الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. جوزيف رامز أمين يكتب: تصور منطقي لمستقبل مفاوضات سد النهضة

صدى البلد

 فى إطار ثبات استراتيجية مصر للتفاوض بشأن سد النهضة  والتى أعلنها وأكدها الرئيس السيسى ذات مرة.. فإن المفاوضات الثلاثية بين "مصر واثيوبيا والسودان" من المقرر أن تتواصل تحت قيادة الرئيس الكونغولى "فيليكس تشيسيكيدي" الرئيس الحالى للاتحاد الافريقى،  وليكمل  الدور الذى سبق وقامت به جمهورية جنوب افريقيا للوساطة ولكن دون التوصل لاتفاق حتى الآن.. وفى ظل مسيرة قاربت العشر سنوات وحيث شهدت فى عامها الأخير وساطة أمريكية قاربت على أن تكلل بالنجاح لولا المراوغة الاثيوبية. ولقد فشل مؤخرا الاجتماع السداسي فى يناير الماضى بين وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وإثيوبيا، فشل في التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض. 

                                                                                                   

المعروف أنه منذ العام 2011، أصبح هذا السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق مصدر توتر شديد بين أديس أبابا من جهة والقاهرة والخرطوم من جهة ثانية. ويتوقع أن يصبح هذا السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في إفريقيا. وتتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور حوالي 10 سنوات، لم تتمكن من الوصول حتى الآن إلى اتفاق.            

                                     

وفى رأيى أن مسار المفاوضات لم يتغير فيه الإشراف على مساره فقط وتولى جمهورية الكونغو الأقرب جغرافيا وسيكولوجيا وسياسيا خاصة لمصر والسودان ولكن أيضا تغير الموقف السودانى من مسألة اكتمال  سد النهضة وتصريحات مسئولية بأن السد يمثل تهديدا لحياة 20 مليون سودانى , زد على ذلك النزاع الحدودى بين البلدين وتدفق اللاجئين الاثيوبيين على الحدود السودانية .. ناهيك عن الوضع الداخلى فى اثيوبيا والذى أصبح مفككا فى ضوء تداعيات القتال الأخير فى اقليم تيجراى  وأيضا اختلاف  الآراء بشأن معايير الحوكمة حول العلاقات بين الدول الثلاث ومطالبة أطراف عديدة بوجود وساطات  دولية ملزمة سواء دولية أممية أو أمريكية أو أوروبية بجانب الوساطة الأفريقية...بينما تتمسك اثيوبيا بالوساطة الأفريقية فقط ولاترعب فى وجود أطراف دولية....لكن من المتوقع أن تتسع أطراف المعادلة وأدوار التأثير والتأثر فى القضية.         

               

الثقة فى وساطة الكونغو:

ولقد أعلن الرئيس السيسى فى خطابه أمام الاتحاد الأفريقى عبر تقنية الفيديو كونفرانس يوم  السبت، ، خلال أعمال الدورة العادية الـ٣٤ لمؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي."اننا  نثق في قدرة الاتحاد الأفريقي برئاسة الكونغو على التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة.. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس ألقى كلمة أمام القمة الأفريقية، ركز أثناءها على أهمية تعزيز الجهود القارية المشتركة لمكافحة تداعيات جائحة كورونا على اقتصاديات، وصحة وأمن الشعوب الأفريقية على المستويين الوطني والإقليمي.  


