الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحياة النيابية والانتفاضات.. حكاية أول دستور أرسى الديمقراطية في مصر

الدستور
الدستور

ارتبطت الدساتير فى مصر بالانتفاضات الشعبية والثورات الوطنية، ففى ٧ فبراير ١٨٨٢ وطدت مصر أول ملامح للحياة الديمقراطية من خلال دستور ١٨٨٢ الذى تم إقراره فى عهد الخديو توفيق، بعد فترة نضال مجيدة للشعب المصري التي كان يتزعمها البطل أحمد عرابي.


- إرساء قواعد البرلمان:
عمل دستور ١٨٨٢ على إرساء قواعد البرلمان فكان أول دستور مصري ظهرت فيه فكرة وجود مجلس نواب يختص بالتشريع، ويراقب "الحكومة"، وكان النواة الأولى لمجتمع قائم على دولة القانون والديمقراطية، وتكون من ٥٣ مادة، حددت كيفية انتخاب النواب وواجباتهم ومهامهم وكيفية انعقاد المجلس وانتخاب رئيسه والوكلاء، ولكنه كان دستورا قاصرا على الحقوق والحريات الأساسية للمواطن في مصر حيث لم يتطرق إليها.


- الاحتلال الإنجليزي وإلغاء دستور ١٨٨٢:


ولكن سرعان ما قامت سلطات الاحتلال الإنجليزي بإلغاء دستور ١٨٨٢، لإحكام سيطرتها التامة على مصر، حيث اتخذت عدة قرارات منها حل الجيش وحل مجلس النواب وتشكيل مجالس صورية بدلا الدستور، واستبدل به ما عرف بالقانون الأساسي.


- نضال الشعب المصري وصدور دستور ١٩٢٣:


لم يتخل الشعب المصري عن نضاله لتحقيق الديمقراطية  والاستقلال ، فقامت عدة احتجاجات من قبل الحركات الوطنية ضد قوات الاحتلال ظهرت من خلالها زعامات شعبية كبرى مثل مصطفى كامل وسعد زغلول، ما قاد في النهاية لاندلاع ثورة ١٩١٩، وفى خلال تلك الفترة نشأت أحزاب سياسية بدأت تؤثر في مسيرة الحركة الوطنية مثل الحزب الوطني والأحرار والدستوري والأمة ؛وترتب عليه تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، الذي أعلن فيه انتهاء الحماية البريطانية والاعتراف بمصر دولة ذات سيادة، الأمر الذي مهد لصدور (دستور ١٩٢٣) والذى تضمن تقييدا كبيرا على سلطات الملك قياسًا بالسلطات المطلقة التي كان يتمتع بها خديوي مصر على الأقل من الناحية الدستورية، وكان أخطر تلك السلطات على الإطلاق هو حق حل مجلس النواب.


وأورد الدستور هذا الحق خاليا من أي شرط أو حد أقصى لمرات الحل، باستثناء عدم جواز حل مجلس جديد لنفس السبب الذي حل الملك من أجله سابقه، وهو ما فتح الباب أمام الملك لحل البرلمان كلما اقتضت مصلحته السياسية.


ونص هذا الدستور على أن «مصر دولة ذات سيادة وهي حرة مستقلة ملكها لا يجزأ ولا ينزل عن شيء منه وحكومتها ملكية وراثية وشكلها نيابي،الملك هو رئيس الدولة الأعلى وذاته مصونة لا تمس ، مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة، ويتكون البرلمان من مجلسين، والمصريون لدى القانون متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين وأيضًا الحرية الشخصية مكفولة».


ومن الناحية العملية تعثر دستور ١٩٢٣، فتم حل مجلس النواب أكثر من مرة، بل إن جميع المجالس التي شكلت في ظل «دستور 23» لم تكمل مدتها الدستورية، المجلس الذي بدأ اجتماعاته في ٢٣ مارس عام ١٩٢٥ تم حله في ذات يوم انعقاده، لم يدم دور انعقاده سوى تسع ساعات فقط. ثم ما تلا ذلك عدة أحداث ساعدت فى إلغاء دستور ١٩٢٣.


 - صدور دستور ١٩٣٠:

صدر دستور ١٩٣٠ فى عهد وزارة إسماعيل صدقي بتكليف من الملك فؤاد الأول ، وسحب العديد من الاختصاصات من مجلس النواب، وأهدر الصفة النيابية لمجلس الشيوخ، ورفع نسبة الأعضاء المعينين فيه إلى ما فوق الأغلبية، وقلص من حق المواطن المصري في اختيار ممثليه، فجعل الانتخاب على درجتين، واشترط في ناخبي الدرجة الثانية نصابا ماليا، مهدرا بذلك مبدأ المساواة بين المواطنين.


ولكنه ولم يدم طويلا، بسبب تزايد الضغط الشعبي ورفض مصر للنظام السياسي الذي قام على أساسه، حيث شهدت البلاد نكسة في الحياة الديمقراطية والاستقلال، فصدر الأمر الملكي عام ١٩٣٤ بإلغاء الدستور وحل مجلسي البرلمان اللذين قاما في ظله وطبقا لأحكامه. وفي ١٩ ديسمبر .


