الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الواقع كان أكثر بطولة.. ملحمة دماء طاهرة على الملابس الميري | قصص الشهداء

صدى البلد

لقد كانوا هنا..  رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يحزن القلب لفراقهم ويفرح الوجدان لمنزلتهم،حكاياتهم بطولات للتاريخ فحسب و خصام بينهم وبين الإرهاب ليوم الدين.

ملحمة بطولية سمعنا عنها، وقصص للتاريخ شاهدنا صورا لأبطالها، ولكن الواقع فيها كان أكثر من بطولة، عاد أبطالها ملفوفين في علم بالأسود والأبيض والأحمر، رافعين نسر بلادهم فوق صدورهم، شهداءً عند ربهم يرزقون.

تحل هذا الإسبوع الذكرى الـ 69 لأعياد الشرطة، وفى هذه المناسبة، ينشر موقع صدى البلد مقتطفات قليلة من بطولات لا حصر لها، سطرتها دماء رجال الشرطة المصرية الأوفياء التي ارتوت بها الأراضي المصرية في كل صوب وحدب.

حكايات عن أبطال المفرقعات

تدق ساعات الأيام الأولى من العام الساعة تلو الأخرى، لتسطر سجلات الأبطال إسم أول شهيد للشرطة فى 2019.. الشهيد الرائد مصطفى عبيد، الذى سطر بطولته بكل شجاعة فى إحباط محاولة لاستهداف كنيسة بمنطقة مدينة نصر، حين تلقى بلاغا بوجود عبوات ناسفة أعلى سطح عقار بجوار أحد الكنائس بمنطقة عزبة الهجانة، فتحرك مسرعا لإنقاذ الأبرياء وعقب وصوله طلب من الجموع الابتعاد حتى يتمكن من تفكيك العبوات، إلا أنه وبعد مرور دقائق دوى إنفجار أعلن عن إستشهاد البطل.

بطولة الشهيد عبيد لم تكن الأولى أو الأخيرة فى التاريخ، حيث سطر من قبله الشهيد المقدم محمد لطفى الضابط بمفرقعات القاهرة، ملحمة بطولية بدأت ببر والديه طوال سنوات، ومرت بتفكيك قرابة الـ 56 قنبلة حتى حان وقت الإستشهاد، تلقى الشهيد البلاغ أثناء وجوده وسط زملائه محدثهم عن شهر رمضان والصيام، ليتحرك لموقع البلاغ بمحيط قصر الإتحادية ملبيا نداء الوطن لتفكيك العبوة رقم 57 إلا أنها كانت الأخيرة التى أستشهد وهو يحاول تفكيكها.

ومن سطور بطولات رجال المفرقعات سطر إسما من ذهب.. الشهيد ضياء فتحي، الذي خرج فى بلاغ بوجود عبوة ناسفة بمحيط محطة وقود بالجيزة، وعقب تأكده أن الجسم الغريب يحوى مادة متفجرة اتخذ قرارًا بعدم تفجيرها بمدفع المياه، بسبب قربها من محطة الوقود، خوفًا من وقوع كارثة محققة، فتقدم الشهيد يرتدى بدلته الواقية محاولا تفكيك العبوة، إلا أن الله اختاره فى هذا الوقت ليكتب اسمه بين الشهداء.

هنا مذبحة كرداسة

واحدة من أهم الأحداث البطولية التى سطرها التاريخ كاتبا "رفض رجال الشرطة البواسل ترك أماكنهم داخل القسم والهروب".. ويأتي على رأسهم الشهيد عامر عبد المقصود، نائب مأمور مركز شرطة كرداسة، أو "شيخ العرب" كما لقب بالمنطقة نظرا لتدخله وحرصه على مشاكل الثأر والعائلات وديا، وكان شرطيا محبا لعمله، وإنسانا ذا خلق، حتى نال الشهادة في أحداث اقتحام مركز الشرطة من قبل العناصر المسلحة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية.

