الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثاني أعلى معدل نمو في العالم.. جهود "المالية" خلال 2020

صدى البلد

قامت وزارة المالية خلال عام 2020 بعدد من الجهود المهمة في مجال تطوير نظم إدارة المالية العامة ورفع كفاءة الإنفاق العام بهدف تعظيم الاستفادة من موارد الدولة على النحو الذي يسهم في تحسين معيشة المواطنين.

فأطلقت الوزارة الإصدار الأول لدليل موازنة البرامج والأداء ليوضح إرشادات تطبيقها في الجهات بشكل يضمن توحيد الأنشطة المتشابهة وربط المخصصات المالية ببرامج محددة، وفقا لأحدث الخبرات العالمية والتحول الرقمي لتعزيز أسس الحوكمة والإدارة الرشيدة للنفقات وتحسين الخدمات التي يتلقاها المواطنين.

وأثبتت فلفسة موازنة "البرامج والأداء" نجاحا كبيرا خلال السنوات السابقة في القطاع الصحي تجسد في المبادرتين الرئاسيتين للقضاء على فيروس "سي" وإنهاء قوائم انتظار الجراحات والتدخلات الطبية الحرجة ومن المقرر الاستمرار في توسيع نطاق تطبيق هذا النهج على باقي القطاعات الحيوية المهمة.

وساعد برنامج الإصلاح الاقتصادي المطبق منذ عام 2016 في خلق حيز مالي ومرونة هيكلية للاقتصاد المصري لمواجهة الأزمات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، مما ساعد على استمرار ثقة مؤسسات المجتمع الدولي والتصنيف الائتماني في الاقتصاد المصري وثقتها في قدرته على التصدي لمواجهة الأزمات ودعم المؤسسات الدولية ومساندتها للاقتصاد المصري.

وكان وزير المالية الدكتور محمد معيط قد قال إنه لولا التنفيذ المتقن لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتعامل بمنهجية استباقية، ما نجحنا في احتواء تداعيات أزمة "كورونا"، وتخفيف حدة الصدمة، لتصبح مصر، كما ذكرت "بلومبرج"، ضمن الاقتصادات العشر الأسرع نموا على مستوى العالم خلال عام ٢٠٢٠، وتسجل ثاني أعلى معدل نمو اقتصادي في العالم بنسبة ٣,٦٪، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي، وخفض معدلات الدين للناتج المحلي من ١٠٨٪ في العام المالي ٢٠١٦/ ٢٠١٧، إلى ٨٨٪ بنهاية يونيو ٢٠٢٠، وتحقيق فائض أولي ١,٨٪ في العام المالى الماضي، بينما تضاعفت في الدول الناشئة الأخرى وغيرها معدلات الدين والعجز وجاء نموها بالسالب.

وفاق أداء الاقتصاد المصري التوقعات رغم "كورونا" خلال 2020، بشهادة مؤسسات التصنيف والتمويل الدولية وعلى رأسها: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، على نحو يعكس أهمية الإصلاحات الاقتصادية المتكاملة والجريئة التي تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وساندها الشعب المصري، وأسهمت في استقرار السياسات المالية والنقدية، وأشادت بها مدير صندوق النقد الدولي قائلة "مصر نجم ساطع عالميا في مجال الإصلاح الاقتصادي".

وقد أدت الإصلاحات إلى إحداث تحسن في مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي خلال العام الحالي، ويتضح ذلك بما حققته من مؤشرات إيجابية رغم أزمة "كورونا"، حيث سجل مؤشر أداء "مديري المشتريات" أعلى معدل منذ ٦ سنوات في شهر أكتوبر الماضي؛ بما يعكس ثقة أكبر ٤٠٠ شركة بالقطاع الخاص، وتوارن السياسات الاقتصادية والمالية، وبرامج التحفيز المالي التي تسهم في دفع النشاط الاقتصادي، وتحسن مؤشرات الإنتاج والمبيعات المحلية وطلبات التصدير رغم "الجائحة"، وبذلك تكون مصر من الدول التي بدأ فيها أداء القطاع الخاص يستعيد عافيته.

