الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وثيقة الأخوة الإنسانية صاغها الإمام المُجدد.. وبنودها ‏رحمة وسلام للعالمين

وثيقة الأخوة الإنسانية
وثيقة الأخوة الإنسانية

احتفل الأزهر الشريف، اليوم ‏‏الأربعاء،  عبر الإنترنت بـ اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، بمشاركة لفيف من ‏علماء الأزهر والكنائس المصرية والعالمية والخبراء والأساتذة في ‏‏مجال الأديان ‏والقانون والاجتماع والإعلام والأدب، للحديث حول دور وثيقة الأخوة الإنسانية ‏‏في ‏إرساء السلام العالمي والعيش المشترك، ودور المؤسسات الدينية والدولية في تعزيز ‏الأخوة ‏‏الإنسانية، وذلك بعدما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ‏الخامسة والسبعين ‏ذكرى ‏توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية 4 فبراير يوما عالميا للأخوة ‏الإنسانية، حيث وقع شيخ ‏الأزهر وبابا ‏الفاتيكان هذه الوثيقة التاريخية ‏في أبو ظبي يوم 4 فبراير 2019.‏

وقال المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، إن وثيقة الأخوة ‏الإنسانية انطلقت قبل عامين بمجهود مشترك من قائد ملهم وفذ هو فضيلة الإمام ‏الأكبر أحمد ‏الطيب، شيخ الأزهر، الذي سطر مسيرة السلام ورسم طريق الأخوة الإنسانية، وصاغ بنودها ‏برحمة وحب، ورجل محب للسلام هو قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، ‏وبدعم ‏مخلص صادق من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، راعي ‏وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث دعم هذه الوثيقة بكل صدق وإخلاص لإخراجها من بين دفتيها ‏إلى مبادرات ومشروعات واقعية.‏

تطبيق الوثيقة إلى أرض الواقع
وأكد «عبد السلام» خلال كلمته اليوم في احتفالية الأزهر الافتراضية عبر الإنترنت باليوم العالمي ‏للأخوة الإنسانية، أن التحدي الأكبر بعد التوقيع على الوثيقة‏ كان نقل مبادئ الوثيقة التاريخية ‏إلى أرض الواقع، ‏وهو طريق ومشروع صعب للغاية يحتاج إلى تضافر الجهود لكي نمضي ‏بالسرعة المطلوبة ونحقق أهداف الوثيقة، وقد أطلقنا عدة مبادرات تستهدف الشباب والمرأة ‏والتعليم والثقافة والحوار بين أتباع الأديان، وأطلقنا مشروعات استراتيجية مثل البيت ‏الإبراهيمي وهو رسالة بأن طريق البشرية واحد وأن لكل دين خصوصيته، وخصوصية الأديان ‏من أهم رسائل الأخوة الإنسانية.‏

وتقدم المستشار عبد السلام بالشكر إلى الدبلوماسية المصرية والعربية، حيث شكلت ‏الدبلوماسية العربية وخصوصًا المصرية والإماراتية والسعودية والبحرينية تحالفًا إنسانيًّا لإحراز ‏هذا الهدف السامي بالاستجابة لمبادرة اللجنة العليا للأخوة الإنسانية باعتماد يوم توقيع وثيقة ‏الأخوة الإنسانية يومًا ‏دوليًّا يُحتفى به كل عام، والملهم في هذا القرار أنه جاء بالإجماع خلال ‏أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا يدل على أن الأخوة الإنسانية لا خلاف عليها.‏

لا نجاة ‏‏للإنسانية بدون أخوة
وعبر عبد السلام عن ثقته وأمله في أن تدخل الأخوة الإنسانية في عامها الثالث مرحلة عالمية ‏جديدة، مرحلة تصل فيه إلى العقول ‏والقلوب، لتصبح بمثابة المظلة الجامعة للبشرية، وتكون ‏الوثيقة دستورها الأخلاقي الذي يمنعها ‏من الانزلاق وراء نزعات الهيمنة والسيطرة والقضاء ‏على الآخر، وبالطبع لن نفعل ذلك ‏بالأحلام والتمني، بل يحتاج ذلك منا إلى عمل دؤوب يسير ‏وفق خطط مدروسة ومعدة تراعي ‏مشكلات العالم المعقدة وتسعى لحلها دون كلل أو ملل سعيًا ‏لسعادة وخير الإنسانية، وقد أثبتت أزمة كورونا أنه لا نجاة ‏‏للإنسانية بدون أخوة حقيقية ‏تجعلها أقوى في وجه كل الأزمات والكوارث.‏

