الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هدى الشاذلى تكتب: بضُعفائكم تُنصرون

صدى البلد

ذوو الاحتياجات الخاصة فئة ليست بالقليلة في المجتمع بل تبلغ نسبتهم 1000 مليون وهو ما يُمّثل 15 %من إجمالي سُكّان العالم)، وفي مصر تبلغ نسبتهم 76. 10 ٪ من إجمالي السُكّان طبقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وقد تم تخصيص يوم الثالث من ديسمبر من كل عام كيومٍ عالميّ لذوي الاحتياجات الخاصة وبرعاية كريمة من رئاسة جمهورية مصر العربية تم اعتبار عام ٢٠١٨ عام تحدّي الإعاقة. 

هذه الفئة التي طالما تعرّضت للإهانات في ظل بعض الحضارات القديمة حيث كانوا يرونهم عِبئًا على المجتمع لا فائدة منهم، ولا طائل من ورائهم ويرون أنّه لاينبغي أن يكون لهم مكان بينهم في مدينتهم الفاضلة؛ لذا كان يتم التخلُّص منهم، وفي بعض الأماكن كان أقل ما تُلاقيه هذه الفئة أن تكون مثار السخرية والإهانة والغمز واللمز  أو على النقيض من ذلك تكون مثار العطف والشفقة.

وإذا ما تتبعنا الدين الإسلامي في تعامله مع هذه الفئة نجد أن الإسلام اهتم منذ البداية بالوقاية وحّرّم كل ما من شأنه قد ينتج طفلًا مُشوهًا، فأمر الرجل أن يُحسن اختيار الزوجة الودود الولود الصحيحة المُعافاة، وحرَّم الزنا لأن تعدد العلاقات يسبب الكثير من الأمراض وتشوهات الأجنة، وحرّم الخمر وكل ماشابهها من مُسكرات وكل مايُغيّب العقل ويُسبّب تلف في المخ أو الأعصاب والذي قد ينتج عنه أطفال مشوهين نفسيًا وعصبيًا وجسمانيًا، وينصح الأطباء السيدة الحامل بتجنُب التدخين السلبي وعدم تعاطي أي عقاقير حتى لو علاجية إلا بعد استشارة طبيب مُتخصص، وحثّ الإسلام على العلاج والتداوي وأخذ التطعيمات اللازمة منذ بداية الحمل وبعد الوضع،وغير ذلك الكثير من طرق الوقاية وتجنُب الإعاقة.

 
ولكن إرادة الله عز وجل التي قضت بوجود بعض أُناسٍ ابتلاهم ربهم بنوع من المرض أو الإعاقة لحكمة لايعلمُها سواه، ليجيء الدور الأعظم للإسلام في كيفية التعامل مع هذه الفئة والحفاظ على حقوقهم فقد جعل سبحانه لهذه الفئة نفس الحقوق كغيرهم من الأصّحاء المُعافين ومن أولها حقهم في الحياة فحرّم إجهاض الجنين المُشوّه، وَمِن حقهم العيش الكريم، ونظرًا لما لديهم من عجز فقد أسقط الشارع عنهم بعض التكاليف فقال تعالى :"لَيْسَ عَلى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ  حَرَجٌ وَلا عَلى المَرِيضِ حَرَجْ.... " سورة الفتح أية :١٧. 

حثّ الإسلام على حُسن معاملتهم  ومُراعاة مشاعرهم وليس أدّل على ذلك من قصة سيدنا عبد الله بن أم مكتوم الذي كان أعمى ومن السابقين في الإسلام وجاء ليتعلم أمور دينه من رسول الله وكان  صلى الله عليه وسلم مُنشغًلًا بدعوة  أكابر أهل مكة ظنًا منه أنهم بإسلامهم سوف يتبعهم باقي القوم،  فعبس وتولّى عنه ولم يهتم به وإذ بالمولى يُنزل القُرآن مُعاتبًا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم بقوله "عَبَسَ  وَتَوّلى. أن جَآءَهُ الأعْمَى...." سورة عَبَسَ أية:١، ٢).، فبالرّغم من وصف القرآن لسيدنا عبد الله بن أم مكتوم بالعمى أى أنه لم يرى عبوس وجه رسول الله إلا أن الله عاتبه على عدم مراعاة مشاعره وانشغاله عنه  ، فكان رسول الله كلما قابله بعد ذلك يضحك له ويقول (أهلا بمن عاتبني فيه ربي)، ومن حقوقهم ضرورة دمجهم في المُجتمع وتكليفهم بما يطيقون وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يستخلف عبد الله بن أم مكتوم على المدينة ليُصلّي بالناس إمامًا. 

فكُتُب التاريخ والسيرة حافلة بشخصيات من ذوي الاحتياجات الخاصة ولكن بدمجهم في المجتمع وتوفير مايلزمهم من وسائل، وأدوات، ومدارس، ومُعلمين، والاهتمام بميولهم وهواياتهم  برعوا في العديد من المجالات وتميّزوا عن غيرهم، وارتفع شأنهم، وخلدت ذكراهم، فمن أصيب في شئ عوضه الله خيرًا منه، لذا فالمجتمع الذي يستبعد هذه الفئة ويمنعهم من العمل والنجاح  ويفشل في دمجهم والاستفادة من طاقاتهم  هو المُعاق الحقيقي الغير قادر على استيعاب جميع أفراده خاصة الضُعفاء منهم فقد  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرزَقُون إِلابِضُعَفَائِكُم" رواه البخاري.