الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اغتيال أبو القنبلة النووية الإيراني ضربة قاتلة في قلب طهران.. إدارة ترامب تخطط لهجوم رادع لا تقوم إيران بعده مرة أخرى لكن الثمن قد يكون باهظا على إسرائيل

إيران  تبكي فخري
إيران تبكي فخري زاده

- محللون: الهجوم يعني تأخر طهران لسنوات في صنع السلاح النووي

- توقعات.. الغارة ستعيق خطط بايدن للاتفاق مرة أخرى مع إيران 

- نهاية 2020  كارثية على جمهورية المرشد خامنئي


وجه مقتل محسن فخري زاده المهندس النووي خارج طهران يوم الجمعة الماضي ضربة كبيرة لجهود إيران في صنع القنبلة النووية، وللنظام الإيراني من الناحية العملية والرمزية، وهو ما سيجعله يسعى بلا شك للانتقام، وإن لم يقم بذلك بشكل فوري، كما أن الضربات على إيران لن تكون الأخيرة على الأرجح، وفق ما ذكرت صحف دولية.


وينهي مقتل فخري زاده، العميد في الحرس الثوري الإيراني، وهو العالم الكبير والأكاديمي البارز، عاما من الخسائر الفادحة لطهران، التي بدأت بمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بغارة أمريكية جوية في العراق في يناير الماضي، علاوة على هجوم إلكتروني أسقط ميناء إيرانيًا كبيرًا، وتدمير موقع بمنشأة نووية في ناتنز، إلى جانب عدة مواقع أصغر ، و سلسلة من الانفجارات طوال الصيف.

 

وبشكل غير مباشر، قُتل أحد كبار قادة تنظيم القاعدة ، بالرصاص في طهران في أغسطس، مما سلط الضوء على علاقة إيران الوثيقة بالجماعة الإرهابية.

 

وتضررت الجمهورية الإيرانية بشكل خاص من جائحة الفيروس كورونا المستجد في عام 2020 ولا تزال تخضع لعقوبات مالية أمريكية ساحقة أعاقت اقتصادها.

 

نسبت طهران كل هذا - باستثناء الوباء - إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة بشكل مباشر، وسط صمت إسرائيلي رسمي في هذا الشأن ، كما هو معتاد.


واستهدفت عملية استخباراتية محكمة فخري زاده، بعد نحو سنتين من تصريحٍ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في عام 2018، معتبرًا إياه القوة الرئيسية وراء برنامج طهران النووي العسكري، مشددًا على ضرورة  تعقبه استخباراتيًا، لكن لم يعلن أحد مسئوليته عن الهجوم الكبير.


إحراج كبير وخذلان عظيم 

وتمثل مثل هذه العمليات حرجًا كبيرًا للنظام الإيراني ، حيث أظهرته الحادثة على الصعيدين الدولي والمحلي بأنه لا يستطيع توفير الأمن الكافي لمسؤول رفيع المستوى مثل رئيس برنامج الأسلحة النووية.


 تل أبيب وراء الضربة 

وسرعان ما اتهمت إيران إسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم، ولم تؤكد إسرائيل علنًا دورها في العملية ، على الرغم من أن مسؤولًا إسرائيليًا كبيرًا على الأقل أشار لصحيفة نيويورك تايمز أن تل أبيب كانت وراء الضربة ، قائلًا "إن على العالم إن يشكر إسرائيل".

 

وألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عملية الاغتيال في مقطع فيديو نشره يوم الجمعة ، حيث تلا إنجازات حكومته خلال الأسبوع الماضي، وأضاف أنها انجازات تأتي  ضمن قائمة مطولة، لكن هناك أمور لن يخبر بها أحدًا، وكان نتنياهو يعلم أن تصريحاته يمكن أن تؤخذ على أنها إشارة إلى العملية.

 

أوبنهايمر الإيراني

اتُهم فخري زاده بقيادة برنامج الأسلحة النووية الإيراني لعقود ، أولًا كرئيس لبرنامج AMAD في طهران ، والذي تم حله اسميًا في عام 2003 ولكن تم استبداله لاحقًا في كل شيء باستثناء الاسم من قبل منظمة الابتكار والبحث الدفاعي ، المعروفة باختصار SPND .

 

وتنفي إيران وجود خطط لتطوير أسلحة نووية، معتبرة أن برنامجها النووي هو لأغراض مدنية ، لكن مجموعة من الوثائق الإيرانية التي سرقها الموساد من طهران ، والتي كشف عنها نتنياهو في مؤتمر صحفي عام 2018 ، أظهرت خطط إيران حول رأس حربي نووي و صاروخ باليستي من بين أشياء أخرى تشير إلى وجود برنامج للأسلحة الفتاكة .

 

وقال دبلوماسي غربي قبل أربع سنوات "إذا اختارت إيران في يوم من الأيام تسليح (التخصيب) ، سيعرف فخري زاده بأنه أبو القنبلة الإيرانية".

 

واعتبرت التقارير الصحفية، إن مقتل فخري زاده - الذي يشار إليه غالبًا باسم روبرت أوبنهايمر الإيراني ، الذي قاد تطوير أمريكا للقنابل الذرية الأولى - سيكون له تأثير مباشر على قدرة طهران على تطوير أسلحة نووية.

 

وقال عاموس يادلين ، رئيس المخابرات العسكرية السابق والرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي، وهي مؤسسة بحثية ذات نفوذ ، للصحفيين: "لا شك في أنه كان المصدر الأساسي للسلطة والمعرفة وتنظيم هذا البرنامج".


