الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سياسيون تونسيون: الإخوان يستشعرون خطر الانهيار.. ومبادرة "الحوار" حيلة للتغطية على ملفاتهم المشبوهة

صدى البلد

الدعوة لعقد "حوار وطني شامل".. مبادرة لجأت إليها جماعة الإخوان بتونس متمثلة في رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، الذي خرج مؤخرًا ينادي بإجراء حوار يجمع مختلف الأطياف السياسية والحزبية والبرلمانية ولا يستثني أحدًا، في خطوة اعتبرها الساسة في البلاد أنها محاولة "فاشلة" لكسر العزلة السياسية التي تعيشها الجماعة والتي وضعتها أمام خطر الانهيار والخروج من المشهد السياسي، فضلًا عن تخوفات الحركة مع التراجع غير المسبوق لشعبيتها لدى التونسيين، إذ أظهر آخر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "سيغما كونساي" احتلال الإخوان قاع النوايا التصويتية لدى المواطنين خلال الاستحقاقات السياسية المقبلة، لتتراجع الجماعة من 24% في أكتوبر إلى 17% فقط خلال نوفمبر الجاري.

فبعد عقد من الزمن منذ أن تولت جماعة الإخوان بتونس مقاليد السلطة في أعقاب ثورة الياسمين، استمر مسلسل عجزها عن إدارة البلاد وفشلها في كافة القطاعات والملفات التي أسندت إليها، الأمر الذي أدى إلى تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلف جملة من الأزمات أدت بدورها إلى موجات احتجاجية واضطرابات لم تشهدها تونس من قبل، لتأتي دعوة الإخوان وسط مناخ سياسي مضطرب، وتزامنًا مع تحذيرات من قبل سياسيين من تخفي الجماعة وراء عباءة الحوار لتكريس الأوضاع الحالية، في محاولة لاستمرارهم في الحكم، الأمر الذي ينذر بانفجار الأوضاع في عموم بالبلاد.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي التونسي لطفي العماري - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إنه عندما وصلت جماعة الإخوان وحركاتها وأذرعها السياسية إلى السلطة في تونس وتغلغلت في مفاصل الحكومات المتعاقبة منذ ما يقرب من 10 سنوات وهي تثبت على مدار عقد من الزمن، فشلًا ذريعًا أدى إلى ما وصلت إليه البلاد اليوم من انهيار اقتصادي واجتماعي وظهور حالة من الاحتراب والصراعات والتجاذبات السياسية بين كيانات الدولة وتهاوي مؤسساتها، مضيفًا أن حركة "النهضة" الإخوانية تتنصل اليوم من مسؤولية ما آلت إليه البلاد من أزمات لم تشهدها من قبل.

وبشأن مبادرة "الحوار الوطني" التي دعا إليها رئيس حركة "النهضة" الإخوانية، أكد العماري أن قيادات الحركة ورئيسها يستشعرون خطر الإقصاء السياسي والشعبي، وتخشى الجماعة من كشف الملفات المشبوهة والمتراكمة على مدى سنوات عدة من فساد وإرهاب بصنع أيديهم، إذ تحاول الخروج من المأزق بتقديم مبادرات، على غرار "الحوار الوطني"، الذي تسعى من خلاله إلى إلهاء الرأي العام وكأنها ليست المسؤولة عن جملة الأزمات التي حلت بالبلاد، وتريد بذلك قطع الطريق على مبادرة قد يطلقها الرئيس قيس سعيد، والذي يبقى المخول الوحيد لإطلاق "حوار وطني" حقيقي استنادًا لرمزيته وحجم الثقة التي يحظى بها بين التونسيين، مقبل التدهور غير المسبوق لشعبية الحركة بحسب جميع استطلاعات الرأي.

وأضاف أن الحركة تشهد تدهورًا غير مسبوق في شعبيتها لدى المواطنين، فضلًا عن حالة التصدع الكبيرة جدًا والتي أثرت على بنيانها وخلفت انشقاقات وانقسامات داخلية أدت إلى فقدان ثقة أتباعها، بفضل تشبث الغنوشي بالرئاسة مدى الحياة، مؤكدًا أنه تبين للتونسيين أن أحزاب وحركات وجماعات الإسلام السياسي لا تسعى إلا للحكم والتمتع بمغانمه وتأكد هذا عندما اندلع الصراع بين قيادات "النهضة" حول نصيب كل منهم من كعكة ومغانم السلطة، قائلًا : "هؤلاء الذين طاما أوهموا التونسيين بأنهم من يخافون الله وزاهدون ومتعففون عن ملذات الحكم والمناصب وإذ هم يتعرون وينشقون وينقسمون من أجل الظفر بما يقربهم من مقاليد السلطة".

