الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمود بكري يكتب: الأمريكان وحقوق الإنسان (3)

صدى البلد


  تتباهى الولايات المتحدة الأمريكية أنها " أرض الحرية " و " منارة الديمقراطية " ، إلا أن هذا ليس سوى شيئًا لخداع الشعوب والعالم .. ومن ينظر إلى سجلها الداخلي في مجال حقوق الإنسان يصاب بالدهشة ، فهي بلد المتناقضات والشعارات الزائفة ، كما أنها أكثر بلاد العالم انتهاكًا لحقوق الإنسان .

فقد كشفت مؤخرًا شبكة ( CNN ) الإخبارية العالمية في تقرير أعدته ، أن انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها عدد المعتقلين ووفاة النزلاء داخل السجون الأمريكية هي الأعلى بين الدول المتقدمة ، ونقلت الشبكة عن مصادر قضائية وحقوقية قولها أن عدد حالات الوفاة داخل السجون الأمريكية بلغ 1384 خلال الفترة بين منتصف 2015 ومنتصف 2016 ، كما بلغ عدد الأشخاص الذين قتلتهم الشرطة حوالي 1000 شخص عام 2018 أي نسبة 31 لكل 10 ملايين شخص ، وأوضحت الشبكة في تقريرها أن عدد السجناء في الولايات المتحدة هو الأعلى في العالم ، إذ بلغ 655 سجينًا لكل 100 ألف شخص عام 2018 ... وهو الأمر الذي أكدته تقارير عدة لمنظمات حقوق الإنسان ، أشارت إلى أن عدد السجناء في الولايات المتحدة يتجاوز مليونين و300 ألف سجين ، موزعين على سجون فيدرالية وأخرى محلية ، بالإضافة إلى سجون تشرف عليها شركات خاصة في ولايات عدة .

وليست الكارثة في عدد السجناء والمعتقلين ، بل فيما يتم ممارسته داخل هذه السجون من انتهاكات لحقوق الإنسان ، حيث يعامل المعتقلين معاملة مهينة ، خاصة ذوي البشرة السوداء والمهاجرين والنساء ، حيث تشير عدة دراسات حقوقية إلى أن التعذيب والعنف داخل الولايات المتحدة الأمريكية أصبح " نمط تعامل " وليس مجرد ممارسة عشوائية ، فالممارسات اللإنسانية المطبقة في السجون تطبق في الشوارع على الفقراء والمهاجرين والأطفال وذوي البشرة السوداء .

وقد ذكر تقرير نُشر على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل في ابريل 2019 ، أن سجون ألاباما للرجال أخفقت في حماية النزلاء من العنف بين المساجين ومن الإساءة الجنسية ، وأن النزلاء يواجهون ضررًا شديدًا ، يشمل الضرر المميت نتيجة لذلك .. كما نشر الموقع الإلكتروني لجريدة (The Sun) في ديسمبر 2019 تقريرًا أشار فيه إلى أن 12 أمرأة أقمن دعاوى ضد مجمع كوليمان الإصلاحي الفيدرالي جراء إساءات ممنهجة قلن إنهن تعرضن لها في السجن .

هذا بخلاف سياسة الحبس الإنفرادي التي تنتهجها السجون الأمريكية ، والتي تُعد أحد ممارسات التعذيب وفقًا للأمم المتحدة ، لما تسببه من ألمًا ومعاناة عقلية وجسدية شديدة ، وقدر مسح للسجون على مستوى الولايات أجرى في 2017 ، أن نحو 41 ألف سجين يتم احتجازهم في سجن انفرادي في أي يوم ، بحسب تقرير نُشر في سبتمبر 2019 على الموقع الإلكتروني لصحيفة (The Guardian).

إن ما يحكم الممارسات والسياسات الأمريكية الغريزة العنصرية التي تتحكم بهم بشكل باطني ، وبرغم هذا تنتقد أمريكا الدول والحكومات التي يتعرض جزء قليل من مواطنيها لأقل الممارسات العنصرية الشبيهه ... فهل يمكن لنا أن نتصور الموقف الأمريكي إذا قتلت الشرطة في أي بلد عربي ربع العدد الذي تقتله الشرطة الأمريكية ؟ أو إذا عاملت أي دولة عربية السجناء والمعتقلين نفس المعاملة الوحشية واللإنسانية التي يعامل بها السجناء في الولايات المتحدة ؟ ... هذه الازدواجية الأمريكية ليست جديدة ولا تفارق واشنطن عادتها في إصدار التقارير التي تدين انتهاك حقوق الإنسان في عديد من الدول ، متناسية ممارسات أجهزة الشرطة الأمريكية مع المواطنين والسجناء والمعتقلين ، ومن يقرأ اليسير من تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة  يدرك – بكل وضوح – زيف الشعارات التي بشرت بها العالم عقب الحرب العالمية الثانية ، إذ لم تجد هذه الإدارات أي غضاضة في أن تدوس على كل القيم التي نادت بها إذا ما تبين أنها تحول دون تحقيق مصالحها الذاتية ... وللحديث بقية .