الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجاء إبراهيم تكتب: رجاء شخصي (7)

صدى البلد

المطارات مغلقة والسفر منذ عام تقريبا وحتي الآن علي قائمة الانتظار والسبب فيروس كورونا الذي يشبه التاج في شكله ويجاهد بكل شراسه ليقف حائلا بيننا وبين الحياة . والسفر اذا كان له سبع فوائد فواحدة من أهم هذه الفوائد السبع هي إنعاش طاقة ورغبة الحياة داخلنا والتشبث بالايمان بأن رحمة ربي وسعت كل شئ..ولكن أين المفر ؟؟؟ تأتي الإجابة من رحم البرد القاسي لتنقلنا رغبتنا في ممارسة الحياة الي بلاد الشمس ،الي عاصمة جنوب الوادي الساحرة محافظة أسوان ، ولكن هناك رغبة اقوي للهروب من فلك الفيروس اللعين ، مكان لانسمع فيه آخر الوفيات ولا عدد المصابين ولا حتي اخبار المصل الجديد ، إذن هي النوبة وتحديدا قرية غرب سهيل والي هناك شددنا الرحال ، وهناك بدأت رحلة الهرب بارتداء ملابس خفيفة لنأخذ حمام الشمس الصباحي في التراسينا الواسعة والخاصة بالفندق الصغير الذي يأخذ طراز البيوت النوبة الساحرة بألوانها البيضاء ورسوماتها الزاهية والمبهجة ، والمزينة جدرانها بعبارات مرحبة من القاموس النوبي ، خلال الرحلة كان المركب هو وسيلة المواصلات التي نستخدمها في تنقلاتنا عبر مياه النيل من فندق أشري نارتي ( ومعناه الجزيرة الجميلة باللغة النوبية ) إلي المزارات الرائعة من حديقة النباتات العالمية إلى قبر الاغاخان وزوجته ملكة جمال فرنسا في الخمسينات والتي عشقت أسوان وأعلنت اسلامها وأوصت بدفن جثمانها بجوار زوجها الاغاخان الهندي الذي شفاه رمل اسوان من مرض مستعصي جعله يتردد علي مستشفيات العالم لسنوات طوال وعندما شفي في أسوان تبرع بكل ماكان ينفقه علي علاجه وأكثر لخدمة اهل اسوان وأنشأ مؤسسة خيرية كبيرة وتبعته زوجته بمؤسسة خيرية أخري أطلقت عليها أم حبيبة وهو نفسه اسمها الجديد .وعشاق النوبة كثر من مصر ومن بلاد العالم المختلفة ممن يتعاملوا مع معابد واثار النوبة علي انها جزء لايتجزأ من التراث الانساني ولذلك عندما تعرضت اثار النوبة ومنها معابد فيلة وأبو سمبل للغرق وقت تشييد السد العالي في الستينات حفاظا علي ماء نهر النيل من الضياع وقت الفيضان ، وقتها هب عشاق النوبة لنجدة اثارها ومنهم السيدة دي نويل كور رئيسة القسم المصري في متحف اللوفر بباريس في الستينات والتي ظلت تعمل في حركة محمومة ولاتهدأ خلال سنوات طوال لإنقاذ أثار النوبة وتحديدا معبد أبوسمبل وقد أحب اهل النوبة السيدة الفرنسة دي نويل كور واطلقوا عليها لقب ( أم سمبل ) كما جاء في مذكرات دكتور علي السمان أوراق عمري ، والحديث عن أثار النوبة والسحر الذي يحدثه في النفوس حديث يطول ولكن يكفي ان نتوقف عند معايد فيلا وهي تتوسط اعمق بقعة في نهر النيل في اسوان وصوت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامه وهو يخرج من بين جدران المعبد ليلا وهي تحكي قصة ايزيس وازوريس خلال متابعة الاسطورة بالصوت والضوء وحاله من الجلال والبهاء والشموخ تملأ كل النفوس التي جاءت الي المعبد لتبحث عن مصدر جديد لشحن طاقة الحياة تستمدها من قوة الفراعنة انفسهم !! تلك الطاقة الخفية التي شحنت اهل النوبة علي مدار سنوات وسنوات وجعلت منهم اناس مختلفين عن غيرهم من البشر وتستشعر هذا الاختلاف الانساني بمجرد ان تحل عليهم ضيفأ او زائرا..وتمضي ايام الرحلة الي النوبة سريعا والغريب أننا عندما كنا تستعد للعودة كنا ( تقريبا ) نسينا أن هناك وباءا عالميا اجتاح كوكب الارض منذ عام مضي ..رجاء شخصي لكل من يفكر في مكان لشحن الطاقة الايجابية وانعاش طاقة الحياة والتصدي لكتائب اليأس والمرض  ، لاتتردد في وضع النوبة أول وجهتك في رحلة الشحن والاستشفاء.