وأشار إلى فشل تيارات الإسلام السياسي في كل الدول التي تولت فيها مقاليد السلطة، حيث أوصلت بعضها إلى خراب غير مسبوق مثلما حدث في العراق على يد "حزب الدعوة" إلى جانب أفغانستان وباكستان؛ لأنهم لا يملكون أي مشروع تنمية حقيقي أو فهم لكيفية إدارة البلاد بل أنهم في علاقة عدائية مع الوطن، مؤكدًا أن جماعة الإخوان دائمًا ما تثبت فشلًا في كيفية تسيير أمور الدولة.

وتساءل العماري : "كيف لأمثالهم أن يقدرون الدولة والوطن، وينسب لكبيرهم الإخواني سيد قطب عبارة نصها (ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن)؟"، مضيفًا أن تلك العبارة تلخص طريقة تعامل هذا التنظيم مع الفكرة الوطنية، وعلاقة الناس ببلدانهم على غير ما علمنا إياه الشرع الحنيف كتابًا وسنة.

من جانبها، علقت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، على دعوة رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي لحوار وطني بين التونسيين، قائلة: "منذ متى ونحن نتحدث إليكم حتى نتحاور معكم .. لا تفكروا في الحوار مع الدستوري الحر، لا تنتظروا منا أن نتحاور معكم، لن نتحاور مع جماعة التفجيرات ومخربي تونس اقتصاديًا واجتماعيًا".

وأضافت موسي: "دمرتم القيم والأخلاق في البلاد وكنتم وراء الاغتيالات وتهجير الشباب وألحقتم بالبلاد الدمار الاقتصادي والمالي والاجتماعي"، مشددة على رفضها التحاور مع جماعة الإخوان، قائلة "لا حوار مع من جعل الإرهاب يتغلغل في الجبال، ودمر الشباب وضرب أسس الاقتصاد".

وفي هذا الصدد، رأت أن الشعب يحتاج إلى قرارات حازمة وتنفيذ إصلاحات على الأرض وليس لحوارات، أو مؤتمرات لا تسمن ولا تغني من جوع، مضيفة أن كتلة الحزب الدستوري الحر، عرضت على رئاسة البرلمان في تونس، مشروعًا يصنف فيه التنظيم الدولي لجماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا مستوجبًا للتصنيف من قبل الحكومة كمنظمة محظورة في البلاد، داعية الحكومة إلى فرض حظر على كل جمعية أو حزب سياسي داخل تونس يثبت ارتباطه بالتنظيم، واتخاذ الإجراءات القانونية ضده، مطالبة بالقيام بالخطوات اللازمة وعرضها على الجلسة العامة للتداول فيها والمصادقة عليها.

من جهته، رأى المحلل السياسي التونسي، أيمن العبروقي، أن جماعة الإخوان المتمثلة في حركة "النهضة" وأذرعها الأخطبوطية مثل "ائتلاف الكرامة" و"قلب تونس" بقيادة كبيرهم راشد الغنوشي، تستشعر خطر العزلة السياسية، إذ تعيش الحركة في أحلك أوقاتها وتشهد تراجعًا غير مسبوق لدى المجتمع التونسي منذ عشر سنوات، وبات أعضاء وقيادات الحركة منشقون على أنفسهم ونشروا تحاربهم وفضائحهم على مرأى ومسمع من الجميع.

وأضاف أن مبادرة الحوار الوطني جاءت بعدما شعرت الحركة بخطورة الموقف، حيث أصابت كافة خياراتها السياسية الفاشلة، البلاد بعجز سياسي نتج عنه جملة من الأزمات أهمها تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن النهضة تريد فقط أن تحكم، لكن في حقيقة الأمر قيادات الإخوان لا يملكون برنامجًا اقتصاديًا ولا رؤية تنموية على الإطلاق، مؤكدًا أن "النهضة"، من خلال مبادرة الحوار، تتنصل من مسؤولية ما حدث في البلاد من سوء في الأوضاع الاقتصادية والسياسية، فضلًا عن حالة الاحتقان والانفجار الاجتماعي والاحتجاجات من جميع الفئات وعلى كافة الأصعدة التي تشهدها تونس اليوم. 

وأكد العبروقي أن الإخوان يريدون خداع التونسيين بأنهم يؤمنون بالتشاركية والحوار، والجميع يعلم أنهم الحزب الوحيد الذي ظل في الحكم عشر سنوات ولم تشهد البلاد على أيديهم إلا الخراب، مضيفًا أنهم يريدون التنصل وإيهام التونسيين بأنهم ليسوا من يحكمون البلاد بل هم فقط شركاء في السلطة، وهم الآن يحاولون إطلاق مبادرات تتشارك فيها جميع الأطراف بعدما شارف الوضع على الانفجار، ولكن الجميع بات يعلم أن تلك الجماعة ليس لديها رؤية سياسية ولا اقتصادية حقيقية لإنقاذ البلاد بل هم من أوصلوا تونس لما هي عليه الآن.