الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: تأملات في القرآن الكريم (5)

صدى البلد

عزيزي القارئ .. مازال حديثنا عن الحقيقة المحمدية وكنا قد طرحنا سؤالا وهو لماذا ينكرها بعض علماء الظاهر ؟ . وفي هذا المقال نجيب عن هذا السؤال .. أولا علماء الظاهر هم علماء الشريعة بما فيها من علوم وفقه وأحكام وحدود وأمر ونهي وعلاقات ومعاملات وما تصح به العبادات ويقام به الدين وهم حراس الدين والعقيدة ..أما علماء الحقيقة هم العلماء الربانيون الذين أقاموا منهج الشريعة والتزموا به واستقاموا عليه وأخلصوا وجهتهم لله تعالى وصدقوا في حالهم معه سبحانه ولم يقتصر حالهم على إقامة أركان الدين والاستقامة على أمره ونهيه والتكاليف الشرعية بل اجتهدوا في طاعة الله تعالي وذكره وفي كل الأعمال الطيبة التي يحبها الله عز وجل وزادوا في إقبالهم على الله تعالى بأعمال النوافل إظهارا لمحبتهم له تعالى ولم يتطلعوا إلى الأجر والثواب والعطايا والجنان بل قصدوا الله تعالى ذاته  مخلصين له الدين . 


وهم الذين نظر الله تعالى إليهم بعين عنايته وأمدهم بأنوار هدايته . يقول تعالى( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) . وهم الذين حظوا بحضرة القرب وبمقامات أهل الولاية .يقول سبحانه ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ) . وفي الحديث القدسي يقول عز وجل ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال يتقرب إليّ عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولإن سألني لأعطينه ولإن استعاذ بي لأعيذنه ) . 


ومن هنا يصبح العبد عبدا ربانيا متصفا بأوصاف الحق سبحانه وتعالى ويكون له خصوصية في التجلي والعطاء الإلهي ومن هذه الخصوصية يمنح علوم لدنية وحقائق ومعارف مكنونة وأسرارا بالإضافة إلى الحكمة والفهم الرباني ..هذا وبما أن هذا العطاء قاصر على أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي ولا يعلمه بعض علماء الشريعة الذين لم يتحققوا بأنوار المعارف وقصر علمهم وفهمهم للدين عند رسومه وشكلياته . من هنا يأتي الاعتراض والإنكار . ولهم العذر فلم يفتح الله تعالى على قلوبهم بالعلوم والحقائق والأنوار لتعلق قلوبهم بالدنيا  ورغبتهم فيها وحب البعض منهم للظهور ورؤية النفس في الأعمال . 


هذا ولا يجب التقليل من شأن علماء الظاهر ودورهم في تعليم المسلمين بأمور دينهم . فهم كما ذكرت حراس الدين والشريعة وهم ورثة علوم النبوة المتعلقة بعلوم المنهج . هذا وانتهاج منهج الشريعة والالتزام به هو الأساس في سلوك طريق الله تعالى وعلى أثره يأتي الفتح الرباني شريطة الصدق والإخلاص والإقبال بدفع الحب الخالص لله تعالى..وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال ( العلماء ورثة الأنبياء ) وقال ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) . هذا وأما علماء الحقيقة هم ورثة أنوار النبوة وهناك فرق بين إرث العلوم المحمدية وإرث الأنوار المحمدية . فوارث الأنوار المحمدية هو العالم الرباني الممنوح من الله نور البصيرة والحكمة و المخصوص بعلم المكاشفات  والوارث للعلوم والمعارف والحقائق والأسرار .هذا وهنا علوم لا تدرك إلا ذوقا أو حالا  وهي قاصرة على العارفين بالله تعالى الذين يعلمون من الله ما لا يعلمه غيرهم و المكاشفون بأسرار الله تعالى في الكون.