وعكست تقديرات المؤسسات الدولية صلابة الاقتصاد المصري، حيث وصف تقرير البنك الدولي، على هامش الاجتماعات السنوية، مصر بأنها "النقطة المضيئة" في أفريقيا، بعد أن ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بها ١١٪ خلال العام المالي الماضي، مقارنة بالعام المالي ٢٠١٨/ ٢٠١٩، فضلا عن تحسن ترتيب مصر في تقرير "سهولة ممارسة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي بنحو ١٤ مركزا خلال العامين الماضيين.

ووفقا لمؤسسة "جي. بي. مورجان"، تعد مصر الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط وأفريقيا التي اختتمت بنجاح الدورة السنوية لمراجعة التصنيف الائتماني واحتفظت بثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش" خلال فترة من أصعب الفترات التي شهدها الاقتصاد العالمي، حيث تم تثبيت التقييم السيادي والتصنيف الائتماني لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وأبقت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" في تقريرها الأخير، للمرة الثانية خلال ٦ أشهر في عام ٢٠٢٠ على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية عند مستوى «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد المصري.

ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي، تعتبر مصر الدولة الوحيدة التي ستحقق نموا اقتصاديا إيجابيا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال العام المالي الحالي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي التعافي السريع للاقتصاد المصري على المدى المتوسط، وارتفاع معدلات النمو لأكثر من ٥٪، وتراجع نسبة العجز الكلي للناتج المحلي إلى ٥,١٪ خلال العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، و٤,٤٪ بحلول العام المالي ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، بما يعكس قدرة السياسات المالية المصرية على التعامل الإيجابي والفعال مع المتغيرات المحلية والدولية.

وأصبحت مصر الأكثر جذبا لتدفقات "محافظ الأوراق المالية" بالأسواق الناشئة خلال ٢٠٢٠، واحتلت - بحسب تقرير "دويتشه" - خامس أكبر تمركز للأجانب، وثالث أكبر تراجع في أسعار الفائدة.

وفي إطار الإجراءات التي اتخذتها وزارة المالية لتحسين مناخ الاستثمار، فقد تم في حدث تاريخي إطلاق أول سندات خضراء مصرية ببورصة لندن بقيمة 750 مليون دولار لأجل 5 سنوات ، الإصدار الأكبر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتلعب تلك السندات دورا هاما في تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة، وتحقيق خطة مصر للتنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والسيطرة عليه والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي على ضوء "رؤية مصر 2030"، كما تكتسب السندات الخضراء أهمية بالغة خلال المرحلة الراهنة لاستقطاب العديد من المستثمري، بالإضافة إلى كونها آلية هامة لتنويع مصادر التمويل .

وفي خطوة استباقية أخرى، قامت وزارة المالية بإطلاق قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم (206) لسنة 2020 ليعد خطوة جوهرية هامة نحو التحول الرقمي والانتقال إلى مرحلة الميكنة الكاملة وتحقيق المزيد من الفاعلية لقواعد إنهاء المنازعات الضريبية وتوحيد الاجراءات الضرييبية من خلال منح رقم ضريبي واحد للممول، بما يساعد على تبسيط الإجراءات الضريبية وتحسين مناخ المستثمرين.

وكان وزير المالية قد أكد أن نجاح الحكومة في الإدارة الاحترافية لأزمة "كورونا"، وتحقيق مؤشرات إيجابية لأداء الاقتصاد المصري مازالت تحظى بإشادة مؤسسات التصنيف والتمويل الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، يشير في إحدى جوانبه إلى أهمية مشروع التحول الرقمي بمفهومه الشامل لتحديث وميكنة منظومة الإدارة الضريبية، حيث أسهمت "الإقرارات الإلكترونية" في رفع كفاءة الفحص والتحصيل الضريبي.
وانعكس ذلك في زيادة الإيرادات عن إقرارات "القيمة المضافة" المقدمة خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر، التي كانت تمثل ذروة "الجائحة" بنسبة ١٥٪ عن ذات الفترة من العام الماضي وزيادة أعداد المسجلين على منظومة تقديم هذه الإقرارات بنسبة ٤٥٪ مقارنة بشهر يوليو ٢٠١٨، وزيادة أعداد مقدمي الإقرارات الإلكترونية للقيمة المضافة شهريا بنسبة تتجاوز ٣٠٪ عن ذات الفترة.

