الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمل مصطفى تكتب: الدنيا تغيرت

صدى البلد

عندما كنا صغاراً كانت تردد أمى على مسامعنا عبارة لم أدركها إلا عندما كبرت كانت تقول لنا إن الدنيا صعبة فاضحكوا فى وجه أبيكم عندما يعود إلى البيت فالعالم فى الخارج موحش جداً وقاسٍ ..!!
ولم ندرك معانى تلك الكلمات إلا عندما خرجنا الى هذا العالم واعتصرتنا تحدياته وتغيراته ونكباته .. 

يتردد على مسامعنا دائما الدنيا تغيرت، الزمن تغير ، كلما شاهدنا أمرا مختلفا وأحداثاً غير متوقعة، وتغيرات لا يرضى القلب والعقل بوجودها فتخرج تنهيدة من اعماق القلب بها حسرة بجملة الدنيا تغيرت!!
 
فأصبحت الدنيا هى الشماعة التى نعلق عليها أخطاءنا وسوء أخلاقنا وتردى قيمنا ومبادئنا ..
فمن الذى تغير نحن أم الدنيا سؤال نطرحه ونتأمل إجابته بواقعية..
 نرى ان الدنيا وما تحتويه من زمن ثابتة لا تتغير فالدنيا ليست بعاقل حتى يحدث فيها تغير، فهى تحتوى على اربع فصول ثابتة كما هى ، وشمس تشرق علينا بالنور والدفء كل صباح وقمر يسطع ليغمر الليل نورا وبهاء ، وبحر كاتم لأسرارنا ، ونهر شافٍ لأجسادنا ، وجبال رواسى لا تتبدل  ، وسماء يأخذنا صفاؤها ، ونجوم بالليل تهمس لنا وتراقبنا ، نرى الدنيا بمخلوقات الله فيها ونعمه ثابته تؤدى مهامها المكلفه بها بمنتهى الدقه، تسبح الأشجار ، وتتفتح الأزهار وتتعطر الدنيا برياحينها مشرقة مبهجة جميلة هى الدنيا بنعم الله فيها ..
عندما نرى بواقعية الدنيا التى نفترى عليها بالتغير نجد ان الذى تغير هو الإنسان بقيمه وعاداته وتقاليده  وأخلاقه .. 
هل الدنيا تغيرت عندما يؤذى الجار جاره ولا يشعر بوجوده ولا حتى يعرفه ليلقى عليه السلام على الرغم ان نبينا الكريم أوصى بالجار حين قال (مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه) ..
هل تغيرت الدنيا عندما تغيرت القلوب واصبحت مغمورة بالحقد والحسد بسبب الأموال والجاه والنفوذ والكل لا يشغله ما يملكه وما بيديه من نعم اكثر ما يشغله ما الذى بيدِ غيره ليحسده ويستكتر النعمة عليه ..
هل نتهم الدنيا بالتغيير عندما يهجر الإبن والديه ويقسو عليهم ، ويضعهم فى دار للعجزه والمسنين دون اى رعايه او حتى تقدير واحترام لأيام السهر والشقا التى بذلوها من اجله ..
اه يدنيا كم انتى مظلومة بيننا عندما اصبحت المصالح هى اساس العلاقات حتى بين الإخوات والأقارب ، عندما استهان الصغير بالكبير ولم يوقره ويحترمه ، واحتقر الكبير الصغير واستضعفه ولم يرحمه ، فبأى عين فينا نعتب على الدنيا بالتغيير والعيب فينا يغمرنا ، قتلتنا الأنانيه وروح التملك وقضت على الإنسانيه فينا ، ونسينا الحب والود والعطاء والمعانى الراقيه الساميه التى خلق الانسان بها ليعمر  بها الدنيا التى يتهمها ويلقى عليها  بالتغيير  ..!!
نغنى ونقول شعرا فى وطننا ونحن نلوثه بمخلفاتنا نلقيها من البيوت والشبابيك غير مبالين كم الألم الذى يعانيه الوطن من سلوكياتنا واستهتارنا ، غير الألفاظ الغريبه النابيه التى لايخلوا شارع منها ..!!
من تغير اذا من الذى تبدل وتحول وخالف نظام الكون ؟ انت ايها الانسان ام الدنيا ؟؟
والاجابه الوحيده على هذا السؤال الذى. سيظل يتردد بدواخلنا قول الإمام  الشافعى :
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا، وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا .
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ ، وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا.
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ ، وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضًا عَيانا..!!!