وتطرق الرئيس ..والذى تشغل بلاده منصبا فى مكتب رئيس المفوضية للعام الثالث على التوالى.. إلى الدور الحيوي لعملية الإصلاح المؤسسي والمالي والإداري للارتقاء بالاتحاد الأفريقي، فضلًا عن تأكيده على ضرورة الاستمرار في تطوير البنية التحتية القارية كخطوة أساسية لتحقيق الاندماج والتكامل المنشودين، إلى جانب تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، مشددًا في هذا السياق على دعم مصر لمختلف محاور أجندة التنمية الأفريقية 2063. وحرص الرئيس على التوجه بالشكر والتقدير إلى الرئيس الجنوب أفريقي "سيريل رامافوزا" على جهوده في إطار رعاية المفاوضات الثلاثية الساعية للوصول إلى اتفاق شامل وعادل ومُلزم فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة، أثناء رئاسة جنوب أفريقيا للاتحاد الأفريقي، معربًا عن الثقة في قدرة الاتحاد تحت قيادة الرئيس الكونغولي "فيليكس تشيسيكيدي" في المساهمة في دفع المساعي الرامية للتوصل إلى الاتفاق المنشود بما يراعي مصالح الأطراف المعنية، ويحفظ حقوق مصر المائية في مياه نهر النيل.    

                    

وهو الأمر الذى  يؤكد أنه على علم ودراية بما يدور فى هذه الأزمة، وأنه من المتوقع  أن يكون للكونغو دور فى حل أزمة سد النهضة، خاصة أنها ستكون مرحلة جديدة بوساطة جديدة بقيادة الكونغو، ونتمنى أن تصل لحل لهذه الأزمة. فمصر دائما تتبع الطرق الدبلوماسية لحل أزمة سد النهضة، وأن قدرات الرئيس وفطنته الدبلوماسية  وحنكته السياسية ووطنيته وحبه لبلده عامل حاكم بهذا الصدد,بشرط أن يكون  هناك حل عادل ومناسب لجميع الأطراف وأن يلازمه "اتفاق قانونى ملزم للجميع فيما يخص قواعد الملء والتشغيل" .

                                   

تصريحات السيسي: تكاتف المصريين عامل أساسي للتغلب على مشكلة «سد النهضة

تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن تكاتف المصريين وتوحدهم كعامل أساسي في حل المشكلات والتغلب على التحديات المختلفة التي تواجه الدولة، ومنها سد النهضة الإثيوبي. وأضاف في تصريحات عبر برنامج " مصر الحكاية "المذاع مساء السبت على قناة "أم بى سى "طول ما إحنا واحد منقلقش من حاجة"، مشيرًا إلى ضرورة ثبات المصريين وعدم القلق من أي شيء. 

                                                            

وأكد الرئيس السيسي، أننا سنصل إلى حل إيجابي في قضية سد النهضة، عن طريق التفاوض والجلوس على مائدة المفاوضات، مضيفا: «سنصل إلى نتائج إيجابية عن طريق التفاوض، ولكن يجب علينا الثبات وعدم القلق. وتابع: هنصل لنتيجة في التفاوض بثباتنا كمصريين، مشيرًا إلى أنه لا يجب على أي مصري القلق أو الخوف".  

                                                                                                    

المشكلة الإثيوبية:

ولعل المشكلة الاثيوبية لا تنبع فقط من أحادية تلك المواقف وعدم رغبتها فى الانصياع لمواقف الآخر ,ولكن أيضا فى تغير تلك المواقف وخروجها كل حين بمقترحات ومحددات جديدة تقلب المعادلة رأسا على عقب دون طمأنة الطرفين الآخرين والالتزام بقواعد محددة لكيفية ملء وتشغيل السد.           

                       

فمؤخرا ولليوم الثاني على التوالي واصل وزير الري الإثيوبي إطلاق تصريحات نارية في تحد واضح لمصر والسودان حول أزمة سد النهضة,فقد جدد وزير المياه والري الإثيوبي سلشي بقلي،  السبت، رفض إثيوبيا أي اتفاق يحيد عن إعلان المبادئ بشأن سد النهضة الإثيوبي الموقع في مارس 2015وقال الوزير الإثيوبي، إن مشاكل خطيرة ظهرت في المفاوضات الثلاثية بسبب "حملة تشويه" للسد، لافتا إلى أن مصر والسودان لم تتمكنا من التوصل إلى اتفاق بإثارة "آراء متناقضة.". وكانت الدول الثلاث قد أبرمت من حوالى ست سنوات وبالتحديد في 23 مارس  2015 اتفاقية الخرطوم لمبادئ سد النهضة التي وقعها عليها كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس السوداني السابق عمر البشير إلى جانب رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيلي ماريام دسالين. ومثل اتفاق المبادئ حينها مرحلة مهمة ونقلة شرعية لمشروع السد، ودلالة على تقديم المصلحة الإقليمية لدول نهر النيل الثلاثة. وتضمن الاتفاق بين الدول الثلاث، 10 مبادئ أهمها:    