وأصبحت مصر من أوائل الدول الرائدة بالشرق الأوسط وأفريقيا في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، التي انطلقت مرحلتها الإلزامية الأولى منتصف نوفمبر ٢٠٢٠، لتمتد مظلتها إلى ١٣٤ شركة.

وترتكز منصة "الفاتورة الإلكترونية"، التي تم تنفيذها بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية، على إنشاء نظام مركزي إلكتروني لتلقي ومراجعة واعتماد 
ومتابعة فواتير البيع والشراء للتعاملات التجارية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير بصيغة رقمية دون الاعتماد على المعاملات الورقية لحصر المجتمع الضريبي.

ويحقق تطبيق منظومة "الفاتورة الإلكترونية" العديد من المزايا للممولين منها تسهيل إجراءات الفحص الضريبي للشركات، في أقل زمن ممكن، وإنهاء زيارات الاستيفاء المتكررة، وفحص ملفات فواتير البيع والشراء إلكترونيا، مع إمكانية الفحص عن بعد وتيسير إجراءات رد الضريبة، وعملية إعداد وتقديم الإقرارات الضريبية، إضافة إلى تعزيز المراكز الضريبية للشركات بوضعها فى قائمة "المخاطر الضريبية المنخفضة"، وتبسيط إجراءات التسوية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير المميكنة، الذي تتيحه المنظومة نتيجة ربطها وتكاملها مع الأنظمة المحاسبية للممولين.

وشهد عام ٢٠٢٠ خطوات فعالة نحو رفع كفاءة التحصيل الضريبي للمتأخرات، وإنهاء المنازعات بتسويات ودية، وقد استفاد ٤٦ ألفا و٤٧٥ من الممولين والمكلفين من الإعفاءات المقررة بقانون "التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية والفوائد وما يماثلها من الجزاءات المالية غير الجنائية" حتى ١٨ نوفمبر الماضي، حيث سددوا ٧,٢ مليار جنيه "ضريبة الدخل والقيمة المضافة"، وتجاوزت الدولة عن ٦,٥ مليار جنيه "مقابل تأخير وضريبة إضافية مستحقة"، وفقا للأحكام المحددة بالقانون.

وأسهم تجديد العمل بقانون "إنهاء المنازعات" في التيسير على الممولين وإنهاء عدد كبير من النزاعات القائمة ، حيث منحهم فرصة جديدة للاتفاق مع الإدارة الضريبية على إنهاء المنازعات، في المرحلة الإدارية دون انتظار الإجراءات الضريبية الطويلة باللجوء للمحاكم، على النحو الذي يساعد في سرعة استقرار المراكز القانونية لهؤلاء الممولين، وتحصيل حق الدولة؛ بما يتسق مع التوجيهات الرئاسية بمساندة القطاعات الاقتصادية المتضررة من أزمة "كورونا" ويساعد على استمرار عجلة الإنتاج وسط إجراءات احترازية مشددة، والاحتفاظ بالعمالة، والتكليفات الرئاسية أيضا بالسعي الجاد نحو سرعة تحصيل حق الدولة من المديونيات المتأخرة وتعظيم قدرتها على أداء الخدمات العامة خلال "الجائحة".

وبالنسبة للجمارك، فشهد عام ٢٠٢٠ عبورا جديدا لمصلحة الجمارك من خلال المضي بقوة في تنفيذ المشروع القومي لتحديث وميكنة منظومة الإدارة الجمركية، الذي يحظى بدعم كبير من القيادة السياسية، ومن المقرر الانتهاء من ربط كل الموانئ البرية والبحرية والجوية بمنصة إلكترونية عبر منظومة النافذة الواحدة بالجمارك بنهاية يونيو المقبل؛ بما يسهم في تبسيط الإجراءات، وتقليص زمن الإفراج الجمركي، وخفض تكلفة السلع والخدمات بالأسواق المحلية، ما يساعد في تحسين تصنيف مصر في ثلاثة مؤشرات دولية مهمة: "التنافسية العالمية، وممارسة الأعمال، وبيئة الاقتصاد الكلي"، وتحفيز مناخ الاستثمار، وتعظيم القدرات الإنتاجية، وتوسيع القاعدة التصديرية، وتسهيل التجارة الداخلية والخارجية.

