يعد الكاتب صبري موسى الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، أحد أعمدة السرد الروائى والقصصى العربى، وتعد روايته الفذة "فساد الأمكنة" من أهم الروايات التى كتبت باللغة العربية، من وجهة نظر أدباء ونقاد كثيرين، إذ تمرد على سلطة العاصمة وعلاقاتها الاجتماعية لأول مرة فى الأدب العربى الحديث، وجعل من الصحراء مسرحًا لأحداث روايته الملهمة، التى ترجمت إلى مختلف اللغات الحية، ووضعته باقتدار فى الصفوف الأولى للروائيين العرب، بل والعالميين.
الراحل عمل بتفان أكثر من ستين عامًا فى مجالات الأدب، وأنتج مجموعاته القصصية الرائدة: القميص، وجها لظهر، حكايات صبرى موسى، مشروع قتل جارة، والسيدة التى والرجل الذى لم، ورواياته الخالدة: فساد الأمكنة، وحادث النصف متر، والسيد من حقل السبانخ، إلى جانب كتب الرحلات: فى الصحراء، فى البحيرات، ورحلتان فى باريس واليونان، إلى جانب عدد كبير من سيناريوهات الأفلام التى اختير بعضها ضمن قائمة أفضل أفلام القرن العشرين.
ولد صبري موسى في محافظة دمياط عام 1932، وهو من كتاب القصة البارزين في مصر، تخرج من مدارس دمياط وعمل في الصحافة وتعددت مؤلفاته في أدب الرحلات والقصة القصيرة والسيناريو و في الرواية ولقد عمل مدرسًا للرسم لمدة عام واحد ، ثم صحافيًا في جريدة الجمهورية، وكاتبًا متفرغًا في مؤسسة «روز اليوسف»، وعضوًا في مجلس إدارتها، ثم عضوًا في اتحاد الكتاب العرب، ومقررًا للجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة وقد ترجمت أعماله لعدة لغات.
حصل الراحل على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 1974، وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى عن أعماله القصصية والروائية عام 1975، جائزة «بيجاسوس» من أميركا، وهي الميدالية الذهبية للأعمال الأدبية المكتوبة بغير اللغة عام 1978، وسام الجمهورية للعلوم والفنون عام 1992، جائزة الدولة للتفوق عام 1999، جائزة الدولة التقديرية عام 2003.
وتعيد سيرة صبري موسى العديد من الإشكاليات الثقافية أبرزها عدم العمل على ما أسسه رواد الفن المصري، وفي حالة صاحب "فساد الأمكنة" فإن الطموح الذي عبرت عنه الرواية وما عالجته من قضايا بدا كأنه ثمرة وحيدة لشجرة ذات فروع متعددة.
وكتبصبريموسى سيناريوهات العديد من الأفلام السينمائية منها "البوسطجي"، أحد أهم أفلام السينما المصرية، و"قنديل أم هاشم"، و"القادسية"، و"الشيماء"، و"قاهر الظلام"، و"رغبات ممنوعة"، و"أين تخبئون الشمس".
وتعتبر آخر ما صدر له رواية "السيد من حقل السبانخ"، عام 1982، وهي رواية تُصنف تحت بند روايات الخيال العلمي، وهي تأسيس لنوع جديد لم يقدر له الاستمرار ولم يجد من يتلقفه من الأجيال المتتالية ولم يطرقه إلا أدباء قلائل مثل يوسف عز الدين عيسى ونهاد شريف، وتُرجمت أعماله إلى عدة لغات منها الإنجليزية والصينية.