الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. هبة جمال تكتب: أرباع المثقفين مشوهي الرموز مروجي التطبيع

صدى البلد

يمكن للقارئ الكريم أن يتوقع القضية التي سأتحدث بشأنها، وقد لا يرغب في إكمال المقال الواضح من عنوانه، ولكن ما أرغب في طرحه يعد أمرًا جد خطير يقتضي أن نقف جميعًا ونتساءل عدة تساؤلات مهمة تعكس خطورة ما نسمع وما يتم طرحه.
ولكن بداية على أن أسال القارئ ليعلم من أقصد وماذا أقصد:
- هل سمعت عن تشويه للزعماء والأبطال الذين صنعوا التاريخ المصري الحديث والمعاصر؟
- هل سمعت من يعتبر الزعيم مصطفى كامل مُتآمرًا وعميلا؟
- هل شاهدت شخص يعتبر ثورة 1919 ثورة فاشلة؟
- هل صادفت أحد المتحدثين بالإعلام يشكك في الزعيم محمد فريد ويدعي على الزعيم أحمد عرابي؟
- هل سبق لك الاستماع لمن يتهم الزعيم عبد الناصر بالعمالة والزعيم أنور السادات بالتآمر؟
- هل استمعت لمن يشوه مسيرة القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي؟
ما طرحته لا يمثل إلا القليل مما يبثه مدعي الثقافة ممن يدعي التخصص في التاريخ، إلا أنهم أبعد عن ذلك بمراحل فهم يشوهون الموروثات ويحرقون الثوابت. ولا أراهم أقل خطرا مما طرحه نتنياهو من تزييف بشأن انتصارات حرب أكتوبر 1973، فما الفارق بين العدو الذي يشكك في تاريخك ويزيفه لتحقيق مكاسب استيطانية صهيونية على حساب الوطن والأجيال القادمة وأبطالنا وتراثنا وميراثنا، ومن يشوه رموزك بحجة حرية الرأي وإعادة قراءة التاريخ تحت ادعاء الثقافة؟!.
فقط سأوجه رسالة لمثل تلك الشخصيات من أنت لتتكلم عن رموز وطنك؟ ماذا حققت؟ هل سيكتب التاريخ عن شخصك؟، هل يمكن أن يتضمن اسمك في أحد دروس القراءة أو التاريخ بالمدارس أو الجامعات؟ هل خضت نضال وظهرت متمسكا واثقفا بثوابتك الفكرية؟ هل قمت بحماية وطنك وعملت جاهدا على حماية مقدساته؟
هل ما تقدمه يمثل حماية للأوطان أم تشكيكا في الثوابت ولمن المصلحة؟
هل هي مصلحة شخصية للشهرة وجلب الأموال لأنك نكرة وترغب في الانطلاق من عبارة "خالف تعرف"؟ وهذا في أحسن تقدير.
أم أنك تعمل لصالح أجندة أخرى تستهدف هدم الثوابت، وضرب الرموز، والتشكيك في البطولات لتسلخ الاجيال الجديدة من تاريخها وجذورها ومقدساتها؟ هل تتقاضي أموالاً مقابل العبث الفكري الذي تبثه في عقولنا؟ هل ترغب في الحصول على جائزة نوبل أو غيرها في الأدب مثلا؟
الغريب أن من يدعي دراسة التاريخ والحكم على أبطالنا شخصيات غريبة، إما تقحم نفسها في العلم دون سابق خبرة أو دراسة، تتطفل بفرع غريب عليها رغم تخصصها في فرع علمي اخر ولكنها فشلت فيه، ولم تحقق به أي شيء يذكر، وفضلت التطاول على الرموز لتدخل إلى مجال آخر لتطلعنا على القبيح والمزموم من نتاج أفكارها التعيسة.
كما نجد من هؤلاء المدعين من له توجهات فكرية مشبوهة تمجد في الكيان الصهيوني وما يسمى بالثقافة اليهودية لتغييب الثقافة والتاريخ المصري والعربي كما يقوم المفكر الصهيوني "نورداو".. فالعربي – وفقا له- يجب أن يغيب ويشوه والعرب جهلة ولا يفقهون شئ مقابل خلق واقع جديد زائف يسمى بـ الأمة اليهودية التي يعطونها مكانة على حساب نفي القومية العربية والتاريخ العربي وتشويهه. وهذا ما يحدث الآن بعد اتفاقات التطبيع المزعومة التي صاحبها تصريحات من أرباع الرجال الذين تجرأوا على الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. وعلى الدين وعلى التاريخ وعلى الموروث والثقافة فلا عجب مما نشاهده الآن من سموم تبث.
فأعلم أيها القارئ الكريم أننا في مرحلة إعادة كتابة التاريخ وإعادة بناء الهوية وإعادة تشكيل الأمة، بمعني آخر نحن في مرحلة هدم الثوابت والمقدسات لصالح سموم جديدة يبثها العدو بأيدي عملاء من داخل الأوطان. لنقبل بالعدو تحت مسمى التسامح والتعايش، خاصة أن التاريخ والمقدسات والأديان شكك بها عملاء، فلا مجال للاحتكام إليها كما يرغبون. فعليك أن تسأل عن موجة هدم الثوابت من قبل أرباع المثقفين متوازية مع ما يسمى بالسلام الإبراهيمي المزعوم.