ومن أبطال واقعة اقتحام القسم، الشهيدان محمد فاروق وهشام شتا، اللذان رفضا الاستجابة لطلب أسرتيهما بالخروج من القسم عندما تعالت أصوات التكبيرات وتوالت الأخبار بمحاولات عناصر إرهابية اقتحام مركز شرطة الكرداسة، واستمرا في الذود عن عملهما والدفاع عنه حتى نالا شرف الشهادة دفاعا عن عملهما.

حملت ملحمة كرداسة إسم الشهيد محمد جبر، الذى كان لا يجلس على مكتبه كثيرًا يتحرك داخل مبنى المركز بنشاط ويستقل "بوكس" الشرطة ليلا لتنفيذ دوريات أمنية بنفسه، وكان يرد على الضباط والأفراد الصغار عندما يسألونه عن سر إخلاصه فى عمله لهذه الدرجة، "أصل حياة الناس مسئولية مننا واحنا بنعمل عشان نرضى ربنا"، وكان صوت القرآن الكريم هو الصوت الوحيد الذى يملأ جنبات مكتب "السيد المأمور" فلا يدير التلفاز إلا على قراءة القرآن الكريم، وعندما يسمع صوت الأذان يذهب إلى "المصلى" بالمركز، حيث يقف وسط أبنائه الأفراد يؤدى الصلوات وكان صوته الجهور "شدوا حيلكم يا رجالة"، أثناء دخوله للمركز فى الصباح الباكر علامة مميزة.

بطل إقتحام كرداسة

في أعقاب تلك المجزرة، أعدت قوات الأمن عدتها واقتحمت مدينة كرداسة لإلقاء القبض على مرتكبيها، فكان أول من وطأت قدمه أرض كرداسة فاغتالته طلقات غادرة، سقط اللواء نبيل فراج على الأرض متمسكا بسلاحه، لم يكن اسمه ضمن قائمة الأسماء التى تتوجه إلى مدينة كرداسة لاقتحامها وتطهيرها من البؤر الإجرامية، لكن إصراره على مشاركة زملائه جعلته يتقدم القوات، فكان أول من سقط شهيدًا.

تفجيرات جامعة القاهرة

لم يستطع الشهيد طارق المرجاوى، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، الهروب هذه المرة من القدر، حيث كانت المرة الأولى عندما استهدفته جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية والعميد جرير مصطفى، مدير المباحث الجنائية، أمام سينما رادوبيس، حيث انفجرت القنبلة بعد عودتهما من الطريق الذى كانا يسيران به، ونشر أنصار بيت المقدس الإرهابية بيانا بنجاة العميد طارق المرجاوى والعميد جرير مصطفى وتوعداهما بمزيد من الدماء جزاء لهما لتصديهما لتظاهرات الإرهابية بمنطقة الطالبية.

كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة مساء، بينما يتلقى الشهيد طارق المرجاوى مكالمة تليفونية من قيادى بمديرية أمن الجيزة يخبره فيها أن هناك معلومات من قطاع الأمن الوطنى تفيد باعتزام طلاب الإرهابية التظاهر والتعدى على رجال الشرطة بعد الخروج من الحرم الجامعى.

لحظات ويجرى الشهيد مكالمات مع مفتشى مباحث فرقة الغرب يخبرهم بضرورة الحضور فى محيط الجامعة، وحدد أسماء ضباط المباحث واتفق على حضورهم فى التاسعة صباحا، وبالفعل حضر الشهيد فى تمام الساعة العاشرة صباحا وتفقد الحالة الأمنية سيرا على الأقدام، ثم عاد مرة أخرى إلى مقر الاستراحة الذى استشهد فيه، وجلس بجوار اللواء عبد الرءوف الصيرفى، نائب مدير الأمن لقطاع الغرب وفيما يتابع الشهيد الحالة الأمنية وقع انفجار ضخم يهز أركان مبنى الاستراحة الذى كان بجواره، وعندما التفت من هول المشهد، انفجرت القنبلة الثانية لتقضى عليه وتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها، لحظات ويهرول جميع ضباط المباحث إلى مكان الانفجار ليجدوا الشهيد العميد طارق المرجاوى ملقى على الأرض والدماء تنزف من رأسه وفمه.