وفى عام ١٩٣٥ صدر أمر ملكي قضى بإعادة العمل بدستور عام ١٩٢٣، وظل الحال على هذا المنوال حتى قيام ثورة يوليو ١٩٥٢، حين أعلن مجلس قيادة الثورة في ١٠ ديسمبر ١٩٥٢ إلغاءه نهائيا.


بعد قيام ثورة يوليو، شُكلت لجنة تأسيسية لاقتراح دستور جديد للبلاد، وتكونت اللجنة من خمسين من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقضائية والعسكرية في مصر تحت قيادة رئيس الوزراء "علي ماهر"، وقدمت مسودة تسمى دستور ١٩٥٤ ،التى تم صياغتها وفق نظام جمهوري برلماني يستفيد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويحقق توازنا بين سلطات الدولة، كما أنه قام على رؤية ليبرالية واضحة تضمن الحريات السياسية والاجتماعية، وتعطي مكانة مهمة للسلطة القضائية. لكن عندما قُدمَت هذه المسودة لمجلس قيادة الثورة تم تجاهلها.


-دستور ١٩٥٦:

عند نهاية الفترة الانتقالية بعد ثورة الظباط الأحرار صدر في ١٦ يناير ١٩٥٦ دستور جديد، أجري استفتاء عليه في ٢٣ يونيو من  نفس العام، وعلى أساس هذا الاستفتاء التى كانت نتيجته البدء بالعمل بالدستور شكل أول مجلس نيابي في ظل ثورة 23 يوليو أطلق عليه «مجلس الأمة».
وكان دستور ١٩٥٦ البذرة الأساسية التي بنيت عليها كل الدساتير المصرية حتى يومنا هذا، وهو الذي رسخ فلسفة سيطرة السلطة التنفيذية على مقدرات البلاد، ودمج كل سلطات الدولة ومؤسساتها في شخص رئيس الجمهورية .


-دستور الوحدة ١٩٥٨:

صدر هذا الدستور إثر قيام الجمهورية العربية المتحدة باتحاد سوريا ومصر، واستمر العمل به حتى ٢٥ مارس ١٩٦٤ أي بعد سقوط الوحدة بـ3 سنوات، عندما صدر دستور مؤقت لمصر التي بقيت تعرف رسميًا باسم "الجمهورية العربية المتحدة".


-الدستور الدائم ١٩٧١:

 أعلن الرئيس محمد أنور السادات صدور الدستور الدائم، في ١١ سبتمبر ١٩٧١ وبعدما تخلت مصر عن اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، ونص الدستور على أن «جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة،وأن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية وظل معمولا بهذا الدستور حتى ١٣ فبراير ٢٠١١ ولكنه تم التعديل عليه أكثر من مرة.


-تعديل عام ٢٠٠٥:

عدل الدستور لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة بدلا من نظام الاستفتاء، والتي جرت على أثرها أول انتخابات رئاسية في مصر وانتهت باستمرار حسني مبارك في منصب الرئاسة للمرة الخامسة.


-تعديل ٢٠٠٧:

في ٢٦ مارس ٢٠٠٧، جرى استفتاء بموجبه عُدل الدستور مرة أخرى وشملت التعديلات حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب المادة "١٧٩ ".


وأدت التعديلات التي جرت في 2007 إلى غضب سياسي واحتقان شعبي، نتيجة للانباء والتوقعات المحتملة عن توريث الحكم لنجل الرئيس مبارك. وجاءت ثورة 25 يناير لتقلب الأوضاع ،وأصبحت المطالب هي إعادة كتابة دستور جديد، بدلا من تعديل مادة أو مادتين في الدستور.


-دستور ٢٠١٢:

صدر هذا الدستور بعد ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تولى إدارة شئون مصر، وشكل لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية، وتم عرضها للاستفتاء على الشعب في ١٩ مارس ٢٠١١، ونص الإعلان الدستوري على أن ينتخب أعضاء مجلسي الشعب والشورى، أعضاء جمعية تأسيسية من 100 عضو لكتابة دستور جديد في غضون 6 أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض مشروع الدستور خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء، وتم إقراره في 25 ديسمبر 2012 بموافقة نحو 64% واعتراض 36% .


-دستور ٢٠١٤:

وبعد ثورة ٣٠ يونيو التى كانت أكبر انتفاضة شعبية بعد ثورة ٢٥ يناير ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية تعطل العمل بدستور ٢٠١٢على أثره صدر دستور ٢٠١٤و تضمن عدة أمور منها منع إنشاء الأحزاب على أساس ديني، وقُدمت حينها للرئيس المؤقت عدلي منصور لتعرض على الشعب المصري للاستفتاء عليها وأيد الدستور 98.1% ولكنه تم التعديل عليه فى عام ٢٠١٩ وتم إقرار التعديلات فى ٢٣ إبريل من نفس العام بعد القيام بإستفتاء شعبي ، وتضمنت التعديلات الدستورية التي وافق عليها الشعب، 12 مادة معدلة بالإضافة إلي استحداث 10 مواد تتعلق بمجلس الشيوخ، ومنصب نائب رئيس الجمهورية وما يتعلق بهم من مواد تنظيمية.