الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. مشيرة العوضى تكتب: أريد حلا

صدى البلد

جاءتني إحدى الرسائل، ببريدي الخاص، وهذه المرة من رجل وليست امرأة، و تحمل عنوانا، اغيثوني.. أريد حلا. شارحا قصته، أنا رجل مسن بالمعاش حاليًا، يكفي معاشي بالكاد، أن يغطي احتياجاتي وروشتتي الدوائية، التي امتلأت بالعديد من الأدوية لكبر سني وضعف قوتي ،وكنت أعتقد بأنني قد وفيت رسالتي ،بعد تربية الأبناء، والوصول بهم لأعلى الشهادات، ولن أحتاج لأكثر من ذلك، حتى جاء اليوم الذي طرق فيه بابي، لافاجأ بابنتي حاملة امتعتها، مصطحبة أطفالها، لتخبرني بخبر إنفصالها عن زوجها.

 ودون التطرق إلى الأسباب، ومن المخطئ، ومن ثم فهو أضحى أمرا واقعا، وبدأت في تحمل المسؤولية من جديد،لأجد نفسي عاجزا علي الإنفاق علي ابنتي وصغارها، لابد أن أبيع ما أمتلكه بعد أن رفض  مطلقها  الإنفاق علي أولاده، ولينتهي الأمر بما طرق إلى مسامعي عن خبر سفره للخارج تاركا بلده، ضاربا بعرض الحائط مستقبل أولاده ومسؤوليته تجاههم، لننتقل لجبهة المحاكم، والمتقاضين، في طلب حصولها علي النفقة، وكافة مستحقاتها، لأفاجأ بنظام قضائي وتنفيذي -وفي القرن الحادي والعشرين -ما زال، لا يحقق أقل القليل من أبسط قواعد العدالة، لما يتسم به من بطء وإجراءات روتينية، وبما زادت معه الأمور تعقيدا وصعوبة، فهل أجد حلا عادلا، التمسه من عدالة المجتمع، وشهامة الرجال، وليس الذكور... 

وبانتهاء قراءتي للرسالة، تذكرت على الفور، أحد أشهر الأفلام، في السينما المصرية، بطولة الفنانة القديرة أمينة رزق، وسيدة الشاشة، فاتن حمامة، والذي أنتج في منتصف سبعينات القرن الماضي، وتحديدا، عام 1975,لنجد، وبعد قرابة النصف قرن، ،  ما زالت تلك القضية ، قائمة، تتجدد إلى يومنا هذا، بالنزال المتجدد، في ساحات القضاء، يستغيث أبطالها... نريد حلا.

ورغم تعاطفي الشديد مع هذه الأسرة المنكوبة، ودون التطرق لموضوع الإنفصال والمتسبب فيه، وهل يرجع إلى الرجل أم المرأة، فنحن أمام واقع مرير، لتشتت أسرة بالكامل، وأنين رجل مسن، وزوجة عديمة الحيلة، وأبناء يفترض بهم أنهم عماد مجتمعنا المستقبلي.

وهنا أقول إلى متى لا يوجد حلول قطعية وسريعة للمرأة المعيلة، مطالبة الدولة، بإيجاد حل مثل هذه المشكلة، بشكل فوري وسريع، ووضع عقوبات رادعة لمثل هؤلاء ممن يطلق عليهم لقب ذكور، لتهربهم من تحمل المسؤولية، وليسوا رجالا، فإن قضايا المرأة، باتت من أشد القضايا أهمية، وعلى الأخص، المرأة المعيلة، فلم تعد المرأة نصف المجتمع، فهي أصبحت عبارة خاطئة، فالمرأة المعيلة تقوم على نفسها وأسرتها بالكامل.

ومن ثم فالمرأة وعلى هذه الشاكلة، تعدت نصف المجتمع، وأضحت الضرورة ملحة لحل تلك المعضلة، التي خلفها من يطلق عليهم ذكور، مؤكدة في ذات السياق، أن التشريعات الحالية في شقها التنفيذي، لا تقوى ولا تقوم على وضع آليات محددة تضمن تنفيذ ما يصدر عن القضاء من أحكام غير منصفة في الغالب الأعم، لتجد المرأة المعيلة نفسها، وحتى بعد حصولها علي تلك الأحكام العرجاء، تقف عاجزة عن تنفيذها،   وبما يؤدي إلى هلاك مجتمع بأكمله، فالأسرة المنكوبة، هي لبنة في جدار مجتمع متكامل، لو سقطت لهوي ذلك الجدار بأكمله، مكررة المطالبة بتوفير وتوفيق حلول تتضمن توقيع غرامات أو فوائد تصاعدية، مماثلة للتي توقعها كبري الشركات والبنوك حال التأخير عن مواعيد السداد المحددة.

 فالأسرة المصرية لا تقل أهمية عن البعض من الشركات والبنوك، إن لم تكن هي الأهم علي الإطلاق، ليكون ذلك ولو جزء من عقاب رادع لكل مستهتر لاعبا بحقوق الأبناء، وهم المستقبل وعماد المجتمع، منوهة في ذلك علي أهمية تنفيذ الأحكام، بصورة قطعية رادعة، وبشكل سريع، لا سيما وقد تثار في بعض الأحيان، مشكلة هروب الزوج للخارج، ومن ثم تعذر وإستحالة تنفيذ تلك الأحكام، والتي أرى في حلها إجراء المزيد من الاتفاقيات الدولية التي تضمن تبادل تنفيذ الأحكام، بين رعايا الدول، وتبسيط إجراءاتها، بما يضمن سرعة التنفيذ، ولو من خلال مندوبين متخصصين بجميع السفارات بالخارج، ،و كذلك من خلال التواصل فيما بين الدوائر القضائية، مصدرة الأحكام ووزارة العدل، ومديرياتها، بكافة الأقاليم،ووضع الآلية المناسبة لتنفيذ تلك الأحكام.

 وسواء كان التنفيذ، داخل أو خارج الأراضي المصرية، مستغلين في ذلك سرعة التحول الرقمي للبيانات ،وسهولة تبادل المعلومات، ووصولا لتنفيذ تلك الأحكام، وإعادة الحقوق لأصحابها، أبناء الوطن، وليعاودني التساؤل، وللقارئ أيضا، هل كل ذكر رجل، وهل المتهرب من مسؤوليته، تجاه الأبناء، يستحق أن يطلق عليه لقب رجل؟؟؟؟