مبدأ التعاون، ومبدأ التنمية، والتكامل الإقليمي والاستدامة، ومبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن، إلى جانب مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب، ومبدأ التعاون في الملء الأولي وإدارة السد، ومبدأ الثقة بين الأطراف. إضافة إلى مبادئ أخرى تدعو في جملتها إلى تحقيق الأمن الإقليمي، والمصالح المشتركة لدول النيل الثلاث.                 

                                                                                   

وفى الوقت الذى لم يتم فيه الالتزام ببود الاتفاق المشار اليه قال الوزير الاثيوبى  "يجري بناء سد النهضة بشكل سريع، ومن المتوقع أن يخزن السد 13.5 مليار متر مكعب من المياه في موسم الأمطار القادم. مؤكدا أن أديس أبابا غير معنية بفشل التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، ومعلنا اكتمال بناء أكثر من 78% من السد. كما أوضح خلال مؤتمر صحفي، أن الأعمال الهندسية في بناء السد وصلت إلى 91% بينما بلغت نسبة البناء الكلية 78.3%. وأكد أن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لبحيرة سد النهضة الإثيوبي الكبير خلال الأشهر القليلة المقبلة.   

                                                                                               

وكانت إثيوبيا قد تجاهلت تحذيرات مصرية وسودانية متتالية، بضرورة الوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة، حيث صرح وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، مرارا أن بناء السد يسير كما هو مخطط له.  

              

من جانبه ,اعترف رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بما يدور حول سد النهضة، والجدل المثار حاليًّا بعد التعنت الإثيوبي في أكثر من مناسبة الذي يحول ضد التوصل إلى اتفاق بشأن السد؛ وأكد آبي أحمد في مقاله أنه "يأمل بشدة أن يكتسب سد النهضة الإثيوبي، عند اكتماله، دعم جميع جيراننا وأن يوفر فرصًا غير مسبوقة للجميع في شرق إفريقيا.            

                                                                               

وأتصور فى النهاية تحريكا لهذه الأزمة خاصة بعد وصول المبعوث الأوروبى للوساطة بين إثيوبيا والسودان فى النزاع الحدودى بينهما حول منطقة "قفشة" المتنازع عليها...ومن المنطقى أن يكون هناك دور منتظر للوساطة الأمريكية التى سبق وجمعت الدول الثلاث "مصر, واثيوبيا, والسودان " فى واشنطن خلال ادارة ترامب وكانت قاب قوسين أو أكثر من توقيع اتفاق لولا المراوغة الاثيوبية...كما أنه من الوارد أن تنخرط ادارة الرئيس الأمريكى "بايدن"بهذا الشأن خاصة وهى تتحسس سياستها فى الشرق الأوسط وأفريقيا.. كما أن اختلاف الموقفين الاثيوبى والسودانى أفضل من تشابههما وسيصب فى صالح الجميع فى النهاية...لأنه يجب أن تميل الكفة فى النهاية لكن تعلقها سيكون فى صالح من يرغب فى المناورة وعدم الالتزام...كما أن اثارة الموضوع بالجدية المطلوبة وفى ضوء أوراق ضغط داخلية واقليمية ودولية عديدة سيكون كفيلا بحل مُرضٍ للجميع فى النهاية.