وأضاف: "إنهم أشخاص يمكنك [اسميًا] استبدالهم ، لكن لا يوجد حقًا بديل لقدراتهم ومعرفتهم وقيادتهم والطرق التي عرفوا بها كيفية قيادة جهد استراتيجي".

 

على الرغم من أن موت فخري زاده لن يؤثر على الأرجح على قدرة إيران على إنتاج المواد الانشطارية - لم يكن له دور حقيقي في ذلك - فمن المرجح أن تجد طهران صعوبة أكبر في تحويل ذلك إلى قنبلة نووية يمكن إطلاقها.

 

ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، يُعتقد أن فخري زاده كان وراء الجهود المبذولة لتصغير سلاح نووي وجعله متاحًا بما يكفي لاستخدامه كصاروخ باليستي عابر للقارات - وهما خطوتان أساسيتان مطلوبتان لإنشاء سلاح نووي فعال.


وقال يادلين: "الضرر الذي لحق ببرنامج التسليح السري ضخم ، لكن لا يمكن قياسه لأن لا أحد يعرف بالضبط النطاق والعمق وما الذي يفعله الإيرانيون سرًا".

 

ووفقًا لرونين بيرجمان ، وهو صحفي على صلة جيدة بالمخابرات والأمن الإسرائيليين، فقد كشف مفاجئة حينما قال إن فخري زاده  كان في مرمى نيران إسرائيل، على الأقل منذ عام 2009، ، وتم تقديم خطط لقتل العالم العسكري الإيراني في مرحلة ما خلال فترة إيهود أولمرت كرئيس الوزراء وزير من 2006 إلى 2009 ، لكن الخطط أحبطت في اللحظة الأخيرة.


وأضاف بيرجمان "على ما يبدو ، كان هناك من جاء إلى أولمرت وقال له  اسمع ، هناك خطر في أن تفشل العملية، لأنه يوجد خطر من اكتشاف القوات على الأرض".


ومنذ ذلك الحين، ظل فخري زاده على رادار إسرائيل للتصفية، حيث كانت تتم مراقبته عن كثب ويتم تعقبه من قبل المخابرات الإسرائيلية.


- لماذا تم اغتياله الآن؟

يمكن إرجاع الارتفاع الأخير في الإجراءات الإسرائيلية المزعومة ضد إيران وبرنامجها النووي إلى حد كبير للإستفادة من الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب المنتهية ولايتها والتي تدعم العمل العسكري الهجومي ضد طهران.


من ناحية أخرى ، يخطط الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن للانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 - المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة - والمضي قدمًا في مزيد من المفاوضات مع طهران.

 

ويرى مؤيدو هذه الإستراتيجية أن هذه الإجراءات الإسرائيلية غير المؤكدة، لن تفيد بتحقيق  الهدف، مما يجعل المحادثات أقل احتمالا للنجاح حيث يمكن لإيران أن تشدد مواقفها وتكون أقل قابلية للدبلوماسية.

  

- الثمن هو الرعب

وبالإضافة إلى اتهام إسرائيل بالمسؤولية عن مقتل فخري زاده ، هدد عدد من المسؤولين الإيرانيين تل أبيب بالانتقام، حيث دعت صحيفة إيرانية محافظة ، كيهان ، إلى شن هجوم على مدينة حيفا الساحلية شمال إسرائيل ، والتي تعرضت للتهديد بشكل روتيني من قبل جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.


في ضوء التهديد الحالي بالانتقام ، تم وضع السفارات الإسرائيلية والمواقع اليهودية في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب قصوى، في الوقت نفسه ، لم يغير جيش الدفاع الإسرائيلي المستوى الرسمي لليقظة أو يغير انتشاره بشكل كبير ، وهو مؤشر واضح على أنه لا يتوقع انتقامًا إيرانيًا في شكل ضربة عسكرية فورية.

 

وكتب المرشد خامنئي ، عبر حسابه على تويتر، أن محسن فخري زاده قتل على يد أعدائه الظالمين ، وقد فقد هذا العقل العلمي النادر حياته من أجل عمله العظيم .


ودعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المجتمع الدولي إلى "إنهاء المعايير المزدوجة المخزية" و "إدانة هذا العمل الإرهابي". وأضاف أن الهجوم أظهر "مؤشرات جدية على دور إسرائيلي".

 

وغرد اللواء حسين دهقان ، المستشار العسكري لخامنئي ، يوم السبت أن "الصهاينة" يسعون إلى شن "حرب شاملة" وتعهد "بالنزول كالبرق" على قتلة فخري زاده.

 

ووعد الرئيس حسن روحاني ، وهو أيضًا من بين العديد من القادة الإيرانيين الذين يلومون إسرائيل ، بالرد أيضًا ، قائلًا خلال اجتماع لمجلس الوزراء، "يجب أن يعلم أعداء إيران والأمة أننا عازمون على الرد على جريمة القتل في الوقت المناسب ".

 

وبينما تتوقع إسرائيل الانتقام، فمن غير المرجح أن تقوم  طهران مباشرة بعملٍ ما،  حيث تأمل في إجراء مفاوضات مع إدارة بايدن المقبلة.

 

وبفرض السيناريو الانتقامي، فلا تحتاج طهران إلى توريط نفسها بشكل مباشر من خلال مهاجمة تل أبيب ، فعلى مدى السنوات الأربعين الماضية ، أنشأت إيران شبكة من الوكلاء لتنفيذ ما تريدهدون أن تورط نفسها، وهو ما يمنحها إمكانية لإنكار أي مسئولية لها.