الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عادل دندراوي يكتب: ميدان الإسعاف.. المفترى عليه؟

صدى البلد

عند مرورك في ميدان الإسعاف، أو خروجك من نفق المترو أسفله، فلا بد وأنك ترى درة تراث القاهرة، عمارة الشواربي، الضخمة الممتدة على شارع رمسيس مع بداية شارع فؤاد، ويعود بناؤها لعام 1925، وهي أوروبية الطراز المعماري، لكنها مطعمة بزخارف وهوية مصرية عريقة فأعلاها وعلى واجهاتها ترى أبو الهول، وتتزين مداخلها بالوجوه الفرعونية. لكنها تحزن وتئن على ما آلت إليه!، وهي تقاوم التلوث القاتل وعوادم الناس والسيارات، وسلوك القاطنين غير المدركين ماذا يسكنون!!، بل وتفضح عشوائيات وقبح البناء الحديث والذوق العام.

وفي الميدان أيضًا دار القضاء، الذي يعود بناؤه الخلاب لعام 1937، على الطراز الإيطالي، ويلاصقه مبنى مصلحة الشهر العقاري. وكذلك التحفة المعمارية، معهد الموسيقى العربية، ويعود تاريخ إنشائه لعام 1921، وهو أثر تاريخي وثقافي يدعو للفخر، وقد أصبح كالغريق يقاوم الحياة وسط قمامة وعشوائيات وصخب لا يليق به، بعد أن كان ذات يوم منارة لعلوم الموسيقى العالمية!!

وفي الميدان أيضًا مصلحة الكيمياء وتاريخ إنشائها، يعود لعام 1898, قبل انتقالها في 1934 لمبناها الأثري الرائع الحالي، وظلت كمعمل حكومي علمي للحفاظ علي المصريين وصحتهم ورقيهم!!، من خلال فحص واردات المواد الغذائية والملابس والمنتجات الزراعية وغيرها، لكنها اليوم تلوذ بمن ينقذها من التآكل والتلوث اليومي!.

في ميدان الاسعاف، ترى الفوضى والتلوث السمعي والبصري يعصف به من كل جانب، وهو أشبه بساحة معارك حياتية يومية هزلية، فهو ساحة سباق جنونية لركاب الميكروباص، ومرتع لسيارات بيع التجزئة، والباعة الجائلين الحائرين، وسوقًا رثة للملابس المستعملة، ولهاث من أجل لقمة العيش دون حل، وسوقًا لبيع اللحوم، والسوبرماركت، والفوضى المرورية حدث ولا حرج، فلا احترام لحياة المشاة والأطفال، ولا سيادة لإشارة حمراء تنظم الحياة للجميع!!

 وإذا كانت محافظة القاهرة والأجهزة المعنية تحاول أن تجد الحلول البديلة دون جدوى، إلا أن الجزء الكبير من تلك العشوائيات، تحمل ضوءًا أخضر للتواجد!!، بل لا لزوم لها في مكان يعج بكثافة هائلة من الهدر البشري، دون إدراك واعتبار لأهميته اللوجستية، ولا لمخاطره اليومية. فالحل شامل وعادل، لا تجزئة فيه ولا استثناءات، لكي يكون ميدان الإسعاف منظمًا وحضاريًا يعكس العمق التاريخي، ويعبر عن استحقاق المصري لتراثه الإنساني!!.