وكان وزير المالية قد أكد أن مشروع "النافذة الواحدة" يسير بشكل جيد بمطار القاهرة وغرب وشرق بورسعيد والعين السخنة، ويتم التعامل مع أي تحديات وفقا لأحدث المعايير والخبرات الدولية، بحيث تكون هذه المنصة نقطة التقاء لتبادل المعلومات والمستندات من جميع الأطراف المشاركة في التجارة والنقل وتوفر آليات لتسهيل إجراءات التجارة الخارجية وتوحيد النماذج اللازمة للإفراج عن البضائع والفواتير وتطبيق نظام المدفوعات الرقمية وتطوير مؤشرات الأداء ونظم المراقبة والإنذار المبكر. 

ويقدم المركز اللوجيستي لكبار العملاء بالقاهرة حزمة من الخدمات المميزة تصب جميعها في التيسير على المتعاملين مع الجمارك ممن يتمتعون بمزايا الفاعل الاقتصادي "القائمة البيضاء"، بحيث يستطيعون سرعة إنهاء الإجراءات اللازمة للإفراج عن شحناتهم في أي ميناء دون الحاجة للانتقال إليه من خلال استيفاء كل المستندات والموافقات المطلوبة عنها بهذا المركز.

وشهد عام ٢٠٢٠ طفرة تشريعية غير مسبوقة بإصدار قانون الجمارك الجديد الذي حظى بإشادة صندوق النقد الدولي، بما تضمنه من ممارسات عالمية تسهم في تعزيز حركة التجارة الدولية.

وتضمن القانون الجديد تيسيرات جديدة للمتعاملين مع الجمارك منها استحداث نظام جديد لتسوية المنازعات الجمركية، يتيح التظلم إلى جهة الإدارة قبل اللجوء للتحكيم؛ بما يمنع تفاقم المنازعات بين أصحاب البضائع ومصلحة الجمارك، ويضع حلولا توافقية للعديد من المشاكل من خلال لجنة مشتركة تضم طرفي النزاع.

وتم استحداث نظام المخازن الجمركية المؤقتة بحيث تكون الموانئ بوابات عبور للبضائع، وليست أماكن لتخزينها أو تكدسها، بما يسهم في تقنين وضع الساحات والمخازن التي تنشأ داخل الموانئ وتقدم من خلالها الخدمات الجمركية على البضائع الواردة والمصدرة.

ويستهدف القانون الجديد تشجيع الصناعة الوطنية وخفض تكلفة الإنتاج المحلي وتعظيم قدراته التنافسية في الأسواق العالمية، حيث يتضمن ميزة تقسيط الضريبة الجمركية المستحقة على الآلات والمعدات والأجهزة وخطوط الإنتاج ومستلزماتها التي لا تتمتع بأي إعفاءات أو تخفيضات بالتعريفة الجمركية متى كانت تعمل في مجال الإنتاج، مقابل سداد ضريبة إضافية تحسب كنسبة من قيمة الضريبة الجمركية غير المدفوعة عن كل شهر أو جزء منه.

وأوضح أن القانون الجديد يتضمن إعفاء ما تستورده المستشفيات الحكومية والجامعية من الأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية والأدوية ومشتقات الدم والأمصال ووسائل تنظيم الأسرة وألبان الأطفال من الرسوم الجمركية؛ تحقيقا للالتزامات الدستورية بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين.

كما تضمن مبدأ عدم الإخلال بالإعفاءات التي قررتها قوانين أخرى سارية منعا للازدواج كقانون الرياضة وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وغيرها من قوانين التي تقرر إعفاءات جمركية.

وتواصل وزارة المالية خلال الأعوام القادمة جهودها للضبط المالي المتوازن والداعم للنمو والنشاط الاقتصادي، فضلا عن المساهمة في الخفض التدريجي لأعباء خدمة دين أجهزة الموازنة العامة من خلال خفض نسبة الفوائد المسددة إلى إجمالي مصروفات وإيرادات الموازنة.