلك تخفيض المساعدات بقيمة 100 مليون دولار.

وأضاف وزير الري الأسبق، أن واشنطن لم تخفض المساعدات إلا بنسبة ضعيفة للغاية، وعلى العكس هناك مليارات ترسل لإثيوبيا في قنوات أخرى ولم يكن هناك أي ضغط أمريكي حقيقي على إثيوبيا، مؤكدا انه لو كان هناك شبه ضغط حقيقي من واشنطن لكانت إثيوبيا امتثلت للمفاوضات والتوقيع على وثيقة واشنطن.

وذكر علام أنه من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب يدعمان إثيوبيا بشدة أو على الأقل مع حمايتها فيما تقوم به من محاولات لمنع المياه عن مصر، مشيرا إلى أن الربيع العربي كان السد الإثيوبي جزء من مخططاته، وبكل مقوماته وأهدافه ومنها إسقاط الدولة المصرية.

وسرد وزير الري الأسبق المثل العربي القائل "ما حك جلدك مثل ظفرك"، مؤكدا أنه لن يحل هذه القضية إلا مصر بقيادتها وشعبها، ومصر قادرة.. على أن يقوم المفاوض المصري خلال المفاوضات المقبلة بسرعة التوصل لحل، مشددا على أن إثيوبيا لن تتفاوض على حلول إلا إذا تخلى عنها حلفاؤها "ليس الصين أو روسيا" ولكن الغرب وأمريكا حيث تحصل على 3 مليارات دولار مساعدات سنوية ليست ديونا بل في شكل منح، ولو أن هناك إشارة من دول أوروبا أو اليابان أو أمريكا وكندا، ستمتثل أديس أبابا على الفور لعملية التفاوض والخروج بحلول وتوقيع اتفاق.

ومن جانبه علق الدكتور عباس شراقي أستاذ الدراسات الإفريقية، على مستقبل مفاوضات سد النهضة بعد رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن البيت الأبيض، وقدوم إدارة أمريكية جديدة، قائلا: "قطعت الولايات المتحدة الأمريكية جزءا من المساعدات الأمريكية المتواضعة لإثيوبيا حتى تعود للتوقيع على الاتفاق، وفي 23 أكتوبر الماضى أدلى ترامب بتصريحات نارية عن خطورة الموقف الحالى مما أدى إلى تحريك مياه المفاوضات الراكدة لمدة أكثر من شهرين ونصف إلا أنها فشلت أيضا لعدم توفر الإرادة السياسية لدى الطرف الإثيوبي، وعدم وجود دور فعال للمراقبين.

وعن الدور الأمريكي في المرحلة القادمة قال إن ذلك يتوقف "على علاقة القيادة السياسية في مصر بالإدارة الأمريكية الجديدة التي يمكنها التدخل الجاد بغرض الوصول إلى اتفاق يرضي الدول الثلاث، خاصة وأن لها مصالح كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وتعتمد على مصر كثيرا لتحقيق أهدافها في حفظ الاستقرار في المنطقة، كما أن لمصر أيضا مصالح مع أمريكا، ونظرا لعلاقة المصالح هذه فإنه من المتوقع أن تتصرف الإدارة الأمريكية بحكمة وخبرة ودبلوماسية الرئيس المنتخب جو بايدن الطويلة لتعميق علاقاتها بمصر عن طريق البحث عن حل لقضية سد النهضة.

تركيا وأردوغان

وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر الماضي، وصف بايدن الرئيس التركي بأنه مستبد وانتقد سياسته تجاه الأكراد، كما اقترح تشجيع قيادة المعارضة التركية، وهي تصريحات أثارت ردود فعل كثيرة.

ويرى مراقبون أنه من المرجح أن يؤدي فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى تطورات جديدة في العلاقات مع تركيا حيث يختلف نهجه عن سلفه دونالد ترامب، الذي كان يوفر كافة العوامل لتأكيد دور تركيا في المنطقة.

وقال خبراء إن العلاقات الثنائية يمكن أن تسوء أكثر وهي عرضة للخطر، بالنظر إلى الأولويات المتباينة للبلدين، فالعلاقة الشخصية بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، لا يمكن استمرارها بين بايدن وأردوغان لأن الزعيمين أظهروا انتقادا لبعضهما البعض.