شهداء الواحات

اشتباكات مسلحة شرسة وقعت بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية بالكيلو 135 بالواحات البحرية في أكتوبر 2017 استشهد إثرها 16 ضابطا وفرد شرطة أعقبها ردا قويا من القوات المسلحة ووزارة الداخلية انتهت بقتل 15 ارهابيا وتحرير النقيب محمد الحايس بعدما احتجزته جماعة الإرهابي هشام عشماوي 11 يوما.

ملحمة أخرى سطرها رجال الشرطة وكتب التاريخ أسماء من ذهب ضمت العميد امتياز كامل والعقيد أحمد جاد الكريم والمقدم محمد وحيد حبشي والمقدم محمد عبد الفتاح والمقدم أحمد فايز والرائد أحمد عبد الباسط والنقيب كريم فرحات والنقيب عمرو صلاح والنقيب اسلام مشهور والملازم أول أحمد حافظ والمجند حسن زين العابدين والمجند بطرس سليمان مسعود والمجند عمر عز علي والمجند محمود ناصر، ونجاة النقيب محمد علاء الحايس.

ووفقا لإعترافات الإرهابي الليبي المسماري، أحد المتهمين فى حادث الواحات قال :" لما تم السيطرة على الامن الشيخ حاتم أمرنا ننزل من التبه فى اتجاه عربيات الامن وحده وحده واول مانزلنا الشيخ حاتم قعد يخطب في الامن ففى ضابط قاطع كلامه "ابيض البشرة وشعره اصفر" بدون خوف عرفت ان اسمه احمد شوشة من الإعلام لم شوفت صورته على النت فالشيخ حاتم قاله يابنى اسمعنى بس ومتتكلمش، وقبل مانتحرك رجع واحد من المتهمين قتل الضابط أحمد شوشة وقبل مايقتله قاله انت بتقاتل لأخر لحظة.

الشهيد القاضي.. تفجير تكبيرات العيد

صباح يوم 5 يونيو عام 2019، حيث دقت عقارب الساعة الخامسة صباحا، وأرتفعت تكبيرات العيد داخل المساجد في أنحاء الجمهورية، في ذات الوقت كان الشهيد الملازم عمر القاضي يقف بطلا برفقة أفراد كمينه "بطل 14" في سيناء، متبادلين تهانى العيد، وممسكين أسلحتهم للتصدى لمحاولات الإرهاب في العيد.. فكانت عيون الإرهاب الغاشم تترصد لهم انتظارا للحظة الانقضاض، أيدى الغدر لم تضع في حسبانها ما كان يعلو السماء "الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا اله الا الله"، وبادروا كمين البطل الشهيد بوابل من الاعيرة النارية ليكون عيد الفطر عيدا للشهيد القاضي ورفقائه يظل شاهدا على بطولاتهم.

"قولوا لأمى ابنك مات راجل" كلمات اوجعت قلب كل من سمعها وقرأها، هذه الكلمات اخر ما قاله الشهيد البطل عمر القاضى اثناء تصديه للجماعات التكفيرية فى كمين البطل 14، حيث وقف ببسالة الشجعان يحارب غدر من لا دين لهم وكانت تلك هى اخر كلماته التى قالها لزملائه قبل ان يستشهد هو وامين شرطة و6 مجندين.


رسالة شهيد ورفيق

وأخيرا وليس أخرا.. إن لوحة شرف الشهداء تضم الكثير من الأسماء التى لا حصر لها، والتى وإن ذُكرت لجفت منها الأقلام، فدوما ماتتردد القيادات فى الإجتماعات الأمنية علي مسامع الضباط والأفراد: صاحبك وابن دفعتك دمه اتهدر بس مننساش وصية الشهيد بالقصاص وأنت العوض نرجع حقه وحق اللي سبقوه فقدت اليوم رفيقًا وستفقد غدًا رفيقًا والطريق طويل.