واختتم الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية كلمته بالتأكيد على أن الأزهر سطَّر بقيادة ‏الإمام الطيب تاريخًا جديدًا برعايته لوثيقة الأخوة الإنسانية، ولا ‏زال يقدم للإنسانية المحبة ‏والسلام من خلال الجهد الكبير الذي يشارك به بقياداته وجامعته ‏ومعاهده ومختلف هيئاته ‏من أجل تطبيق الوثيقة، فأثبت بذلك أنه مؤسسة جديرة بالمسؤولية ‏الكبيرة الملقاة على ‏عاتقه تجاه الإنسانية، معربًا عن شكره وتقديره للأزهر ومؤسساته وهيئاته وطلابه وفريق ‏شباب صناع السلام الذين شاركوا بأفكار مبدعة، ويعملون بجد وإخلاص منقطع النظير من ‏أجل نشر مبادئ ‏وثيقة الأخوة الإنسانية، لذا فنحن نرى فيهم شريكًا أساسيًا وفاعلًا في كل ‏مبادراتنا، ونعول عليهم كثيرًا في العمل لأجل ‏السلام والعدل والحق لكل البشر.‏

اقرأ أيضًا:

 المسلمون والمسيحيون إخوة
نوه الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بأن الأزهر أدرك بحسه الديني وواجبه الإنساني ودوره العالمي، حاجة البشرية إلى هذا النور الذي يبدد ظلمات العنف والتطرف، ويكشف التيارات المنحرفة، حيث أعلن الأزهر عن وثيقتين؛ جاءت الوثيقة الأولى عام 2017، تحت عنوان: «إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك»، أكد خلالها أن المسلمين والمسيحيين إخوة في الإنسانية، وشركاء في الوطن، وأنهم جميعا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.

وتابع «الضويني» ، خلال احتفالية الأزهر الافتراضية عبر الإنترنت باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، اليوم ‏الأربعاء: «نص هذا الإعلان على أن «المواطنة» مصطلح أصيل في الإسلام، تقوم على قبول التعددية الدينية والعرقية والاجتماعية، وجاءت الوثيقة الثانية عام 2019، وحملت عنوان: «وثيقة الأخوة الإنسانية»، متوجها الأزهر من خلالها  إلى العالم بأسره، بدءًا بقادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصادية العالمية، من أجل وقف الحروب وسيل الدماء غير المبرر، والعمل المشترك على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، كما وجه من الأزهر من خلالها رسالة إلى المفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين بضرورة العمل على تفعيل هذه المبادئ المشرقة، مؤكدا أن مبادئ هذه الوثيقة  تواجه الانحدار الثقافي والأخلاقي الذي يعارض القيم والثوابت، ويعاني منه العالم. 

وذكر وكيل الأزهر، أننا اليوم نحتفل بحدث تاريخي مهم ومؤثر؛ موضحًا أن توقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" يفتح الأبواب لإعادة النظر في القواعد والأيديولوجيات التي تنظم العلاقات بين أتباع الأديان والعقائد، بما يضمن الكرامة الإنسانية ولا يقضي على الهويات، مضيفًا نحن اليوم تمر بنا الذكرى السنوية الثانية لتوقيع هذه الوثيقة في وقت تشتد فيه حاجة العالم إلى مبادرات حقيقية وجهد صادق وفاعل لكبح جماح التطرف الديني والفكري، ولفضح الأجندات الممولة التي تهدد بضرب أسس وركائز العلاقات بين الأمم وتغذي فرضيات ونظريات صراع الحضارات وصدامها.

 حق الإنسان في الحرية 
وأفاد بأن وثيقة "الأخوة الإنسانية" تضمنت قيما نبيلة نصت عليها الشرائع السماوية كافة، فحثت على إفشاء السلام، واتخاذه منهجا حياتيا، ودعت إلى إعلاء قيم التعارف والعيش المشترك، وأكدت حق الإنسان في الحرية المسؤولة، سواء في العقيدة أو الفكر أو التعبير أو الممارسة، وأرست آداب التعامل في ظل التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة، موضحا أن هذه الوثيقة نادت بإقامة العدل المبني على الرحمة، وبالحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وهي جميعا مبادئ توفر للبشر كل مقومات الحياة الكريمة، وتصل الإنسانية بهذه القيم النبيلة إلى كل خير.