من جانبه أكد محمد مصطفى، خبير الشؤون التركية، ومدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أن بايدن، على عكس ترامب من المتوقع أن يعطي الأولوية لإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات بدلًا من إضفاء الطابع الشخصي عليها. ومن المرجح أن تسلط الإدارة الأمريكية الجديدة الضوء على غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا، بينما تحاول أيضًا احتواء تحركاتها في ليبيا وسوريا والطموحات البحرية في شرق البحر المتوسط.

وتابع مصطفى أنه وعلى الرغم من أن تأثير الإجراءات العقابية من قانون مكافحة أعداء أمريكا سيكون كارثيًا لأنقرة، لا سيما من الناحية الاقتصادية، بسبب شرائها لصواريخ "إس 400" الروسية الصنع، إلا أن أنقرة حاليًا لا تعطي أي إشارة للتراجع عن التقارب المثير للجدل مع روسيا.

وشدد مصطفى على أن الرئيس التركي سيضطر للتعامل مع رئيس لديه رؤية ومواقف مختلفة حيال عدة ملفات تتداخل فيها تركيا؛ وأهم تلك الملفات بالتأكيد الملف السوري والصراع على ثروات شرق المتوسط، والتوسعات التركية بالإضافة للأوضاع الداخلية وقمع حرية الرأي والصحافة في تركيا.

منظمة غاز شرق المتوسط

ويرى مصطفى أنه في حين أن الإدارة الأمريكية القادمة لا تستطيع حل التحديات التجارية في قضية غاز شرق المتوسط بعد انخفاض أسعار المحروقات عقب أزمة فيروس كورونا المستجد، إلا أنها بامكانها أن تلعب دورًا بناءً في إدارة الصراع مع تركيا، كما يتضح من الاختراق المتمثل في المفاوضات الإسرائيلية اللبنانية.

ويرى مراقبون أن المعضلة الأساسية لبلدان شرق البحر الأبيض المتوسط، تُعد هي تحدي تركيا للنظام الإقليمي. وفي محاولة لتوسيع نفوذها، اتَّبعت تركيا بقوة سياساتها التخريبية في المنطقة وتتسم أجندة أنقرة بالمواجهة مدفوعة بحاجتها إلى إحداث تراجع في نجاح منتدى الغاز قبل أن يتحول لمنظمة. ومن منظور تجاري، كانت تركيا ستصبح شريكًا طبيعيًّا في هذه المنظمة. لكن علاقة أنقرة بــ مصر واليونان وقبرص متوترة للغاية بحيث لا يمكنها أن تكون عضوًا في هذا المنتدى.

ونشرت تركيا قواتها البحرية لاختبار حدود الدول الأعضاء في منتدى غاز شرق المتوسط وإدخال جيرانها في دائرة من سياسة حافة الهاوية البحرية التي سوف تخيف المستثمرين الأجانب في نهاية المطاف. وخلال الصيف، ضاعفت الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا، جهودها لمواجهة أنشطة تركيا، ولكن دون جدوى.

ويتفهم بايدن مخاطر ومدى صعوبة تطوير نهج توافقي داخل منتدى الغاز تجاه أنقرة. وفي ضوء ذلك، سيحظى البيت الأبيض في إدارة بايدن بالقليل من الخيارات الجيدة، حتى لو أراد تمييز نهج سياسته عن نهج ترامب. وسيكون من المفاجئ بالتأكيد أن تعطي الإدارة الجديدة الأولوية لمواجهة دور تركيا التخريبي في المنطقة.

ومن المؤكد أن إدارة بايدن ستكون نشطة في شرق البحر الأبيض المتوسط، فهذه المنطقة مهمة من الناحية الاستراتيجية للولايات المتحدة، لكن شرق البحر الأبيض المتوسط ضروري لأمن أوروبا، ومع تقليص الولايات المتحدة لتواجدها، يجب على حلفائها في أوروبا والمنطقة تعزيز جهودهم لمواجهة التجاوزات التركية العدائية.