الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: ثقافة الاختلاف

صدى البلد

تعرض مجموعة من الفنانين إلى موجة عارمة من التنمر خلال الأسابيع الماضية، والتي كانت أبرزها حادثة "يسرا اللوزي"، حيث أحدث تعليق سخيف كتبه أحد المتابعين على صفحتها ضجة كبيرة، رجت صداه كافة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، والتي أسفرت عنهما العديد من الرسائل التي تدعمها وتؤيد موقفها، لما أبدته من حكمة وتعقل أثناء الرد عليه، حيث أنها نجحت في تلقينه درسًا لايُنسى، دون أن تنحدر لنفس أسلوبه المبتذل، و دون أن تستخدم الكلمات البذيئة ذاتها.

 

نحن لا ندرك ثقافة مراعاة مشاعر الآخر، ولا نحترم ثقافة الاختلاف .أن يكون الآخر مميزًا بشىء ليس موجودًا بك، فهذا لا يعني أن تذكر به وكأنه أمر يعيبه، يستحق عليه الجلد والعقاب، في النهاية انت لم تختر الهيئة التي تبدو عليها الآن، وكذلك أنا، ولا تدري ما يحمله لك القدر غدًا. 

 

فالشخص الذي يسيء للآخرين بذكره الفروق الجسدية والاختلافات الشكلية أثناء تعليقاته، ما هو إلا انعكاس للبيت الذي تربى فيه، حيث اعتاد في نشأته على أن يترك ندبة في صدر أحدهم جراء كلماته المؤذية، لم يجد ما ينبهه بشأن ما يجب أن يتفوه به، و أن يضع نفسه مكان القارىء أولا، ثم يتخيل أحدهم يلفظها له، فهل حينها سيقبلها أم لا؟ !.... حالة من الجمود وانعدام الشعور تجتاح مجتمعنا، الكل يعاير، يؤلم، يجرح، ثم يمضي ليخلد إلى نومه دون أن يرف له رمش، ويترك الآخر في حالة من الصراع، ولا يتردد في ذهنه إلا سؤالًا واحدًا : هل أنا سيئ إلى هذه الدرجة؟!

 

العقاب ثم العقاب ثم العقاب، لكل من تسول له نفسه بأن يعاير الآخر باختلافاته، فمن غير المعقول، أن تدون فنانة على حسابها الشخصي خبر وفاة مخرج سينمائي، ثم تأتيها صفعة الرد "عقبالك " و يُترك و كأنه لم يقل شيئا، ثم سرعان ما ينتقل إلى غيره، ليعكر صفو مزاجه ويخرب مشاعره جراء تدويناته المقيتة. فمن المفترض أن يتم تتبع حسابات مثل هؤلاء المستخدمين، حتى يتم خضوعهم للمساءلة القانونية وتوقيع أقصى العقوبة عليهم، حتى يكونوا عبرة لمن ينتهجون نفس أسلوبهم المزري .أؤمن أنه إذا خضع أحدهم للعقاب، سيتوخى الآخرون الحذر والحيطة أثناء كتابة تعليقاتهم. 

 

جرائم التنمر لا تقل بشاعة عن جرائم القتل من حيث توقيع العقوبة، بل من المفترض أن تكون عقوبتها أكبر، لأنها تتعلق بمشاعر البشر، فالقاتل يميت جسدًا، إنما المتنمر يترك رصاصته في منتصف قلبك، تظل تشعر بها ما حييت، يتركك على قيد الحياة ويميت فيك روحك، يجعلك تتنهد وجعًا، وقلبك يئن من فرط الألم ثم يخبرك بعد كل هذه الفوضى أنك مازلت حيًا .