اقرأ أيضًا:

دور ‏قطاعات الأزهر في تعزيز ‏الأخوة
وألمح الدكتور‎ ‎‏نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إلى أن المجمع قام بعقد عدد من ‏المنتديات واللقاءات التثقيفية المتعلقة بوثيقة الأخوة الإنسانية، ‏وطرق تفعيلها في الواقع المعاصر من خلال ‏المشاركة مع اللجنة العليا للأخوة والتعاون ‏مع الهيئات والجهات المختلفة، فضلًا عن  تنفيذ ‏مجموعة من البرامج لنشر الوعي ‏بأهمية الوثيقة ودورها في بناء الفكر الصحيح فيما يتعلق ‏بالعلاقة مع الآخر وأتباع ‏الديانات السماوية، ومواجهة المخاطر التي تهدد الفرد والمجتمع على ‏المستوى النظري ‏والتطبيقي، والعمل على تذليل كافة العقبات.‏

وأضاف عياد خلال الجلسة الأولى والتي دارت حول ‏«دور ‏قطاعات الأزهر في تعزيز ‏الأخوة الإنسانية»،‏ أنه في إطار مناقشة بنود الوثيقة بين الشباب، نظم مرصد الأزهر لمكافحة ‏التطرف، 6 ‏ورش عمل تحمل عنوان: «حوار حول وثيقة ‏الأخوة الإنسانية»، حضرها الكثير من ‏طلاب جامعات مصر المختلفة، وحاضر فيها مشرفو ‏المرصد وشخصيات حكومية، ‏ودارات ‏النقاشات حول التعريف بوثيقة "الأخوة الإنسانية" وأهدافها ‏وأهميتها، ودور ‏الأزهر الشريف في ‏ترسيخ قيمها، كما ناقشت الورش أهمية اعتماد ثقافة الحوار ‏كسبيل ‏للتفاهم وبناء الفرد والمجتمع.‏

اقرأ أيضًا: 

 احترام التعددية الدينية والمذهبية
من جانبه، أشار الدكتور محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر، المنسق العام لبيت العائلة المصرية، إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية تعتبر امتدادًا للنسق الفكري الأزهري الوسطي، الذي يقوم على احترام التعددية الدينية والمذهبية وقبول الآخر والعيش المشترك في سلام، مؤكدًا أن فكرة الأخوة الإنسانية متجذرة في الثقافة الأزهرية، مبينًا أن قوة العلاقات بين شركاء الوطن(الأزهر والكنيسة) يعد تطبيقًا عمليًا لوثيقة الأخوة الإنسانية.


وبين الأمير أن بيت العائلة المصرية يعمل على تأكيد القيم العليا والقواسم المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية المتعددة، كما يعمل على بلورة خطاب جديد ينبثق منه أسلوب من التربية الخُلقية والفكرية بما يناسب الشباب والنشء ويشجع على الانخراط العقلي في ثقافة السلام ونبذ الكراهية والعنف.

 نشر تعاليم وثيقة الأخوة الإنسانية
من جانبها، قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، ‏إننا عملنا على  نشر وثيقة الأخوة الإنسانية وتعليمها لأجيالنا وغرس ‏قيمها في نفوسهم وكان ذلك ‏من خلال جملة من المشاريع والبرامج، ‏فقد حرص على نشر ‏الوثيقة وتطبيق بنودها من خلال ‏تطوير مناهج معاهد البعوث ‏الإسلامية الخاصة بالوافدين؛ إذ كانت قيم الوثيقة حاضرة في ‏كل ‏المناهج، كما كان هناك منهج خاص بالثقافة الإسلامية للوافدين احتلت ‏الوثيقة فيه وحدة ‏كبيرة. 
                                                              ‏
ونبهت على أنه كان هناك سلسلة التحفة الأزهرية لتعليم اللغة العربية ‏للناطقين ‏بغيرها جاءت وثيقة الأخوة الإنسانية حاضرة في المستوى الخامس ‏منها، وكذلك كانت ‏هناك الأنشطة والندوات والرحلات والمعارض ‏والمسابقات التي يعقدها المركز؛ لإظهار قيم ‏التسامح والتخلص من ‏السلوكيات السلبية تجاه الآخر، كما تم تخصيص مكان في المعاهد ‏باسم ‏ملتقى الأخوة الإنسانية ليكون منطلقًا لاجتماعات الطلاب حول ‏الوثيقة ودراستها والنقاش حولها ‏وتفعيلها، فضلًا عن ملتقى ‏شهري للطلاب الوافدين تحت عنوان ملتقى الأخوة الإنسانية.‏

اقرأ أيضًا: