الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نرمين الشال تكتب: بين البايع والشاري جهاز حماية المستهلك

صدى البلد

خطفت قلبي حين رأيتها،  أحببت حجمها وتفاصيلها،  إنها حقيبة اليد التي حلمت أن أقتنيها منذ فترة، لكن كان هناك مشكلة  إنها  مطروحة ضمن موضة هذا العام ولا يوجد فرصة للحصول عليها  إلا بدفع مبلغ كبير،  أو الانتظار ربما يتم تنزيلها ضمن عروض آخر الموسم،  أخذت صورتها ورُحت أسأل عنها في  جميع فروع التوكيلات المعروفة في مدينتي، الجميع أخبرني أنها غير متوفرة . أحدهم قال لي :  " دي من بيدج أجنبي  مش هتلاقيها هنا " ومضى أسبوعان ثم رأيت  صورتها  على صفحة  أحد المحلات عنوانه حي من أحياء القاهرة الراقية،  هرعت أسأل عن سعرها جاءني الرد بعد يومين " sold out dear " . 


بيعت الجميلة  وكررت السؤال : طيب مافيش منها أي لون تاني ؟  ولم يصلني رد،  ومضى اسبوعان آخران  وتابعت الصفحة وجدت أن ألوان أخرى توفرت وكتبت تحت الصورة عبارة " ckeck out our collection "  وتنفست الصعداء، وأسرعت باختيار اللون الأنسب واتصلت برقم الهاتف الموجود على الصفحة فوجدته مغلقا، وسألت عن رقم الهاتف وتحدثت معها فأجابت لأول مرة باللغة العربية،  سألت عن السعر ولم أصدق نفسي حين أخبرتني أن سعرها لا يتجاوز 1000جنيه، سألتها هي هي اللي في الصورة؟  قالت :  أيوه هي بالظبط  ... قلت في نفسي:   لا بأس مؤكد أنها هاي كوبي لأن القطعة الأصلية سعرها يتجاوز الـ5 آلاف، وتغاضيت طالما أنها تطابق  الصورة،  وأجلت حلم اقتناء  البراند ، واتفقنا على أن يتم شحنها وبالفعل استلمتها من مندوب شركة الشحن.


وكانت الصدمة حين رأيتها،  ولا أبالغ إن قلت أني شعرت بالإهانة، إنها أسوأ حقيبة يد اشتريها، أسرعت إلي الهاتف أستفسر عن هذا الشيء الذي استلمته  وما هذا الإكسسوار المصنوع من البلاستيك ؟ !  قالت :  أنت ما سألتيش عن خامة الاكسسوار!!  ثم  بادرت قائلة :  مش هينفع ترجعيها.... وبمنتهى الوداعة  وجدتني أقول : أنا مش عايزة أرجعها اتصلت  لأعبر عن استيائي،   فكان ردها : أنا ما أجبرتكيش تشتري. 


احتجت بعض الدقائق حتى أفيق من صدمتي من الحقيبة ومن الرد، وشعرت أنني وقعت فريسة  بين أسنان إحدى غولات الدارك ويب، فهذه الحقيبة لا يتعدى سعرها الـ100 جنيه، وقررت أن أستخدم  حقي،  وأتقدم بشكوى لجهاز حماية المستهلك،  فمثل هذه الفتاة  لا يمكن أن تبقى دون عقاب، ولا يصح أن تترك هذه  الصفحة  لاستقطاب الحمقى ومجانين الموضة. 


عبر إجراءات غاية في السهولة قمت  بتسجيل شكوى على  الموقع  الالكتروني لجهاز حماية المستهلك، ووجدت بعض النصائح والإرشادات وضعت للمستهلكين على  صفحته الرئيسية منها عدم شراء أي منتج دون فاتورة، والتأكد من مصدر المنتجات،  وبنود الضمان وطرق الصيانة،  لم يمر يومان حين  اتصل بي  أحد المحامين  المختصين  بفحص الشكاوى،  وطلب مني صورة لفاتورة الشراء، أخبرته أني لا أمتلكها وأني اشتريت السلعة عن طريق الانترنت، وليس لدي ما يثبت عملية الشراء سوى صور المحادثة الالكترونية مع مسئولة المحل، ورقم هاتفها، وبالفعل أرسلتهم على الرقم الخاص بجهاز حماية المستهلك لمتابعة اجراءات الشكوى، وقبل أن ينقضي الأسبوع تم حل المشكلة. 


لا شك أنني ارتكبت خطأ كبيرا حين تسرعت في شراء سلعة واستلامها دون الاهتمام بطلب ارفاق الفاتورة، وحين تغاضيت عن الاستفسار عن بياناتها، ولم أعي أن السوق الالكتروني أصبح  كالغابة  مليئة  بالفرائس، والصيادون المهرة  يغرونهم  ويتربصون  بهم  لتحقيق أعلى مكسب، وقد دفعتني هذه التجربة للنظر حولي وأخذ آراء  بعض الأقارب والأصدقاء وسمعت من  قصص  النصب ومقالب  الشراء عبر الانترنت، ما جعلني أضحك  حينا وأحزن أحيانا، واكتشفت مدى سذاجتنا  في مواجهة هؤلاء الأباطرة المتغولين،  فمئات الأشخاص أغراهم تدفق الأموال لجيوبهم دون عناء  ومشقة  فزادت شراهتهم لجني مزيد من الأرباح وتحقيق الثراء السريع، دون الالتزام بأي معايير أخلاقية، ولا مهنية، ونصيحتي لنفسي وللجميع بعدم التسرع والتهافت على كل ما يعرض من سلع عبر الانترنت،  ولو قام أحدنا بجولة بسيطة في المحلات  القريبة منه لوجد أن أغلب هذه السلع متوفر في محيط سكنه، ولو كان من بد فليعي هؤلاء البائعون أنه سيكون دائما .... بين البايع والشاري جهاز حماية المستهلك.