فمع الوقت نجد أرباع المثقفين من العملاء يكشفون عن هويتهم ويرتدون بعض الرموز تمسحا في إسرائيل "كالكيبأ" ويبررون الفعل المشين بالمزحة والتهريج وتضمهم جمعيات مشبوهة تحت ستار تدريس اللغة العبرية والثقافة اليهودية والنظام السياسي الإسرائيلي. وتكتمل الصورة إذا علمت أن خلفية من يدير تلك الجمعيات سبق لهم العمل في المركز الأكاديمي الإسرائيلي التابع للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة. ويعملون ويلهون بعقولنا وكأنهم غضوا الطرف عن انتفاضة المارد المصري الرافض للتطبيع الذي ظهرت في رد الفعل ضد صورة ممثل مصري مع مغني إسرائيلي وضع قيد التحقيق من نقابة المهن التمثيلية. فعليكم يا أرباع المثقفين أن تعوا أنكم لستوا أكثر من شرذمة لفظها المجتمع وسيلفظها دوما.

وعلى كل استاذ جامعي أن يعي أنه له رسالة ومسئولية لتوعية الأجيال فالتهريج ليس من العرف الأكاديمي فأنت قدوة ورمز عليك أن تلتزم وإلا فأترك مكانك لمن هم أحق منك به.

وإذا عدنا لبداية المقال حول مدعي الثقافة ممن يشوهون التاريخ، هنا أجد المسؤولية تقع على القنوات الخاصة، التي تستضيف أرباع المثقفين بحجة قراءة التاريخ واعادة قراءة النص الديني وحرية التعبير، وكذا علينا كأسرة ألا ندع تلك الشخصيات المسمومة تدخل بيوتنا وتنشر القمامة الفكرية أمام أبصارنا وأذهاننا وعقول أبنائنا.

كما أتوجه للدولة ككل وأخص الهيئة الوطنية للإعلام أن تضع معايير لمعدي البرامج والمحاورين من يحق له الحديث في قضايا متخصصة ماذا ينشر وماذا يبث إلينا؟، وكيف نحافظ على ثوابتنا وتاريخنا ومقدساتنا؟.

وأتوجه لكليات الآداب والأثار والأزهر الشريف العمل على بلورة رسالة حول ماذا يجب ان يصدر لحماية تاريخنا؟ وما هي الرسالة التاريخية الواجب تبسيطها وكيفية التبسيط للجمهور والأجيال الجديدة؟، وكيف نحمي مقدساتنا ومن يحق له الفتوى واعادة قراءة الدين؟ وكيف ستتم القراءة؟ ولماذا؟.

وأخيرًا سأوجه رسالة إلى أرباع المثقفين قبل أن تفتي في التاريخ أولى بك الدراسة والحصول على الأقل على شهادة علمية في التاريخ، وفي علوم الدين والفتوى والفقه والشريعة وعلم الكلام إذا أردت الفتوى. وفي العلوم الجيوسياسية إذا ظهرت كمحلل سياسي، والطب إذا قدمت نصائح طبية وعلاجية.

فقبل أن تشوه التاريخ أعرف من انت ومن هم؟ وأسأل نفسك سؤال هل لو كان الزعيم عبد الناصر والرئيس أنور السادات، والزعيم أحمد عرابي والزعيم سعد زغلول والزعيم مصطفى كامل والزعيم محمد فريد جميعهم أحياء هل كنت تجرأت على التشويه والتشكيك والتحريف؟!.

أولى بك أن تقف احترامًا لتلك القامات الذين لا ترتقي أن تنظر حتى لظلهم، فأين أنت منهم ؟!

أتمنى أن تفوقوا يا أرباع المثقفين، وأن تجدوا إجابات على ما قدمته من تساؤلات!.